كريتر نت – متابعات
على الرغم من تكثيف الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الأمم المتحدة وبعض الدول الفاعلة في الملف اليمني، مثل السعودية والولايات المتحدة، لم يتم إحراز أي تقدم في سبيل حل الأزمة اليمنية. ويرفض الحوثيون التقيّد بمرجعيات الحل الثلاث السابقة فيما تتمسك الحكومة الشرعية بذلك.
وتشدد الحكومة الشرعية في اليمن خلال معظم لقاءاتها مع مسؤولين أمميين ودوليين على ضرورة الالتزام بالمرجعيات الثلاث لحل النزاع المستمر منذ نحو 9 سنوات مع جماعة الحوثي.
وفي ظل تمسك الحكومة بموقفها تجاه المرجعيات الثلاث، المتمثلة في “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية” و”مخرجات مؤتمر الحوار الوطني” و”قرار مجلس الأمن 2216”، تصر جماعة الحوثي على رفضها لتلك المرجعيات، ما قد يشكل عقبة كبيرة أمام التحركات الدبلوماسية الدولية والأممية الرامية إلى تسوية النزاع في اليمن.
ومؤخرا أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك “حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية على إنهاء معاناة الشعب ودعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى استئناف العملية السياسية، وتحقيق السلام العادل والدائم المبني على المرجعيات الثلاث المعتمدة”.
وجاء موقف بن مبارك خلال لقائه في العاصمة السعودية الرياض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الذي عقد مباحثات متعددة للدفع بعملية السلام. وفي المقابل أعلنت جماعة الحوثي تمسكها برفض المرجعيات الثلاث لحل الأزمة بدعوى أنها “باتت من الماضي”.
وفي 20 مايو الماضي نقل موقع “المسيرة نت” الناطق باسم الحوثيين عن عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة، محمد علي الحوثي، قوله إن “ما يسمى بالمرجعيات عفا عليه الزمن ولم يعد ضمن المباحثات”. وأضاف “المرجعيات أصبحت شكلية كما هي من قبل”.
المبادرات الثلاث
رعى مجلس التعاون الخليجي في عام 2011 مبادرة لحل الصراع بين الحزب الحاكم والمعارضة في اليمن، إبان الثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام الرئيس الأسبق الراحل علي عبدالله صالح، والتي حملت اسم “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”.
ونجحت السعودية في إقناع طرفي الصراع بتوقيع اتفاق تنازل بموجبه صالح عن الحكم إلى نائبه آنذاك الرئيس السابق عبدربه منصور هادي. ونتج عن تلك المبادرة تقاسم السلطة وتشكيل “حكومة وفاق” مناصفة بين الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) وأحزاب المعارضة (تكتل اللقاء المشارك).
وتحتوي المبادرة على آلية تنفيذية من عدة بنود، تتمثل أبرزها في إنهاء جميع النزاعات باليمن، وعودة القوات المسلحة وغيرها من التشكيلات العسكرية إلى معسكراتها، وإنهاء المظاهر المسلحة في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن.
وشهد اليمن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأت أعماله في مارس 2013 وانتهت جلساته مطلع عام 2014. وانعقد المؤتمر في العاصمة صنعاء برئاسة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، وكان الأمين العام للمؤتمر آنذاك أحمد عوض بن مبارك، الذي يشغل حاليا منصب وزير الخارجية.
وشاركت في المؤتمر مختلف المكونات السياسية الفاعلة، بما في ذلك جماعة الحوثي.
وانتهت فعاليات المؤتمر بالتوقيع على وثيقة لمخرجات الحوار، تضمنت بنودا دعت إلى “إعادة هيكلة البرلمان ومجلس الشورى مناصفة بين الشمال والجنوب”. ومن أبرز مخرجات مؤتمر الحوار أن يكون اليمن “دولة اتحادية من 6 أقاليم”، وهو ما رفضته جماعة الحوثي بزعم أن ذلك يؤدي إلى تقسيم البلاد.
وانبثق عن مخرجات المؤتمر تشكيل لجنة لصياغة الدستور، والتي أنهت مسودة للدستور الجديد بعد قرابة عام من العمل. وفي 17 يناير 2015 اختطف الحوثيون بن مبارك، عندما كان في طريقه لحضور اجتماع برئاسة هادي لمناقشة المسودة، ثم تم الإفراج عنه لاحقا.
◙ الحوثيون يشترطون أن يعمل أي مقترح للحل على إنهاء عمليات التحالف العربي، وتسليم رواتب الموظفين وفتح مطار صنعاء
وآنذاك قالت جماعة الحوثي التي كانت تسيطر عسكريا على صنعاء إن “توقيف بن مبارك جاء لإيقاف أي التفاف على مسودة الدستور اليمني الجديد”. وبعد تلك الحادثة تعطل العمل بمخرجات الحوار الوطني ولم يتم إقرار مسودة الدستور الجديد، إثر دخول اليمن في حالة حرب لا تزال مستمرة إلى اليوم.
ويشدد الحوثيون مرارا على رفض قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي أصدره في أبريل 2015، بعد مرور أسابيع على نشوب الحرب في اليمن (26 مارس 2015) إثر تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية.
ويأتي موقف الحوثيين المتشدد حيال القرار لكونه نص على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر إلى الخارج، وطالت عدة شخصيات، أبرزها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، عقب اتهامها بـ”تقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن”.
كما شمل القرار حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية إلى الحوثيين والقوات الموالية لهم التي كان يتزعمها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.
وطالب القرار الحوثيين بالقيام “فورا بالكف عن استخدام العنف وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية”. كما طالب القرار الحوثيين بالامتناع عن أي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة.
موقف الحوثيين
يشدد الحوثيون مرارا على أن أي حل مستقبلي للأزمة يُفترض أن يكون “بعيدا عن المرجعيات” التي يقولون إنها “باتت من الماضي”، ويشترطون أن يعمل أي مقترح للحل على “إنهاء عمليات التحالف العربي، وحل جميع الملفات الإنسانية بما في ذلك تسليم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لهم، وفتح مطار صنعاء الدولي بشكل كلي”.
وفي سياق المرجعيات وسبل الحل في اليمن قال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، في خطاب بتاريخ 22 مايو الماضي، إن “القرار الأممي 2216 يدعو إلى استسلام صنعاء التي ليس في قاموسها الاستسلام”.
وأضاف المشاط أن “كبار الباحثين في المراكز العالمية يُجمعون اليوم على أن القرار يُطيل أمد الحرب، ويغلق الطريق نهائيا أمام أي مفاوضات سلام أو حلّ سياسي جاد”.
وفي حديثه عن مطالب الجماعة لتحقيق السلام، دعا عبدالملك الحوثي في خطاب له قبل نحو أسبوعين إلى “وقف العدوان (عمليات التحالف العربي) وإنهاء الحصار والاحتلال، ومعالجة ملفات الحرب فيما يتعلق بالأسرى والتعويض وإعادة الإعمار”.
وتتكثف منذ فترة مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات قامت بها وفود سعودية وعمانية إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوثين الأميركي تيم ليندركينغ والأممي هانس غروندبرغ.
ويحدو اليمنيين أمل إحلال السلام منذ أن وقَّعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما ينهي قطيعة استمرت سبع سنوات بين البلدين الفاعلين في الملف اليمني.