كريتر نت – متابعات
عاودت جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، التلويح بخيار الحرب في وجه السعودية، في محاولة منها لتحريك الجمود الذي أصاب المفاوضات والمشاورات بين الطرفين منذ الزيارة اللافتة للسفير السعودي إلى صنعاء قبل نحو شهرين.
وجاء هذا التلويح على لسان نائب رئيس حكومة الجماعة لشؤون الدفاع والأمن جلال الرويشان الذي قال في تصريح له، الخميس، لقناة “المسيرة” الناطقة باسم الجماعة، بعدم وجود أي رد من الجانب السعودي حتى اللحظة “لحسم الملف الإنساني بعد مفاوضات رمضان”.
وفي حين قال الرويشان إن المفاوضات مع الجانب السعودي بوساطة عمانية “تبقى في وضعها الحالي محاولات لتحقيق السلام، وزعم بأن جماعته “قابلتها بإيجابية”، أشار القيادي الحوثي إلى أن تقديرات جماعته تقول بأنهم (أي السعوديين) “يكسبون الوقت”.
موجهاً تهديداته إلى السعودية بالقول بأن لدى جماعته “القدرة على التحكم عسكريا في الموانئ السعودية وتدفق رؤوس الأموال إليها”، مضيفاً: نأمل أن تدرك السعودية أنه لا يمكن الجمع بين خطط التطوير الاقتصادي وبين غزو بلد مجاور.
تصريحات القيادي الحوثي تكشف المأزق الذي تعاني منه جماعته مع مرور الوقت، دون التوصل إلى الاتفاق الذي تسعى إليه الجماعة مع الجانب السعودي بعد مضي أكثر من عام على إعلان التهدئة الأممية في اليمن، ومرور نحو شهرين على الزيارة اللافتة التي قام بها السفير السعودي محمد آل جابر إلى صنعاء برفقة وفد عُماني، والتفاؤل الذي أحاط بهذه الزيارة بقرب التوصل إلى ملامح تسوية تنهي الحرب في اليمن.
ورغم تأكيد الجانب السعودي والحوثي مغادرة آل جابر والوفد العُماني لصنعاء، باستمرار هذه المشاورات وإمكانية تكرار الزيارة، إلا أن مرور شهرين دون حدوث ذلك، أكد التقارير التي تحدثت عن تفاجؤ السعودية برفع الحوثي لسقف مطالبه على عكس ما كان عليه الحال أثناء المفاوضات السرية التي عقدت في مسقط طيلة الأشهر الماضية التي سبقت الزيارة.
هذه المطالب التي تزعم جماعة الحوثي بأنها منحصرة في الجانب الإنساني، وباتت تطلق عليها مؤخراً “استحقاقات السلام” في هذا الاتفاق وهي على حد قول زعيم الجماعة في آخر خطاب له تتمثل في “رفع الحصار وإطلاق الأسرى ودفع التعويضات وإعادة الإعمار”، بالإضافة إلى مطلب صرف المرتبات بمناطق سيطرتها عبر تقاسم إيرادات النفط والغاز المنتج في المحافظات المحررة.
وترى جماعة الحوثي في هذه “الاستحقاقات” بأنها صفقة عادلة تقوم من خلالها السعودية والمناطق المحررة بدفع الأموال إلى الجماعة كثمن مقابل الامتناع عن مهاجمتها عسكرياً وقبولها بالسلام والتخلي عن الحرب، مستغلة الرغبة السعودية ومعها الإقليم والمجتمع الدولي في إنهاء الحرب في اليمن، ومستغلة أيضا تشتت خصومها وعدم قدرتهم أو رغبتهم في مواصلة الحرب ضدها.
هذا التصور لدى الجماعة الحوثية حول دوافع خصومها نحو السلام وتحديدا السعودية، دفعها إلى الرهان بسهولة نجاحها في انتزاع الثمن أو ما تسميها “استحقاقات السلام” وفي وقت قصير، بل ورفع سقف هذا الثمن إلى أعلى حد، كما حدث أثناء استقبالها للسفير السعودي في صنعاء في أبريل الماضي.
وعلى عكس ما خططت له، باتت الجماعة حالياً تدرك المأزق التي تعيشه مع مرور الوقت دون نجاحها في انتزاع “استحقاقات السلام” ما يجعلها أمام خيارات صعبة للتعامل أمام هذا الوضع، منها صعوبة اتخاذ القرار بالتصعيد والعودة إلى الحرب المفتوحة ضد السعودية والتحالف، فهي تدرك أن فشلها في الخيار العسكري كان الدافع الرئيسي لقبولها بالتهدئة في أبريل من العام الماضي.
فقد جاء قبولها بالتهدئة عقب هزيمتها الساحقة في شبوة والتي قضت على أحلامها بالوصول إلى حقول النفط والغاز في مأرب، وحجم الاستنزاف البشري والمادي الذي لحق بها بعد 8 سنوات من المعارك، وأن لا قدرة لها في الاستمرار بالحرب المفتوحة على عدة جبهات أو ما كانت تسميها بـ”معركة النفس الطويل”.
وكما أدركت الجماعة الحوثية فشلها في المعركة العسكرية وعدم قدرتها على مواصلة معركة “النفس الطويل”، تخشى اليوم فشلها في معركة السلام وإدراكها لصعوبة المواصلة في مفاوضات “النفس الطويل”، دون تحقيق هدفها في انتزاع انتصار معنوي من خصومها يحفظ لها ماء وجهها.