كريتر نت – متابعات
نشرت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي -مقرها واشنطن- تقريراً عبر نافذة “صدى” تحليلاً عن الأضرار الكبير التي لحقت بقطاع الزراعة في اليمن جراء استمرار الحرب العبثية التي تقودها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، منذ 9 سنوات.
وأشار التقرير إلى أن اليمنيين العاملين في القطاع الزراعي يشكلون الشريحة الأكبر من القوى العاملة في البلاد، حيث يعتمد 73.5 في المائة من السكان -بشكل مباشر أو غير مباشر- على الدخل من الأنشطة الزراعية المتعلقة بالتجارة والتصنيع، كما تساهم الزراعة أيضًا بحوالي 80 بالمائة من الدخل القومي لليمن وتوفر فرص عمل لحوالي 54 بالمائة من القوى العاملة في جميع أنحاء البلاد.
وأوضح التقرير أنه ومنذ تسعة أعوام واليمن تشهد حربًا أهلية، تسببت في مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين، بالإضافة إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع ما يقرب من 21 مليون شخص -أكثر من 66 في المائة من إجمالي السكان- بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية. وعلى الرغم من هذا الوضع الكارثي لا يزال العديد من المزارعين اليمنيين يحاولون زراعة محاصيل كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في منازلهم.
الحرب والمناخ
ويواجه المزارعون في اليمن تحديات كبيرة لا يمكن التغلب عليها، حيث بلغ إجمالي الأضرار والخسائر المباشرة للقطاع الزراعي في اليمن منذ بداية الحرب نحو 111 مليار دولار. ويعاني المزارعون اليمنيون من ارتفاع تكلفة المشتقات النفطية والأسمدة والمبيدات الزراعية، وتراجع هطول الأمطار الموسمية، وزيادة الضرائب الحكومية والجمارك على المزارعين.
وأوضح التقرير أن تغير المناخ ونقص المياه ينعكس بشكل سلبي على إنتاج المحاصيل، مقارنة بالسنوات السابقة، مما يؤثر ذلك على توفير الغذاء ويزيد من نطاق المجاعة في البلاد، ويتفاقم تأثير تغير المناخ بسبب عدم وجود طرق بديلة لتوفير الغذاء بسبب تدهور الاقتصاد الوطني، وإغلاق معظم المؤسسات الاقتصادية الكبرى، وتعليق رواتب القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيين.
ولفت إلى أن حوالي 3 من كل 4 يمنيين يعتمدون على الزراعة للبقاء على قيد الحياة، يمكن أن تدفع أزمة المناخ القطاع الزراعي الذي مزقته الحرب بالفعل إلى نقطة الانهيار خاصة مع استمرار الجفاف الشديد وانخفاض هطول الأمطار الموسمية منذ عام 2022.
إنقاذ القطاع الزراعي
وأكد تقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن دعم الزراعة هو حل لمنع تدهور الظروف المعيشية لأنه يساهم في الحد من البطالة والفقر وتحسين سبل عيش الناس، خاصة وأن حوالي 75 في المائة من اليمنيين يعيشون في الريف.
وقال: على الرغم من الانقسام السياسي وغياب الدولة الموحدة، يمكن للمنظمات الدولية العاملة في الدولة دعم القطاع الزراعي وإنقاذ المزارعين من الفقر الذي يلوح في الأفق من خلال تسهيل الوصول إلى الموارد الزراعية، وتوفير مصادر الطاقة البديلة، واستخدام أنظمة تجميع المياه، والتوسع المدعوم بالأمطار.
وأشار تقرير المؤسسة الأميركية إلى أن التقارب الأخير بين السعودية وإيران يعول عليه في تسريع مفاوضات الهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن -بما في ذلك قضية الإصلاح الزراعي في المفاوضات كجزء من عملية بناء السلام- فسيكون ذلك أمرًا بالغ الأهمية للتخفيف من التهديدات التي تواجه المزارعين اليمنيين وتحسين الجودة من الحياة في ريف اليمن بشكل ملحوظ.
في نهاية المطاف يمكن أن يساهم تقديم الدعم للقطاع الزراعي والاهتمام به في التنمية الاقتصادية وفرص العمل والأمن الغذائي.
مواجهة التصحر.. القهوة بدلاً عن القات
وركز التقرير على إطلاق العديد من المبادرات الاجتماعية في السنوات القليلة الماضية لمواجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ والتي أضافت إلى مشكلات اليمن وأدت إلى انخفاض كبير في نصيب الفرد من المياه.
وتناول التقرير قيام بعض المزارعين اليمنيين باقتلاع نباتات القات المدمرة واستبدالها بأشجار القهوة. وتأتي هذه المبادرة لمواجهة نُدرة المياه كون القات يتطلب موارد مائية كبيرة ولا يغذي أحداً، وقد تم منحه الأولوية على المزيد من النباتات الضرورية، وعرّض ذلك الأراضي الزراعية اليمنية للعديد من المخاطر، وأقلها التصحر.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2012، فإن زراعة القات كانت تتوسع لتغطي 6 إلى 10 آلاف هكتار من الأراضي سنوياً.
في حين أشارت الأبحاث إلى أن “كمية البن الذي صدرته اليمن إلى العالم في بداية القرن الثامن عشر كان حوالي 20 ألف طن سنويًا”، واليوم انخفض إنتاج البن اليمني بشكل كبير نتيجة انتشار زراعة القات، والذي يتم استهلاكه على نطاق واسع للغاية، ويدر عائدات مالية ضخمة للمزارعين.
ويستهلك نبات القات ما يقرب من نصف موارد المياه الجوفية، والتي يمكن استخدامها لزراعة محاصيل أكثر أهمية.
ووفقًا للمديرية العامة للغابات والتصحر؛ فإن ما يقرب من 97 في المائة من الأراضي الزراعية في اليمن مهددة الآن بزيادة التصحر، والذي يمثل حاليًا حوالي 90 في المائة من المساحة الزراعية في البلاد.
زادت مساحة زراعة القات في العقود الأخيرة على حساب زراعة البن التي انخفضت بمقدار 415 هكتاراً، وبحسب تقرير ل(حلم اخضر) تقلص حجم مزارع البن من 33،959 ألف هكتار في عام 2015 إلى حوالي 33،544 ألف هكتار في أواخر عام 2017.
علاوة على ذلك، وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، انخفض إنتاج البن بمقدار 490 طنًا لكل عام، حيث أنتجت البلاد 19257 طنًا في عام 2015 قبل أن ينخفض هذا الرقم إلى 18856 طنًا في عام 2017.
وقام العديد من المزارعين في محافظة تعز باقتلاع أشجار القات واستبدالها بشجيرات البن استجابة لمبادرة حكومية تهدف إلى زراعة مليون شجرة بن بحلول عام 2025 في تعز والمناطق المحيطة بها، حيث شوهدت نتائج واعدة.