كريتر نت – متابعات
شكل الاتفاق المبدئي الذي أبرم مساء السبت الماضي بين الحكومة الأميركية والجمهوريين في الكونغرس حول رفع سقف الدين انفراجا للأسواق المالية التي لم تشهد حركة ذعر جراء هذه القضية، لكن صبرها كان بدأ ينفد.
وغالبا ما يتم التوصل إلى تسوية في اللحظة الأخيرة في ملفات كهذه، ومع ذلك كان عدم الاتفاق على هذا الموضوع قبل الخامس من يونيو المقبل سيترك الولايات المتحدة تتخلف عن سداد مستحقاتها لأول مرة في تاريخها، ويهدد بزلزلة الاقتصاد العالمي.
ويجب الآن على الرئيس جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي اللذين أبرما الاتفاق أن يرعيا إطار العمل للتمرير التشريعي النهائي أمام اعتراضات المتشددين في كلا الحزبين.
ويفترض أن يتم طرح القانون للتصويت الأربعاء المقبل. وقال مكارثي للصحافيين في مبنى الكابيتول إنه “لا يزال أمامنا الكثير من العمل، لكنني أعتقد أن هذا اتفاق من حيث المبدأ يستحقه الشعب الأميركي”.
الصفقة تمنح وزارة الخزانة سلطة اقتراض غير مقيدة حتى يناير 2025 قبل أن تحتاج إلى موافقة الكونغرس على أي زيادة أخرى
وقدم بايدن ومكارثي تنازلات متبادلة بشأن الإنفاق الفيدرالي ومساعدة الفقراء كجزء من صفقة الحد من الديون. وستتيح صفقة سقف الديون الآن لوزارة الخزانة فعليا سلطة اقتراض غير مقيدة حتى يناير 2025، قبل أن تحتاج إلى موافقة الكونغرس على أي زيادة أخرى. وسيكون ذلك بمثابة فوز للديمقراطيين وخاصة بايدن، الذي لن يضطر إلى مواجهة معركة أخرى للحد من الديون قبل السعي لإعادة انتخابه العام المقبل.
وقال مصدر مطلع على الصفقة لوكالة بلومبرغ إنّ “المفاوضين اتفقوا على إبقاء الإنفاق غير الدفاعي ثابتا تقريبا العام المقبل وزيادته بنسبة واحد في المئة فقط في عام 2025”.
وتضع الصفقة قيودا على ما يُعرف بالإنفاق التقديري، وهي الأموال التي يخصصها الكونغرس كل عام لتمويل الوكالات والبرامج الفيدرالية. ولا تنطبق القيود على البرامج الإلزامية مثل الرعاية الصحية والأمن الاجتماعي.
وسيرتفع الإنفاق الدفاعي العام المقبل بنسبة 3.3 في المئة، كما طلب بايدن في ميزانيته المقترحة. وهذا أقل من معدل التضخم، ولذا، فهو لا يلبي تطلعات صقور الدفاع الجمهوريين في الحشد العسكري.
لكنّها تختلف عن صفقة سقف الدين عام 2011، حيث تم تطبيق حدود الإنفاق بشكل عادل على الإنفاق الدفاعي وغير الدفاعي.
وتعني التسوية أن العديد من البرامج الفيدرالية ستواجه تخفيضات في الميزانية العام المقبل، إذ لن تكون هناك زيادة لحساب التضخم، حيث يتمتع الكونغرس بسلطة الموافقة على المزيد من الإنفاق في حالة وقوع حدث غير متوقع، مثل الحرب أو الوباء.
وفي يناير الماضي، تجاوزت الولايات المتحدة سقف الدين المحدد عند نحو 31.4 تريليون دولار، ما يعادل 125 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بينما يحظر تجاوزه دون موافقة من مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
وتدعو الصفقة إلى توسيع تدريجي لكوبونات الطعام وفق متطلبات العمل لتشمل المستفيدين الأكبر سنا، والمعروف باسم “برنامج المساعدة الغذائية التكميلية”. وتتضمن بنودها رفع حد السن الأقصى لتطبيق متطلبات العمل للحصول على المساعدة الغذائية، حتى سن 54 عاما، بدلا من سن 49، كما في القانون الحالي.
وتقول الحكومة إنها حققت انتصارا من خلال الحصول على استثناءات لقدامى المحاربين والفئات الضعيفة. وتزعم الإدارة أيضا أن هناك خيارا من شأنه أن ينهي متطلبات العمل الأكثر صرامة في عام 2030 دون إجراء إضافي من قبل الكونغرس.
125 في المئة نسبة سقف الدين من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة
لكن معايير العمل الأكثر صرامة هي فوز للجمهوريين، الذين ضغطوا من أجل قواعد عمل إضافية للبالغين الذين يسعون للحصول على مساعدة لمكافحة الفقر. ويقولون إن هذا سيوفر المال عن طريق تقليل عدد الأشخاص الذين يتلقون مزايا من تلك البرامج.
ومع ذلك فمن المرجح أن يدفع هذا الجزء من الصفقة بعض الديمقراطيين التقدميين، الذين لا يريدون طرد الأميركيين ذوي الدخل المنخفض من البرامج الاجتماعية، إلى معارضة الصفقة.
وتم إلغاء خطة واسعة لتسريع الموافقات على مشاريع الطاقة إلى حد كبير من الاتفاقية، وهو فوز للتقدميين الذين عارضوا التغييرات الرئيسية لقانون البيئة الأساسي، وفقا لمساعد من الحزب الديمقراطي قد اطلع على الأمر.
وقال المساعد، الذي لم تذكر بلومبرغ هويته، إن “شركات الوقود الأحفوري وأنصارها من الجمهوريين حصلوا على تعديلات طفيفة لتبسيط المراجعات البيئية فقط، مثل تعيين وكالة رائدة وجيدة لرعاية مراجعة تأثير واحدة”.
لكن الاتفاقية لا تحد من نطاق قانون السياسة البيئية الوطنية البالغ من العمر 53 عاما، والذي يتطلب مراجعات بيئية لمشاريع الطاقة، أو يقلل الوقت المتاح للمعارضين للطعن في موافقات المشروع.
وبحسب مصدر ثان مطلع على المحادثات، فإن رغم هذه الخطوات، إلا أنه لا تزال بعض إشكاليات التصاريح قيد التفاوض، بينما تتم كتابة نص الاتفاقية التشريعي.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني فيتش قد وضعت الأسبوع الماضي تصنيف الولايات المتحدة وهو أي.أي.أي تحت المراقبة، معتبرة أن الفشل في التوصل إلى اتفاق “سيوجه إشارة سلبية على صعيد الحوكمة”. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا إن الاقتصاد العالمي، الذي يعاني أساسا من “عدم يقين كبير”، “بغنى” عن هذه المداولات المتوترة.