كريتر نت – نيوزيمن
تعرضت العاصمة عدن، إلى عاصفة رعدية مصحوبة برياح شديدة، الأمر الذي تسبب في إحداث أضرار مادية وبشرية. وسط استمرار التحذيرات الأممية والدولية من خطورة الظواهر والتقلبات المناخية المتطرفة في ظل الوضع الإنساني والمعيشي في اليمن.
الرياح التي ضربت عدن فجر الاثنين 24 يوليو، كانت قوية وغير مسبوقة. وتسببت في اقتلاع الأشجار وأعمدة الكهرباء والإنارة وقواعد اللوحات الإعلانية. ناهيك عن تدمير بعض أسوار المنازل والأسقف الخشبية والحديدة.
كما تسببت العاصفة المفاجئة بخروج خدمتي الكهرباء والاتصالات في مناطق المعلا وخور مكسر، إلى جانب توقف حركة تسيير الرحلات في مطار عدن الدولي.
ووفقاً للمصادر المحلية والأمنية تم تسجيل عدد من الإصابات البسيطة لمواطنين تعرضوا لسقوط أعمدة وجدران وزجاجات النوافذ في مطار عدن ومنازل سكنية. وقدمت المرافق الصحية الخدمات الإسعافية اللازمة للمصابين. وأشارت المصادر إلى أن هناك أضرارا مادية كبيرة في ممتلكات المواطنين والمرافق الحكومية بينها مطار عدن الدولي.
تحذيرات سابقة
العاصفة جاءت بعد أيام من تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة من عودة الفيضانات واضطرابات الطقس، التي من المتوقع أن تضرب عدداً من المحافظات اليمنية خلال يوليو حتى أغسطس المقبل.
وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن تشهد عدد من المحافظات اليمنية فيضانات بفعل احتمالية هطول أمطار غزيرة عليها، وقدرت أعداد الذين سيتأثرون بهذه الفيضانات بـ1500 شخص، داعية إلى اليقظة والحذر.
وتأتي هذه التحذيرات مع ارتفاع عدد المتضررين من الأمطار الغزيرة والفيضانات التي هطلت على اليمن منذ مطلع مارس وحتى نهاية يونيو الماضيين، إلى أكثر من 300 ألف شخص، وفق أحدث البيانات، بينما لحقت أضرار بأكثر من 44 ألف أسرة، عدد أفرادها 308 آلاف شخص في أكثر من 100 مديرية في 19 محافظة.
اليمن ليس بمعزل
وفقاً للباحثين والمختصين لن تكون اليمن بمعزل عن التغيرات المناخية في العالم، بالرغم من عدم امتلاك البلد أية صناعات ثقيلة تسهم في وقوع التغير المناخي كما هو الحال في بعض الدول المتقدمة.
وخلال السنوات الأخيرة، بدأت ملاحم التغير المناخي بالبروز في اليمن، من خلال تنوع كميات الأمطار التي تهطل، وتكرار العواصف المدارية في غير المواسم المعروفة سابقاً، إلى جانب تصاعد مخاطر الجفاف والتصحر في البلد الذي يواجه أوضاعا إنسانية ومعيشية صعبة.
تصاعد ضحايا التغير المناخي، يؤكد أن البرامج التوعوية المقدمة للمواطنين غير كافية للتعامل والتكيف مع التغيرات المناخية المفاجئة. كما أن المشاريع التنموية في الاستفادة من كميات الأمطار لا تزال ضعيفة، حيث تتسرب المياه إلى البحر ولا يتم تخزينها لزيادة الاحتياطي المائي للبلد ومواجهة الجفاف وخطر التصحر الذي يتوسع بشكل كبير في اليمن.
ويوضح بسام القاضي، صحفي علمي متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة لـ”نيوزيمن”: أن ما نشهده من عواصف رياح أو رمال أو أمطار مفاجئة، ما هي إلا نتائج للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم. وبعكس الدول الأخرى تعد اليمن واحدة من البلدان التي تشهد تأثرا كبيرا من تغيرات المناخ وبرز هذا مؤخرا من خلال العواصف والأعاصير التي اجتاحت بعض المحافظات وتسببت بأضرار بشرية ومادية كبيرة.
وأضاف: إن التغيرات المناخية لها تأثيرات كثيرة، سواء الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا برز كثيرا في عدن خلال عاصفة الرياح التي شهدتها المدينة وخلفت أضراراً كبيرة في البنية التحتية بينها مطار عدن الدولي.
وأشار القاضي: المناطق المحيطة بمطار عدن، صحراوية ورملية، وتتحول الرياح الشديدة إلى عاصفة رملية قوية، التي ترتفع إلى مستويات الغلاف الجوي وتؤثر إلى جانب عوامل أخرى في إحداث تغيرات مناخية مفاجئة وحالة الطقس وارتفاع دراجات الحرارة إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة.
