كريتر نت – متابعات
هل صلى الغرب سرا لنجاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من محاولة تمرد قائد مجموعة فاغنر؟ سؤال طرحته مجلة بوليتيكو.
ففي الوقت الذي خرج فيه قائد مجموعة فاغنر الروسية يفجيني بريغوجين برسالة جديدة أعرب فيها عن شكره لأنصار انتفاضته الفاشلة الأخيرة، لا يزال محللون غربيون يحاولون استيعاب التطورات الفارقة والمفاجئة التي شهدتها موسكو فى الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران الماضي.
وتحول بريغوجين (62 عاما) من بطل شعبي إلى العدو الأول في روسيا بعد أن قاد تمردا مسلحا استمر 36 ساعة، الشهر الماضي، واستولى على مدينة روستوف أون دون بجنوب روسيا، وأرسل رجاله إلى مسافة 200 كيلومتر من العاصمة موسكو.
لكن التمرد انتهى بعد صفقة توسط فيها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، التي بموجبها انتقل بريغوجين ورجاله إلى المنفى المجاور.
ماذا يتمنى الغرب؟
وتساءل تحليل نشرته مجلة بوليتيكو عما إذا كان الغرب قد صلى سرا لنجاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ذلك الانقلاب الذي قاده بريغوجين.
وقال التحليل، إنه بقدر ما يكره الزعماء الغرب بوتين بقدر ما لا يريدون رحيله، فالفوضى التي قد تلحق بالبلاد بعد رحيل نظامه ربما لا يمكن تحملها للعديد من الدول، بدءًا من الخصوم مثل الولايات المتحدة، إلى شركاء روسيا مثل الصين.
وكانت إدارة بايدن قد اتخذت العديد من الخطوات، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية، يمكن القول إنها تضعف بوتين في أعقاب حربه على أوكرانيا. لكن واشنطن أصرت مرارا على أنها لا تدعم تغيير النظام في روسيا.
في الوقت الحالي، فإن عدم وجود خليفة واضح، أو احتمال تولي أمراء حرب مثل بريغوجين المسؤولية، يترك الكثير من المتغيرات غير المريحة للتصريح علانية للإطاحة ببوتين، وفقًا لمسؤولين أمريكيين حاليين.
ونقل تحليل بوليتيكو عن أندريا كيندال تيلور، مسؤول استخباراتي أمريكي سابق متخصص في روسيا، أن “الولايات المتحدة ليست لديها مصلحة في عدم الاستقرار داخل روسيا الذي من المحتمل أن يمتد إلى أوروبا”.
وأضاف أن “تغيير النظام الذي يحدث من خلال عملية فوضوية وعنيفة هو أيضًا الأكثر احتمالًا لإنتاج زعيم استبدادي، والذي قد يكون أسوأ من بوتين”.
وقال مسؤولان أمريكيان يتعاملان مع السياسة الروسية، إن إدارة بايدن راعت مسألة استقرار الدولة الروسية في أثناء صياغة ردها على التمرد القصير الذي وقع في نهاية الأسبوع الماضي.
وفي حين أنه من النادر أن تدعو الولايات المتحدة إلى تغيير النظام في بلد آخر، فإن إدارة بايدن تريد أيضًا أن تكون أكثر حرصًا على عدم تغذية رواية بوتين طويلة الأمد بأن أمريكا تقف وراء الجهود المبذولة للإطاحة به أو تشجيع الاضطراب.
ومع اندلاع التمرد، أبقى الرئيس جو بايدن ومساعدوه تعليقاتهم العامة محدودة ومنخفضة المستوى. وأشاروا إلى الأزمة باعتبارها “مسألة داخلية” لروسيا.
واتخذت الدول الأوروبية والحلفاء الآخرون ضد روسيا نهجًا حذرًا مماثلًا. وقال مسؤول أمريكي -طلب عدم كشف هويته-: إن “عدم الاستقرار في أي مكان له ثمن يتحمله مواطنو ذلك البلد والمنطقة.. وفي مكان مثل روسيا، يمكن أن تكون له تداعيات عالمية”.
أما الصين -التي تعهدت بشراكة “بلا حدود” مع حكومة الرئيس بوتين- فقد ظلت صامتة مع اندلاع الأزمة. وبعد ذلك، أصدرت بكين بيانًا تحدث جزئيًا عن مخاوفها الخاصة بشأن تجنب الفوضى في دولة مجاورة.
الترسانة النووية
وتعد سلامة الترسانة النووية الروسية الضخمة في حالة نشوب صراع على السلطة في الكرملين هي الشغل الشاغل للمجتمع الدولي.
ولكن الأمر نفسه ينطبق أيضًا على احتمال إحياء الصراعات المجمدة في أماكن مثل مولدوفا وجورجيا.
كما أن هناك مخاوف من أن انهيار حكومة بوتين يمكن أن ينشّط الحركات الانفصالية داخل روسيا.
وقال دبلوماسي من آسيا الوسطى: “كل شيء سيتأثر، من الإمدادات العالمية من النفط والغاز واليورانيوم المخصب.. الزراعة والأمن الغذائي”.
واعتبر الدبلوماسي أن الاستقرار الروسي له أهمية حاسمة لدول آسيا الوسطى، لأنه “في نهاية المطاف، سنظل نعيش بجوار روسيا”.
وفي هفوة منه في مارس/آذار 2022، قال بايدن عن بوتين: “بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل أن يظل في السلطة”. ثم اضطر البيت الأبيض إلى قضاء أيام في الإصرار على أن بايدن لم يكن يدعو حقًا إلى تغيير النظام.
وفي أعقاب التمرد الفاشل، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن الولايات المتحدة تعتقد أن “الأمر متروك للشعب الروسي لتحديد من هي قيادته”.
ومع ذلك، شدد بعض المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين على خطورة التحدي الذي يواجه بوتين.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن التمرد “يمثل التحدي الأكبر للدولة الروسية في الآونة الأخيرة”.