كريتر نت – متابعات
أكد تحليل دولي نشره معهد الخليج العربي واشنطن، أن الهجمات المتكررة التي نفذتها ميليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، ضد موارد الطاقة وعائداتها هدفها تعزيز مواردهم المالية وإضعاف نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على طاولة المفاوضات.
وأوضح التحليل الذي أعدته الباحثة الإيطالية إليونورا أرديماغني، أن مصلحة الحوثيين الأساسية في المفاوضات لا تتمثل في التوصل إلى تسوية، بل الاستفادة من المحادثات لتعزيز الأساس الاقتصادي لدولتهم الفعلية. لافتاً إلى أن الحوثيين نفذوا هذه الاستراتيجية بالتوازي مع المفاوضات الأخيرة مع الرياض.
وأكد التحليل الذي حمل عنوان “حرب الحوثيين الاقتصادية تهدد السلام الدائم في اليمن”، أن المحادثات الثنائية بين السعودية والحوثيين قد تكون قادرة على تهدئة الصراع على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، إلا أنها لن تكون كافية لبناء وقف دائم لإطلاق النار بين الفصائل اليمنية المتنافسة وإعادة بناء دولة يمنية موحدة في نهاية المطاف.
ولفت التحليل إلى أنه وبعد انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في أكتوبر 2022، شنت مليشيات الحوثيين هجمات بطائرات بدون طيار على ميناءين نفطيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها. ولم تتسبب الهجمات في أي ضرر للبنية التحتية، لكنها منعت ناقلات النفط الأجنبية من دخول الموانئ، مما أعاق صادرات النفط في وقت كانت فيه عائدات النفط للحكومة اليمنية ترتفع بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة.
منذ تلك الهجمات، أكدت الحكومة أنها تكبدت خسارة تقدر بمليار دولار في الإيرادات، الأمر الذي زاد من صعوبة الحكومة في دفع رواتب موظفي القطاع العام، وهذا أضر بمعنويات الجيش والشرطة التي انقطعت مرتباتهم ولم تصبح منتظمة.
وأوضح التحليل أن الحوثيين يضغطون على المستوردين لإعادة توجيه شحنات الطاقة من عدن إلى الحديدة، المدينة الساحلية الرئيسية المطلة على البحر الأحمر والتي لا تزال تحت سيطرتهم، وبالتالي تحويل عائدات الجمارك من الحكومة. وفقاً لتقارير من مسؤولين حكوميين، حظر الحوثيون مؤخراً استيراد الغاز من مأرب التي تسيطر عليها الحكومة واستبدلوا الغاز المحلي بغاز طهي أغلى ثمناً يتم استيراده عبر ميناء الحديدة، مما زاد من الإجهاد المالي للحكومة.
ووفقاً لتحليل الباحثة الإيطالية إليونورا أرديماغني، يستخدم الحوثيون مصادر دخل قانونية وغير قانونية لضمان بقاء سلطة الأمر الواقع وإثراء قيادة الجماعة.
خلص تقرير صادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن في فبراير/شباط إلى أن الحوثيين يُدِّرون عائدات عن طريق تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية، وكذلك عن طريق المطالبة بشكل تعسفي بالمال عند نقاط التفتيش، ومصادرة الأراضي والممتلكات والودائع المصرفية، والاتجار بالمخدرات على الأرجح. يتم تحصيل حوالي 70% من إجمالي الإيرادات الضريبية في اليمن، بما في ذلك الرسوم الجمركية، في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأوضح التحليل: أن أحد مصادر الدخل الرئيسية للحوثيين هو بيع المنتجات النفطية المهربة في السوق السوداء في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، زادت واردات النفط عبر ميناء الحديدة بشكل كبير بعد التوصل إلى هدنة إنسانية برعاية الأمم المتحدة في أبريل 2022، مما أدى إلى تحقيق إيرادات جمركية ثابتة للحوثيين.
وفي حين أن الجماعة لا تسيطر على حقول النفط والغاز في اليمن، إلا أن لديها طموحات لتطوير صناعة الطاقة. وهذا برز من خلال دعوة مسؤولين حوثيين الشركات الأجنبية إلى الاستثمار في التنقيب عن النفط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وحذروا شركات النفط الأجنبية من التعامل مع الحكومة اليمنية. تشير الهجمات العسكرية المتقطعة للحوثيين ضد محافظة مأرب الغنية بالطاقة إلى أنهم لم يستبعدوا بعد الاستيلاء على حقول النفط والغاز. في غضون ذلك، تركز الجماعة على حرمان الحكومة اليمنية من عائدات الطاقة.
وأشار تحليل معهد الخليج العربي واشنطن إلى أن تقرير لجنة الأمم المتحدة الأخير تضمن “مصادر أجنبية” ضمن قنوات إيرادات الحوثيين، في حين أن إيران هي بالتأكيد من بين تلك المصادر، فإن الحوثيين لديهم محفظة متنوعة من مصادر الإيرادات ولا يعتمدون على إيران، مما يساعدهم على الاحتفاظ بالاستقلالية في صنع القرار. نظراً لأن الحوثيين حليف استراتيجي وليس وكيلاً لإيران، فإن التقارب السعودي الإيراني الأخير لن يكون كافياً لتحقيق وقف دائم للتصعيد في اليمن -على الرغم من أنه يقلل بالتأكيد من البعد الإقليمي للصراع.
وقال التحليل: لم يقتصر الأمر على أن اعتراف المملكة العربية السعودية الضمني بالحوثيين كمحاورين قد شجعهم على المطالبة بالمزيد من المفاوضات فحسب، بل إن حرب الإيرادات التي يشنها الحوثيون ضد الحكومة اليمنية المعترف بها تهدد الأهداف السعودية في اليمن. في الواقع، إذا نجحت الرياض في إبرام صفقة تركز بشكل ضيق على الأمن على حدودها الجنوبية، فقد تتعرض الاتفاقية للتهديد إذا مُنعت الحكومة اليمنية من الوصول الكامل إلى مواردها وعائداتها من الطاقة.
وجدد التحليل التأكيد على أن استمرار حرمان الحكومة من عائدات الطاقة سيؤدي إلى توتر كبير من شأنه تقلل احتمالية وقف إطلاق النار الدائم (أو تمديد الهدنة) ويمكن أن تهدد أمن المملكة العربية السعودية. فحرب الإيرادات التي يشنها الحوثيون على اليمنيين أولاً وقبل كل شيء، بعيدة كل البعد عن كونها شأناً يمنياً فقط.
وأوضح: مع استمرار المملكة في دفعها نحو مخرج تفاوضي من اليمن، زادت التنازلات التي تقدمها في المحادثات، قد يكون هناك مجال أقل للمناورة تجاه الحوثيين. إلا أن هذا الاحتمال سيسهم في إعادة تأجيج الاشتباكات العسكرية بين الأطراف اليمنية المتصارعة، يمكن أن يعرض استراتيجية الرياض للخطر.