كريتر نت – متابعات
لا تزال الأمور تراوح مكانها في اليمن، على الرغم من بعض الاختراقات التي يقول محللون إنه لا يمكن البناء عليها للحديث عن تقدم في المفاوضات، مشيرين إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت، غير مستبعدين أن تقدم جماعة الحوثي على مغامرة عسكرية قد تكون ساحتها تعز.
ويواجه اليمنيون لحظة حرجة في علاقة بالمفاوضات الجارية خلف الكواليس، مع توجه جماعة الحوثي إلى التصعيد، بعد رفع سقف شروطها عاليا والتي لم تعد منحصرة في الجانبين الإنساني والاجتماعي بل طالت البعد السياسي، من خلال دعوة التحالف العربي إلى رفع دعمه بشكل كلي عن السلطة الشرعية القائمة.
وظهرت مؤخرا إشارات عن بعض الاختراقات، وآخرها عملية تبادل جثامين بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي، وقبلها سماح الرياض باستئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي لنقل الحجاج بعد انقطاع لنحو سبع سنوات.
وجرى في الأيام القليلة الماضية استئناف المفاوضات بين الحوثيين والحكومة الشرعية في العاصمة الأردنية عمان بشأن ملف الأسرى بعد تعثر قارب الشهرين، لكن هذه الاختراقات تبقى، وفق متابعين، دون المستوى المطلوب، في ظل عدم إحراز تقدم في نقاط الخلاف الرئيسية التي تتضمن آلية صرف المرتبات في مناطق سيطرة الحوثي والتطبيع الاقتصادي ووقف إطلاق النار.
وفي موقف يبدو الأكثر وضوحا حيال طبيعة التنازلات التي بات يطالب بها الحوثيون لوقف الحرب في اليمن، وضع القيادي البارز في الجماعة يوسف الفيشي التحالف العربي أمام خيارين، وفقا لتغريدة نشرها على حسابه الرسمي في تويتر، “رفع يده عن اليمن والتخلي عن مرتزقته وتركهم لمواجهة مصيرهم. أو مساندتهم، والتضحية باقتصاده، وأمنه، واستقراره”.
وتكشف تصريحات القيادي المقرب من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وأحد المخططين الإستراتيجيين لسياستها، عن سقف المطالب الحقيقية للجماعة المدعومة من إيران، التي دأبت على وضع اشتراطات جديدة في كل جولة مباحثات والتنصل من التزاماتها أمام الوسطاء الإقليميين والدوليين.
وتزامنت تصريحات الفيشي مع حشد الجماعة للمزيد من القوات في محافظة تعز، وسط مخاوف من أن تشن هجوما على مركز المدينة المحاصر منذ سنوات، بهدف تحسين وضعها التفاوضي.
وعلى وقع هذا التحشيد توعّد رئيس المجلس السياسي للحوثيين في صنعاء (مجلس الحكم التابع للجماعة) مهدي المشاط من وصفه بـ”العدو” بأسلحة نوعية ستدخل المعركة المقبلة، لافتا إلى أن ما تقدّمه جماعته من تنازلات في مسار الهدنة الهادفة إلى إحلال السلام “لن يجري تقديمه في الفترة المقبلة، في حال رُفض”.
وتزامن هذا التصعيد مع زيارة قام بها المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، التقى خلالها بمسؤولين في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية واختتمها بلقاء مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز.
واعتبر الباحث السياسي ورئيس المرصد الإعلامي اليمني رماح الجبري أن جولة المبعوث الأميركي ومثله المبعوث الأممي كسابقاتها لا تحمل جديدا سوى المزيد من الضغط على الحكومة الشرعية والتحالف، كونهما الطرف الأكثر ليونة وقابلية للاستجابة، على حد وصفه.
وأشار الجبري في تصريح لـ”العرب” إلى أن المبعوثين يحاولان الاستفادة من ارتدادات الاتفاق بين السعودية وإيران برعاية الصين لتحقيق اختراق في الملف اليمني، فيما تؤكد المؤشرات الأولية أن إيران غير جادة في حلحلة القضايا الخلافية ولم تقدم أي تنازل حقيقي في الملف اليمني يؤكد حرصها على إيجاد الحلول والدفع بعملية السلام نحو التنفيذ.
وأضاف الباحث اليمني “تحاول طهران إظهار الميليشيا الحوثية ككيان مستقل غير متأثر بالتوجهات الإيرانية”، وهو ما ترجمه ترويج الجماعة لفشل لقاء كبير مفاوضيها محمد عبدالسلام بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان.
وكانت وسائل إعلام قريبة من الحوثيين تحدثت عن رفض عبدالسلام لمقترحات سلام إيرانية خلال اللقاء الذي عقد في مسقط، فيما بدا محاولة للإيهام بأن قرار الجماعة مستقل وغير خاضع لطهران.
وفي أحدث تصريح غربي حول الجهود الدولية لإحراز السلام في اليمن، قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، الخميس، إن جهود السلام تتحرك بطريقة منسقة وحازمة نحو سلام عادل دائم في اليمن.
◙ تصريحات القيادي المقرب من عبدالملك الحوثي تكشف عن سقف مطالب الجماعة المدعومة من إيران والتي دأبت على وضع اشتراطات جديدة في كل جولة مباحثات
وحول التناقض بين ارتفاع وتيرة الحراك الدولي وزيادة مستوى التصعيد الحوثي، اعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر أن ذلك يأتي نتيجة ما قال إنه “سعي أميركي إلى وقف الحرب وليس إنهائها”.
وقال الطاهر في تصريح لـ”العرب” إن هذا السلوك الأميركي والغربي عموما في التعاطي مع الأزمة اليمنية “يساهم في تمزيق اليمن إلى دويلات، وعلى المدى الطويل يعزز من نفوذ الحوثي”، وهو ما يجعل السلام بالصيغة المطروحة في اليمن “أخطر سلام يتم الحديث عنه في الوقت الحالي”.
وأضاف “زيارة المبعوث الأميركي إلى المنطقة، تستهدف ممارسة المزيد من الضغط لانتزاع تنازلات كبيرة، وهذه التنازلات تساهم في خلق شرعية دولية للحوثي، وهنا تكمن الخطورة”.
ولم يستبعد المحلل اليمني أن تقدم الجماعة على مغامرة عسكرية في الفترة القليلة المقبلة، إثر تصعيد خطابها الإعلامي والسياسي، مستغلة في ذلك تساهل المجتمع الدولي.