كريتر نت – متابعات
اتجهت المملكة العربية السعودية إلى الاستثمار في الرياضة، وباتت لاعبا محوريا في كرة القدم مع جذبها نجوما في اللعبة الشعبية، بالإضافة إلى سباق السيارات ورياضة الغولف، ورغم انتقادات جماعات حقوق الإنسان ضد ما أسمته بـ”التبييض الرياضي” لسمعة المملكة، إلا أن السعودية ترغب في زيادة فضول العالم حيالها من خلال الاستثمار في الرياضة الإلكترونية.
وأثبتت المملكة العربية السعودية، التي شملت أحدث صفقاتها شراء بعض نجوم كرة القدم على غرار كريسيانو رونالدو والاستحواذ على بطولات الغولف الكبرى، أن طموحها يشمل هواية عالمية أخرى، وهي صناعة ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية بصفة عامة، التي تصل قيمتها إلى 180 مليار دولار سنويا.
وخصص صندوق الثروة السيادية السعودي في سبتمبر الماضي حوالي 40 مليار دولار لتحويل المملكة إلى مركز عالمي للألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول 2030. وأصبح الصندوق السعودي في فبراير أكبر مستثمر خارجي في شركة “نينتندو”.
واستضافت المملكة خلال الشهر الحالي بطولة ألعاب كبرى بمجموع جوائز قياسي بلغ 45 مليون دولار، ما جعل السعودية لاعبا تتزايد أهميته في الصناعة، وساهم في تحولها السريع من مملكة معزولة معروفة بالنفط والإسلام المحافظ إلى قوة رياضية وترفيهية ناشئة.
ويرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 37 عاما، والذي يُقال إنه من محبي الألعاب، في الصناعة جزءا من رؤية 2030 الهادفة إلى إصلاح اقتصاد المملكة، وتقليل اعتمادها على النفط، وتوفير فرص العمل والترفيه لشبابها.
◙ المملكة أكبر مستثمر في نينتندو
وقال ولي العهد السعودي في سبتمبر الماضي، حين أعلن عن إنشاء مجموعة سافي غايمز غروب “نحن نُسخّر الإمكانات غير المستغلة عبر قطاع الرياضات الإلكترونية والألعاب لتنويع اقتصادنا، ودفع عجلة الابتكار في هذا القطاع، وزيادة توسيع نطاق عروض مسابقات الترفيه والرياضات الإلكترونية في جميع أنحاء المملكة”.
وتهدف مجموعة سافي، التي يمتلكها صندوق الاستثمارات العامة ويقودها الرئيس التنفيذي براين وارد، إلى استثمار 39 مليار دولار في صناعة الألعاب. كما تأمل في تأسيس 250 شركة محلية وخلق 39 ألف فرصة عمل في السنوات السبع المقبلة. وخلال الشهر الحالي، أكملت عملية الشراء البالغة 4.9 مليار دولار لشركة سكوبلي، التي ابتكرت “مونوبوليغو” و”ستار تريك فليت كوماند” و”مارفل سترايك فورس”.
ويعدّ قطاع الألعاب صناعة ضخمة وسريعة النمو. وتقول شركة أبحاث السوق نيوزو إن حوالي 3.2 مليار شخص يتنافسون عبر الألعاب على أجهزة الكمبيوتر أو الأنظمة مثل بلاي ستيشن أو الأجهزة المحمولة أو خدمات الألعاب السحابية، وإن الصناعة حققت عائدات بقيمة 184.4 مليار دولار في 2022. وتجلب الألعاب أموالا أكثر من أرباح شباك التذاكر العالمي ومبيعات الموسيقى والألبومات وأغنى خمس بطولات رياضية مجتمعة، وفقا لتقرير مجموعة بوسطن الاستشارية في 2021.
كما تدخل المملكة عالم الرياضات الإلكترونية، وهي منافسات بين أفضل لاعبي العالم في ألعاب تشمل الرماية من منظور الشخص الأول وألعاب كرة القدم “فيفا” و”مادن أن.أف.أل”. وقد تبدو إمكانية مشاهدة أشخاص آخرين يلعبون ألعاب الفيديو غير جذابة للبعض، لكنها نشاط تجاري ضخم يضم الملايين من المعجبين والمشاهير والجهات الراعية. وجذبت بطولة الرياضات الإلكترونية 2021 في سنغافورة 5.4 مليون مشاهد.
