ضياء رشوان
يعرف كثيرون مصطلح “النقطة العمياء” سواء في مجال طب العيون أو مجال قيادة السيارات.
وفي مجال طب العيون يتم تعريفها عموماً بأنها حجب يحدث في مجال الرؤية بسبب نقطة عمياء طبيعية تعرف باسم النقطة العمياء الفسيولوجية، تخلو من أي مستقبلات الضوء، وهي تقع على الشبكية حيث يمر العصب البصري الذي يؤدي إلى الرؤية ويتحكم فيها.
وحيث إن هذه النقطة تخلو من وجود مستقبلات للضوء، فإن ما يقابلها في الواقع ضمن مجال الرؤية لا تتم رؤيته. وتضيف علوم طب العيون نقطة مهمة للغاية هنا، وهي أن خلايا المخ لدى المصابين بالنقطة العمياء في عيونهم، تسعى لتعويض هذا العيب فترسل للمصاب بها إشارات تجمعها حول الشيء أو الأشياء التي تعجز العين المصابة عن رؤيتها، فلا يدرك صاحب هذه العين إصابته بذلك المرض إلا عندما تواجهه مشكلة تتعلق بالرؤية أو يقوم بفحص طبي على عينيه.
وفي مجال قيادة السيارات يتم تعريف النقطة العمياء عموماً أنها تلك هي المساحة التي تقع بشكل خاص على جانبي السيارة الأيمن والأيسر، والتي لا يمكن للسائق رؤيتها في المرايا الجانبية أو الوسطى أثناء قيادته السيارة، ويضاف لهذا نقطة عمياء أخرى أقل وضوحاً في خلفية السيارة وتظهر أكثر عندما محاولة ركنها، كما أن هناك نقطة عمياء ثالثة تظهر أمام السيارة في بعض لحظات قيادتها ولا يرى سائقها ما أو من هو أمامه فيصطدم به.
في مجال طب العيون يمكن معالجة بعض حالات النقطة العمياء بدءاً من تمارين للعين مروراً بأدوية وانتهاء بمعالجات بالليزر والجراحة، أخذاً في الاعتبار الأسباب المؤدية إلى وجودها. وفي مجال السيارات، تقوم شركات صناعتها بتجهيزها إما بمرايا جانبية ووسطية ذات مواصفات خاصة ودقيقة أو بكاميرات خاصة توضح كافة النقاط التي لا يمكن للسائق رؤيتها بالعين المجردة عبر المرايا الجانبية أو المرآة الوسطى، فضلا عن تزويد السيارات بحساسات إلكترونية موضوعة في مناطق النقطة العمياء، لتصدر أصواتاً تنبه قائد السيارة إلى ما لا يراه في النقاط العمياء.
ما ورد في طب العيون وفي مجال السيارات وقيادتها، لا يختلف كثيراً عما يجري في إعلام جماعة الإخوان سواء التقليدي أو على شبكات التواصل، والموجه تجاه مصر ومن خارجها، سواء قام به أعضاء منتمون للجماعة أو “ملتحقة” بهم من تيارات أخرى.
فبتشخيص هذا الطب أو تلك السيارات، فهذا الإعلام بالفعل لديه عديد من النقاط العمياء تبدو واضحة ومؤكدة من مجرد متابعته بدقة ولو حتى لوقت قصير. فمصر الكبيرة بتجربتها المركبة الكبيرة أيضاً، لا يظهر في عيون إعلام الإخوان أو في مراياهم الجانبية أو الوسطى أي شيء مما جرى ويجري فيها من إنجازات بعضها غير مسبوق منذ زمن طويل وبعضها في طريقه لهذا.
نقاط إعلام الإخوان العمياء تحجب عنهم تماماً كل ما هو إيجابي في التجربة المصرية، التي لا شك أيضاً أن أمامها عوائق وبداخلها بعض السلبيات، إلا أن عيونهم ومراياهم لا ترى سوى هذه الأخيرة، وتعمى تماماً أمام كل ما هو إيجابي.
وإذا كانت النقطة العمياء في الطب هي مرض لا يقصد صاحبه ولا يسعى أن يصاب به، وهي في السيارات عيب فني طبيعي لا تقصد مصانعها إلى إيجاده، فالأمر لدى إعلام الإخوان مقصود ومتعمد وضروري لاستكمال مهمته وأهدافه. فبالقطع يرى القائمون عليه بوضوح كل أبعاد التجربة المصرية الكبيرة، بإنجازاتها وعوائقها، ولكن قرارهم وقرار جماعتهم السياسي هو إغلاق الأعين تماماً عن رؤيتها كما هي بالفعل، واصطناع الإصابة بكل أنواع النقاط العمياء سواء في العين أو في السيارات.
فتشويه هذه التجربة والسعي إلى إفقاد المصريين الثقة فيها وصولاً إلى الوهم المستحيل بالعودة لحكم مصر بعد أن أسقطهم شعبها بثورته العظيمة في 30 يونيو 2013، هو الهدف الثابت والوحيد لهذا الإعلام وتلك الجماعة من ورائه، وهو لا يتم سوى عبر اصطناع الإصابة بالنقاط العمياء.
ومع هذه الحالة، فلا إمكانية للعلاج الطبي من التمارين وحتى الليزر والجراحة، ولا إمكانية لأي مرايا أو كاميرات خاصة، للشفاء من النقاط العمياء الإخوانية، فهي حالة متعمدة وستستمر مع هذا الإعلام الذي نطلق عليه هذه الصفة مجازاً وليس لأنه كذلك، حتى يعمى تماماً.
المصدر “العين” الإخبارية