كريتر نت – متابعات
أعادت الأزمة التي أشعلتها إيران حول حقل الدرة النفطي خلال الأيام الماضية التوتر إلى منطقة الخليج العربي بعد أشهر من الهدوء والتفاؤل الذي ساد المنطقة عقب الإعلان المفاجئ عن اتفاق المصالحة بين إيران والسعودية برعاية صينية في مارس الماضي.
ويضم الحقل، الذي تم اكتشافه عام 1967م، كميات ضخمة من الغاز تقدر بنحو 220 مليار متر مكعب ويقع معظم مساحة الحقل على الحدود البحرية المشتركة بين الكويت والسعودية، لكن جزءاً منه يدخل ضمن مياه إيران، ومثل الحقل ملفاً خلافياً خلال العقود الماضية.
ويعود سبب الخلاف إلى عرقلة إيران حتى اليوم ترسيم حدودها البحرية مع الكويت، وهو الشرط الذي تضعه كل من السعودية والكويت مقابل الاتفاق على تقاسم الحقل مع إيران، التي أعلنت مطلع الشهر الحالي استعدادها لبدء التنقيب في الحقل، وهو ما أثار غضب الكويت واعتراض الرياض.
حيث أعلن سعد البراك نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط الكويتي رفض بلاده جملة وتفصيلا الادعاءات والإجراءات الإيرانية المزمع إقامتها حول حقل الدرة، مشددا على أن “حقل الدرة ثروة طبيعية كويتية سعودية، وليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى حسم ترسيم الحدود البحرية”.
هذا الموقف أكدته السعودية مساء الثلاثاء، عبر تصريح لمصدر مطّلع في وزارة خارجيتها، أوضح بأن الثروات الطبيعية لحقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، مجدداً دعوات السعودية السابقة للجانب الإيراني للبدء في “مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرفٍ تفاوضيٍ واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقاً لأحكام القانون الدولي”.
وأثارت هذه الخطوة من قبل إيران بتعمد إحياء أزمة مجمدة منذ سنوات في هذا التوقيت، الجدل والاستغراب من مخاطرة طهران بالنجاح الذي حققه اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الرياض برعاية صينية وما تبعها من خطوات وتبادل للزيارات بين مسئولي الخارجية بين البلدين.
ويرى مراقبون بأن هذه الخطوة تعكس السلوك الحقيقي للنظام الإيراني، واستحالة تخليه عن مشروعه الفوضوي في المنطقة العربية بإقامة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل مع الدول العربية، وهو ما يؤكد الاعتقاد بان الرغبة التي أبداها مؤخراً تجاه السعودية لم تكن أكثر من “انحناء للعاصفة” التي يعاني منها النظام داخلياً وخارجياً، أكثر منها رغبة في السلام.
وما يعزز ذلك –كما يرى المراقبون– السلوك الذي يبديه ذراع النظام الإيراني في اليمن والمتمثل بجماعة الحوثي تجاه جهود السلام المستمرة منذ ما يزيد عن العام، لكنها “لم تحقق أي تقدم حتى الآن على مختلف المسارات”، كما قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في خطابه بمناسبة عيد الأضحى الأسبوع الماضي.
تعثر هذه الجهود يقابله تصاعد في التصريحات والتحركات العسكرية على الأرض من قبل جماعة الحوثي خلال الأسابيع الماضية، مهددة بالعودة إلى الحرب في حالة عدم الاستجابة لمطالبها التي تطرحها للقبول بإعلان دائم لوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات سياسية لإنهاء الصراع في اليمن.
فخلال الشهر الماضي أقامت الجماعة استعراضاً عسكرياً للمئات من عناصرها في محافظة إب، وتبعه بأيام إقامة مناورة عسكرية باستخدام أسلحة ثقيلة ومتوسطة وباستخدام الطيران الحربي والمُسير في محافظة الجوف، وخلال الأيام الماضية، كثفت قيادات بالجماعة من زياراتها لمقاتليها في عدد من الجبهات، مع تكرار إطلاق التهديدات باستهداف دول التحالف ومهاجمة المناطق المحررة.
وعلى الرغم من حقيقة العجز العسكري والاقتصادي الذي يعتري جماعة الحوثي وممولها في طهران كسبب رئيس في قبول التهدئة، كما تذهب آراء المحللين، إلا أن ذلك لا يمنع أن تلجأ الجماعة والنظام الإيراني إلى خيار التصعيد كأداة ابتزاز لفرض وانتزاع بعض المطالب من يد خصومهم.