الرياضة جزء من رؤية 2030 الهادفة إلى إصلاح اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على النفط، وتوفير فرص العمل والترفيه لشبابها
وقال كريستوفر ديفيدسون، الخبير في شؤون الخليج في المركز الأوروبي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث مقره بروكسل “ستتمتع بفرص إعلانية كبيرة عندما تستثمر في الرياضات الإلكترونية. وتروج بالطبع لبلدك كمكان مثير للباحثين عن وجهات لقضاء عطلة”. وأضاف أن “الرياضات الإلكترونية أجدّ وأكثر عالمية من أي رياضة أخرى. وتحظى كرة القدم الإنجليزية على سبيل المثال بشعبية في كل مكان في الغرب، ولكن ليس في مدينة صينية هادئة. لكن الرياضات الإلكترونية مختلفة”.
واستضافت السعودية خلال الصيف الماضي بطولة غيمرز 8 التي استمرت لأسابيع وبلغ مجموع جوائزها 15 مليون دولار. وأطلقت الحدث هذا الشهر مرة أخرى بمجموع جوائز أكبر بثلاث مرات.
ويتطلع جيران السعودية الأثرياء في الخليج إلى الاستفادة من القطاع. واستضافت دبي مهرجان الرياضات الإلكترونية لمدة خمسة أيام الشهر الماضي. واشترت هيئة الاستثمار القطرية مؤخرا حصة أقلية في مؤسسة “مونيومنت سبورتس آند إنترتينمنت” المالكة لنادي واشنطن ويزاردز لكرة السلة، واستثمرت في مجال الألعاب الإلكترونية.
وأشعلت المشاركة المتزايدة لدول الخليج جدلا داخل مجتمع الألعاب. وقررت شركة ريوت غيمز التي تشتهر بلعبة ليغ أوف ليجيندز متعددة اللاعبين، ومنظم البطولة الدنماركية بلاست، إلغاء شراكتهما مع السعودية في 2020 بعد غضب المعجبين. ولم يمتنع بلاست عن إقامة نهائيات بطولته الدولية في أبوظبي، حيث واجه انتقادات مماثلة.
وأعلنت تيم ليكويد، وهي منظمة للرياضات الإلكترونية تمثل 60 لاعبا كبيرا في 14 لعبة، في ديسمبر أنها ستتبرع بنصف أرباحها من المنافسات الأخيرة في السعودية والإمارات إلى منظمة تساعد أفراد مجتمع الميم على الهروب من العنف والاضطهاد. وتعتبر المثلية الجنسية من المحرمات في معظم دول الشرق الأوسط وهي مُجرّمة في السعودية والإمارات، على الرغم من ندرة الملاحقات القضائية. ويحظر البلدان كذلك أي شكل من أشكال الدفاع عن مجتمع الميم.
وأقر بيان تيم ليكويد بالمقايضات المالية والأخلاقية عند قبول الرعاية من هذه البلدان. وقالت “تقدم هذه الأحداث فرصا حقيقية للاعبينا، الذين قد يكون للعديد منهم مسار مهني قصير دون ضمانات كبيرة. لا تنهي المقاطعة الكاملة هذه المسارات فقط، بل قد تمنع مشاركتنا في بعض الرياضات الإلكترونية تماما”.
ويقول ستانيس إلسبورغ، وهو كبير المحللين في مبادرة بلاي ذي غايم الدولية الهادفة إلى تعزيز الأخلاقيات في الرياضة، والذي كتب عن تقاطع الرياضات الإلكترونية وطموحات الخليج، إنها “معضلة من المحتمل أن تتكرر كل مرة”. وتابع “الأموال تتكلم. أتوقع أن تسير الرياضات الإلكترونية على نفس نهج الرياضات الأخرى، بشراكاتها المهمة مع الشركات التي تملكها الدول ذات رأسمال قوي”.