كريتر نت – متابعات
لفتت زيارة وفد من رجال الأعمال العمانيين إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين أنظار المتابعين للشأن اليمني، إذ أشاروا إلى أن مثل هذه الخطوة لا تخدم جهود السلطنة في طرح نفسها كوسيط محايد في الصراع الدائر منذ أكثر من تسع سنوات.
وسبق أن شككت قيادات موالية للسلطة الشرعية في اليمن في حيادية عمان حيال الصراع، لاسيما وأن مسقط كانت أبدت تحفظات على فرض عقوبات دولية على الحوثيين، كما أنها من بين الأصوات الرافضة لإدراج الجماعة على لائحة الإرهاب الدولي.
وتستضيف مسقط منذ العام 2015، تاريخ تفجر الحرب في اليمن، الوفد الحوثي المفاوض، الذي يقيم هناك بشكل شبه دائم، حيث أمنت له عمان بيئة مواتية للتواصل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، وهو أمر لم يكن ليكون متاحا في حال كان مقر الوفد طهران أو بيروت أو دمشق.
ويرى المتابعون أن عمان تمتلك نفوذا سياسيا قويا على جماعة الحوثي بعد النفوذ الإيراني، وهو ما يجعل الجماعة متمسكة بأن تمر أي مبادرات للتسوية عبر مسقط أساسا.
◙ عمان نجحت في رسم صورة الطرف المحايد ما جعل الكثير من الدول تطلب وساطتها في العديد من الملفات
ويشير المتابعون إلى أن عمان التي تنسج علاقات جيدة مع جميع المتنافسين في المنطقة وعلى المنطقة، نجحت على امتداد عقود في رسم صورة الطرف المحايد ما جعل الكثير من الدول تطلب وساطتها في العديد من الملفات لاسيما تلك المرتبطة بإيران، لكن ما يتعلق بالوضع اليمني مختلف تماما لأنه مرتبط بأمنها القومي. وأجرى وفد من رجال الأعمال العمانيين الثلاثاء زيارة إلى العاصمة صنعاء للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل نحو تسع سنوات.
وقالت وكالة “سبأ” اليمنية في نسختها الحوثية إن “مدير عام الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة (في حكومة الحوثي غير المعترف بها دوليا) سام البشيري، بحث مع وفد من رجال أعمال عمانيين يجرون زيارة إلى صنعاء، مجالات التعاون الثنائي ودعم وتشجيع المستثمرين”.
وأضافت الوكالة أن “البشيري استعرض نشاط الهيئة ومهامها في تقديم التسهيلات والخدمات للمستثمرين وتعزيز علاقات التعاون مع القطاعات التجارية والصناعية الإقليمية والدولية”.
ولم تذكر الوكالة الحوثية وقت وصول الوفد العماني أو مدة الزيارة، التي تحمل دلالات عميقة لجهة أن عمان لم تعد تكتفي بمجرد الدعم السياسي للحوثيين بل هي بصدد تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع الجماعة كسلطة أمر واقع في شمال اليمن.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة قد تشكل استفزازا للسلطة الشرعية في اليمن، لكنها من غير الوارد أن تؤثر على العلاقة مع السعودية، التي هي في حاجة إلى وسيط مؤثر على الحوثيين من أجل دفعه إلى تقديم تنازلات.
ويشير المراقبون إلى أن الرياض تراهن على دور عماني في دفع كل من الحوثيين وطهران إلى تحقيق اختراق يمهد الطريق للحل السياسي، ويؤمن انسحابها العسكري من البلاد.
وتبدو الظروف الآن مواتية خصوصا مع عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران. والتقى مساء الثلاثاء كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مقر السفارة الإيرانية في مسقط.
◙ الرياض تراهن على دور عماني في دفع كل من الحوثيين وطهران إلى تحقيق اختراق يمهد الطريق للحل السياسي
وكان عبداللهيان وصل في وقت سابق على رأس وفد إلى العاصمة العمانية، المحطة الثانية من جولته في الخليج العربي التي بدأها الثلاثاء بزيارة قطر، “في إطار مواصلة التطوير الشامل للعلاقات مع دول الجوار”، وفق تصريح سابق للوزير الإيراني.
وذكرت قناة “المسيرة” الفضائية الناطقة باسم الحوثيين في خبر مقتضب، الأربعاء، اللقاء الذي جمع كبير مفاوضي الجماعة والوزير الإيراني، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وتتكثف منذ أشهر مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفود سعودية إلى صنعاء، إضافة إلى تحركات أممية ودولية متعددة للدفع بعملية السلام.
وتتصاعد بين اليمنيين آمال إحلال السلام منذ أن وقعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما ينهي قطيعة استمرت سبع سنوات، لكن مراقبين يرون أن المشهد اليمني ينطوي على الكثير من التعقيدات، الأمر الذي يجعل من الصعب الحديث عن قرب نهاية الأزمة.
ويشير المراقبون إلى أن اليمن قد يكون مقبلا على مخاض جديد يترتب عليه تفتته إلى كانتونات، وهو ما بدا واضحا من خلال الإعلان عن تشكيل مجلس وطني في محافظة حضرموت جنوب شرق البلاد.