الاستاذ منصور عبيد حسين
عبدالصبور طفل في الخامسةعشر من عمره يعيش مع والديه واخوانه هو اكبرهم لذلك كان ياتيه صوت والده عند الثانية عشر ليلا وهويقول : استيقظ قبل ان يسبقك الاخرين … ينهض وعلى ضوء مصباحه الصغير تمضي خطواته . يفرك عينيه ..تلقط يده الصغيرة كل ماتقع عليه عينيه المحمرتين المثقلتين… ..من العلب الفارغة في الطرقات وابواب الدكاكين المغلقة واماكن تجمع القمامة ..يقطع مسافةطويلة ثم يعود الى احضان فراشه ، تفرح امه التي ماكف لسانها بالدعاء له ..بينما والده مازال يمضغ القات ويدخن… .ياتيه صوت والده مرة اخرى عند السادسة صباحا ..ينهض ويحمل ماجمعه ليبيعه… .يشعر عبدالصبور بالحزن لان والده يقسو عليه ولايرحمه حتى في ليالي الشتاء الباردة ..فاذا تاخر عن النهوض يجد يد والده اوالعصا تطيش فوق جسده النائم.. يتمنى ان يذهب والده الى عمله ان يغيب عن البيت اشهرا اواياما ولكن التقاعد العسكري المبكر او خليك بالبيت الذي فرضته الدولة الغير سوية على الجيش بعد الوحدة حرم عبدالصبور من نعمة النوم والاستمتاع بطفولته… .ذات ليلة قال لامه: انا اتعب ووالدي يأخذ الفلوس ليشتري قاتا ودخانا لماذا…? ردت الام : عليك ان تصبر لكي تتعلم ان تكون رجلا… .رد عليها : تعبت من الصبر… بكى فأخذت رأسه الى حضنها …بللت دموعه الحاره حضنها وبللت دموعها رأسه الصغير… .ثم ذهب لينام ويحلم انه اصبح رجلا… وعندالثانية عشر ليلا جاءه صوت والده ليقطع عليه حلمه ..أخذ كيسه الفارغ ومصباحه الصغير ومضى يلتقط العلب وبسابق الاخرين مثل كل ليلة…. !!
( أغسطس 2011 م )