كريتر نت – متابعات
عاد الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) إلى المواجهة المباشرة مع الحكومة التونسية حيث أعلن عن إضراب بيومين في شركة “سيتاب” النفطية جنوب شرق البلاد، بعدما كانت المواجهة منحصرة خلال الأشهر الماضية بين نقابات التعليم والحكومة، والتي عدّها مراقبون بمثابة صراع بالوكالة بين الاتحاد والرئيس قيس سعيد.
ولا يمس التصعيد مع الحكومة قطاعا خدميا هذه المرة، بل القطاع النفطي الحساس هو ما قد يؤثر على واردات الدولة التونسية التي تمر بوضع اقتصادي حرج.
وأعلن الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين دخول عمال شركة “سيتاب” العاملة بحقل البرمة في إضراب عام عن العمل يومي الثلاثاء والأربعاء 11 و12 يوليو الجاري مع إيقاف الإنتاج.
وأكد كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين شريف البريني في تصريح لموقع “الشعب نيوز” التابع لاتحاد الشغل أن مرد الإضراب تعطل المفاوضات حول مطالب قطاعية لم يذكرها.
وأشار إلى أنه من المنتظر عقد جلسة تفاوضية في مقر التفقدية العامة للشغل بتونس العاصمة في الساعات القادمة لمحاولة حلحلة الإشكاليات.
يذكر أن الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين كان قد أصدر يوم 11 مارس الماضي برقية دعا فيها منظوريه بالشركة إلى شن إضراب عن العمل أيام 22 و23 و24 مارس قبل أن يتم تأجيل الإضراب إثر جلسة صلحية عقدت يوم 21 مارس.
وتتمحور مطالب أعوان الشركة خاصة حول تفعيل محاضر الاتفاق الممضاة والتدخل العاجل لفض إشكال الإعاشة والتموين وتمكين العمال من زي الشغل للسنوات الثلاث الماضية، إلى جانب الاهتمام بصحتهم وسلامتهم المهنية.
ويعد حقل البرمة واحدا من أكبر الحقول النفطية في البلاد. ويبلغ إنتاج تونس من النفط حوالي 33 ألف برميل في اليوم مقابل أكثر من سبعين ألف برميل قبل سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
ويأتي هذا التصعيد في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعيشها البلاد ووسط توتر بين الحكومة ونقابات التعليم.
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأن “عدد الإضرابات تراجع في الفترة الأخيرة بالمقارنة مع الفترة السابقة، حيث سجلنا في إحدى السنوات الماضية قرابة 17 ألف إضراب”.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “بعض القطاعات أصبحت مسيّسة على غرار التعليم، والاتحاد همّه الوحيد المبادرة التي يتبنّاها منذ فترة والتي لم تجد آذانا صاغية، وها هو الآن يصعّد مع الحكومة أو السلطة كورقة ضغط حتى يلفت نظرها إلى المبادرة”.
التصعيد مع الحكومة لا يمس قطاعا خدميا هذه المرة، بل القطاع النفطي الحساس هو ما قد يؤثر على واردات الدولة التونسية
ويصر اتحاد الشغل على عرض مبادرة يقول إن الهدف منها هو الخروج من الأزمة السياسية، وهو ما يقابل برفض من الرئيس قيس سعيد الذي سعى منذ 25 يوليو 2021 لإبعاد الاتحاد عن السياسة.
وتقدم العشرات من مدراء المدارس الابتدائية الأحد باستقالات جماعية، احتجاجا على قرار وزير التربية والتعليم إعفاء 150 مدير مدرسة، بسبب حجبهم نتائج الامتحانات، في خطوة احتجاجية ضمن خلاف مع الوزارة.
وكان وزير التربية محمد علي البوغديري أصدر قرارا الخميس الماضي يقضي بإقالة 150 مدير مدرسة ابتدائية والاقتطاع من رواتب 15 ألف معلم في ولايات (محافظات) صفاقس وسوسة ونابل وتوزر، بسبب حجب نتائج التلاميذ. ويندرج قرار وزير التربية ضمن توجه تنتهجه الحكومة ويرمي إلى محاسبة كل من يعطل شؤون الدولة والصالح العام.
وكانت السلطات التونسية قد أحالت في فبراير الماضي عددا من المسؤولين النقابيين على التحقيق، وذلك على خلفية إضرابات في قطاع النقل شنتها المنظمة العمالية.
واستنكرت الجامعة العامة للتعليم الأساسي (نقابة) في تونس بشدة قرار وزارة التربية، مؤكدة أن المدرسين المعفيين مارسوا حقا نقابيا.
العشرات من مدراء المدارس الابتدائية تقدموا الأحد باستقالات جماعية، احتجاجا على قرار وزير التربية والتعليم إعفاء 150 مدير مدرسة
وقال الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي -في تصريحات صحفية- إن قرار الوزارة غير قانوني، مشيرا إلى أن المعلمين المعفيين لم تتم إحالتهم إلى مجالس التأديب.
وشدد الشابي على أن الوزارة لم تلتزم باتفاقاتها السابقة مع المعلمين، لذلك قرروا الاحتجاج وحجب نتائج الطلاب.
وشهدت السنة الدراسية الماضية، منذ بدايتها في سبتمبر 2022، أزمة بين وزارة التربية ونقابة التعليم، تعثرت خلالها المفاوضات بين الجانبين.
وتتمثل مطالب النقابة في تحسين الوضعية المادية للمعلمين بزيادة رواتبهم بما يتناسب مع تراجع القدرة الشرائية وغلاء الأسعار، مع إيجاد صيغة لتسوية وضعياتهم المهنية.
وقال أستاذ العلوم الجيوسياسية بالجامعة التونسية رافع الطبيب “لاحظنا في الفترة الأخيرة محاولات تجييش غير عادية من نقابة التعليم الأساسي وهذا أمر غير مقبول من طرف النقابيين”، في إشارة إلى تصريح نبيل الهواشي الكاتب العام المساعد لنقابة التعليم الأساسي، والذي قال فيه “لقد حفر قبره”، ويقصد وزير التربية.
وأضاف لـ”العرب” أن “الصراع بين الوزارة ونقابة التعليم أصبح معركة كسر عظام، ولم يعد للاتحاد أي وجود أو دور سياسي وتم تهميشه، وفشل أيضا في تقديم بدائل وأبرزها مبادرة الإنقاذ الأخيرة”.
وتابع رافع الطبيب “القيادة الحالية للاتحاد، وخصوصا نورالدين الطبوبي، تعيش مشاكل داخلية مع بقية الأطراف بعد التجاهل الكلي سياسيا ونقابيا”.