ويشير الصحفي بسام القاضي، إلى أن موقع عدن وانخفاضها عن مستوى سطح البحر، جعلها ضمن 10 دول على مستوى العالم مهددة بالغرق بفعل التغيرات المناخية، وفق دراسات عالمية.
مخاطر تغير المناخ
سُجل خلال الأيام الماضية أعلى متوسط درجات حرارة على الإطلاق على مستوى دول العالم، وفقاً لبيانات المراكز الوطنية الأمريكية للتنبؤ البيئي. ووصل متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 17.01 درجة مئوية، لكن هذا الرقم تغير ليصل متوسط درجة الحرارة العالمية 17.23 درجة مئوية. في حين أن أكبر رقم لدرجات الحرارة سُجّل في أغسطس 2016، وبلغ حينها 16.92 درجة مئوية.
وتسلّط الارتفاعات الجديدة الضوء على الوتيرة البطيئة للجهود العالمية في مكافحة تغير المناخ والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بقوله: إن “تغير المناخ أصبح خارجاً عن السيطرة”.
وأضاف غوتيريش: “إذا أصررنا على تأخير الإجراءات الرئيسية المطلوبة، فسوف نتجه نحو وضعٍ كارثي، كما يظهِر آخر رقمين قياسيين في درجات الحرارة”، في إشارة إلى سجلّات درجات الحرارة العالمية التي جرى كسرها هذا العام.
ويؤثر تغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية في عديد من الظواهر المناخية المتطرفة في كل منطقة حول العالم، وتظهر على شكل موجات حر وجفاف طويلة، وكذلك السيول والفيضانات المفاجئة، ويؤدي ذلك إلى خسائر وأضرار فادحة تلحق بالطبيعة والبشر.
ويلفت، الصحفي العلمي، بسام القاضي، لـ”نيوزيمن”: أن التغيرات المناخية التي تشهدها دول العالم باتت من المهددات الرئيسية في الوقت الراهن لما لها من تأثيرات كارثية على جميع المستويات، سواء الاقتصادي والبيئي والصحي والاجتماعي وحتى على مستوى تحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف إن هناك دراسات وأبحاث علمية ومتخصصة في جانب المتغيرات المناخية، أكدت أن اليمن تشهد تغيرات مناخية متواصلة أدت إلى مضاعفة الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلد منذ 9 سنوات.
وأشار القاضي إلى أن الأعاصير والعواصف المدمرة باتت مؤخرا أكثر تزايدا والحدوث، ومدينة عدن تعرضت للكثير من هذه العواصف والتي خلفت الكثير من الخسائر والأضرار. كما أن المدينة أصبحت منطقة قاحلة جرداء جراء انتشار التصحر الذي سيطر على المدينة، وانعدام الأشجار والمسطحات الخضراء التي تساعد على تحسين البيئة ومواجهات الملوثات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري.
وأوضح أن عدن كانت تمتلك حزاما أخضر من أشجار ومزارع ومحميات، إلا أن البسط والبناء العشوائي والتوسع العمراني قضى على المناطق الخضراء وتحولت إلى مناطق قاحلة، بسبب هذه التغيرات أصبحت عدن واحدة من المدن التي تشهد ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة.
أضرار كثيرة
في الوقت الذي يفرح اليمنيون بهطول الأمطار ويعدونه نعمة، إلا أنها في الوقت الراهن تحولت إلى نقمة من خلال الأضرار الكبيرة التي تخلفها الأمطار الغزيرة التي تحولت إلى فيضانات. ففي السنوات الأخيرة تعرضت اليمن إلى عدد من الأعاصير والعواصف الماطرة التي دمرت المساكن والأراضي الزراعية وتسببت ورفعت مستوى الأضرار على السكان خصوصا في الجانب الصحي.
وترى الدكتورة حنان عوض، طبيبة في عدن، أن أحد أسباب انتشار الأمراض الخطيرة والأوبئة يعود إلى الأمطار والتلوث البيئي، فمع سقوط الأمطار تعود الحميات للواجهة وبقوة عن سابقتها، وهذا شهدته العاصمة عدن خلال السنوات الماضية التي شهدت تصاعدا مخيفا لأعداد الإصابات والوفيات بالحميات. الأمطار تخلف مستنقعات تكون بيئة ملائمة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض، إضافة إلى جرف القمامة إلى المناطق المأهولة، وزيادة رطوبتها، ما يتسبب في زيادة تكاثر البكتيريا والفيروسات.
وأضافت: كما أن تصاعد الأدخنة الكثيرة من محطات الكهرباء في عدن يمثل خطرا إضافيا يهدد صحة المواطنين في المدينة وينتج عنه ارتفاع مرضى التحسس في الجهاز التنفسي والجلد حتى بعض أنواع السرطان وأمراض القلب وغيرها من الأمراض.