كريتر نت – العين الإخبارية
من الاختطافات مرورا بالتهديدات إلى الاغتيالات “ثلاثية شر” باتت تهدد بيئة العمل الإنساني في اليمن، برزت مؤشراتها الصادمة أكثر عقب مقتل المسؤول الأممي مؤخرا بتعز.
فالعاملون في مجال الإغاثة وإن كان غالبيتهم يمنيين إلا أنهم وجدوا أنفسهم في مرمى التهم والتحريض العنيف وقيود الحركة والهجمات التي يشنها عناصر إرهابية في “داعش” و”الحوثي” و”الإخوان” و”القاعدة”.
وطيلة 9 أعوام من عمر الانقلاب الحوثي، تعرض بعض العاملين في المجال الإنساني، وموظفين بالأمم المتحدة لجرائم “مروعة”؛ أبرزها الاختطافات والاغتيالات، مما هدد وصول الإغاثة لأكثر من 12.6 مليون شخص في المتوسط بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
آخر تلك الجرائم، اغتيال رئيس برنامج الغذاء العالمي الأردني مؤيدي حميدي في مدينة التربة جنوبي محافظة تعز، قبل أيام على يد مسلح، مما تسبب بعاصفة تنديد محلية ودولية، وصدمة كبيرة للمجتمعات الإنسانية والإغاثية.
اختطاف وقيود
اغتيال الموظف الأممي حميدي، سلط الضوء على حجم المخاطر التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني والتي تصل إلى القتل والاختطافات والإخفاء القسري.
جاءت عملية اغتيال حميدي في وقت لا يزال 5 من موظفي الأمم المتحدة الذين اختطفوا في محافظة أبين من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي في فبراير/شباط 2022 في عداد المفقودين، بالإضافة إلى اثنين في صنعاء اختطفتهما مليشيات الحوثي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
يأتي ذلك إضافة إلى القيود والعوائق البيروقراطية التي تفرضها مليشيات الحوثي على حركة الطواقم الإنسانية، مما صعب من مهمة وصول المساعدات إلى مستحقيها.
وبحسب تقرير أممي حديث؛ فقد شهد الربع الأول من عام 2023 وقوع 621 حادثة وصول في 102 مديرية في 18 محافظة غالبيتها من قبل مليشيات الحوثي؛ فيما بلغ عدد المتضررين منها حوالي مليونين و868 ألفًا و322 شخصا.
ويقول التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، إن النسبة الأكبر من حوادث الوصول كانت في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، التي سُجلت فيها 358 حادثة، ما يمثل نسبة حوالي 58% من إجمالي حوادث الوصول خلال الربع الأول من العام الجاري.
هذه الحوادث تنوعت بين قيود بيروقراطية فرضها الحوثيون بلغت 296 حادثة، وتدخلات في تنفيذ الأنشطة الإنسانية بلغت 131 حادثة، بالإضافة إلى قيود مفروضة على حركة العاملين في المنظمات أو المواد الإغاثية داخل اليمن وإليه بلغت 163 حادثة، وتدخلات في اختيار الشركاء المنفذين وتسجيل المستفيدين، وتأخيرات الموافقة على اتفاقيات المشاريع، وتعليق وإيقاف الأنشطة خلال التنفيذ.
ورصد التقرير الأممي 18 حادثة عنف ضد العاملين والأصول والمرافق الإنسانية، واحتجاز 3 منهم، وغيرها من الحوادث.
وكانت الأمم المتحدة سجلت العام الماضي أكثر من 3500 حادث متعلق بوصول المساعدات الإنسانية في اليمن.
تخادم “إرهابي”
وإلى ذلك، قال رئيس منظمة تقصي للتنمية وحقوق الإنسان اليمنية المحامي هادي وردان في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن استهداف العاملين في المجال الإغاثي “يعد جريمة ضد الإنسانية”.
الحقوقي اليمني، أضاف أن الحصار الحوثي ليس عسكريا فحسب وإنما ضرب جميع الجوانب، منها منع وصول الإغاثة الإنسانية، ومنع وصول الأيادي الخضراء التي تريد جعل تعز مركزا رئيسيا للغذاء العالمي.
وأشار إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان ألزم جميع أطراف الصراع بحماية الطواقم الطبية والفرق الإعلامية والإغاثية والإنسانية.
وعن اغتيال حميدتي، قال المسؤول الحقوقي إن مقتل الموظف الأممي يشير إلى أن من يفرض حصار تعز هو منظومة متكاملة تريد أن يبقى المجتمع تحت وطأة حصار لا نهاية له، مؤكدًا أن الحادث يدل على أن “الجماعات الإرهابية لا تزال تحكم القبضة الأمنية وقادرة على الوصول إلى من تريد”.
رسائل وتحذيرات
وبحسب المسؤول الحقوقي، فإن الحادث يعد رسالة للمجتمع الدولي، مفادها أن “المناطق التي تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها لا تزال تديرها جماعات إرهابية تغتال الوفود والأجانب، في خدمة مجانية للحوثي”.
وأوضح أن استهداف الطواقم الإغاثية يشير إلى أن “هناك تخادمًا بين الحوثي والتنظيمات الإرهابية”، مشيرًا إلى أن عدم انخراط المجتمع واستقرار الوضع الإنساني والحد من ظاهرة القتل والحروب، يهدد السلم والسلام.
وتقول الأمم المتحدة إن هناك أكثر من 23 مليون يمني يحتاجون إلى أحد أشكال المساعدات الإنسانية والحماية، مشيرة إلى أنه لولا الالتزام المتواصل من قبل الجهات العاملة في المجال الإنساني، لكان الوضع أسوأ بكثير.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى 19 مليونًا بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، فيما لا يزال ثلث النازحين في اليمن البالغ عددهم 4.3 ملايين شخص يعيشون في ظروف قاسية، وفقا لذات المصدر.