كريتر نت – متابعات
إذا كنت تبحث عن سبب وطني للاستمتاع بمشروب في يوم استقلال أمريكا، فلا تنظر إلى أبعد من هذا الكوب الساخن، في الشهر الملتهب.
إنه الشاي الذي يعشقه الملايين حول العالم، وخصصوا يوما للاحتفال به، في مشروب ارتبط تاريخيا باستقلال القوة الأعظم بالعالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
فما حكايته؟
في عام 1773، اندلع خلاف علني حول فرض بريطانيا الضرائب في مستعمرات أمريكا الشمالية، حينما مرر البرلمان قانون الشاي الذي اقترحه رئيس الوزراء البريطاني آنذاك لورد نورث.
حينها، كان لدى شركة الهند الشرقية الإنجليزية كمية كبيرة من الشاي الفائض في متناول اليد.
ولمساعدة الشركة شبه المفلسة تقريبا، وإحباط تهريب الشاي الهولندي، وإعادة تأكيد سلطتها في فرض الضرائب على المستعمرات، أجاز البرلمان البريطاني قانون الشاي في 10 مايو/أيار 1773.
وبموجب القانون، تم فرض ضريبة على الشاي عند نقطة الدخول في الموانئ، وأنشئ مكتب جمارك للأمر، في خطوة أرادت بريطانيا من ورائها مشاركة المستعمرات الواقعة تحت سيطرتها في تحمل نفقات جيوشها.
سياسات بريطانية قوبلت باحتجاجات عارمة في المستعمرات ضد التاج البريطاني، أسفرت عن إلغاء الضرائب المفروضة باستثناء تلك المتعلقة بالشاي الذي كان هو السلعة الرائجة آنذاك في أمريكا.
ونتيجة لذلك، اشتعلت الاحتجاجات من جديد خاصة في مدينة بوسطن، حيث تصدى الجنود البريطانيون للمتظاهرين، الأمر الذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص فيما سُمي باسم “مجزرة بوسطن”.
وبعد ثلاث سنوات من تلك المجزرة، وبينما كانت ثلاث سفن تابعة لشركة الهند الشرقية ترسو في ولاية بوسطن، قام نحو 50 ناشطا بالتنكر في هيئة هنود الموهوك، وصعدوا على متنها وأفرغوا حمولتها من الشاي في مياه المرفأ، في حادثة عُرفت بـ”حفل شاي بوسطن”، التي كانت الشرارة الأولى لاستقلال أمريكا.
تناهت أنباء “حفلة شاي بوسطن” إلى بقية الولايات، فخرج سكانها في احتجاجات لم تخمد إلا في عام 1776، باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من يوليو/تموز 1776.
لكن التوقيع على وثيقة الاستقلال من قبل 56 مندوبا يمثلون تلك المستعمرات، جرى يوم 2 أغسطس/آب من نفس العام.
قصة عشق
بعيدا عن السياسة، يعتقد الغرب أن الفضل الأول في اكتشاف نبتة الشاي يعود للصينيين، مع أن الجميل الحقيقي يعود لسيدة برتغالية نقلت عدوى عشقها لشعب بأكمله.
ولعٌ بات وراثيا لمشروب يندرج ضمن التقاليد الغذائية والمجتمعية للبريطانيين، حتى إن متخصصين في علم الاجتماع يكادون يتفقون على أن أي شخص ذي وجه جامد القسمات، ولا يبدي أي انفعالات، وفي يده قدح من الشاي، فسيكون حتما إنجليزيا.
وفي الواقع، إن الشاي إنجليزي بامتياز. ويعد جزءا أصيلا من الثقافة الإنجليزية، إلى حد أنه قد ارتبط في أذهان العالم بالشعب الإنجليزي.
لكن أصول هذه العادة ترتبط بقصة جنسية مختلفة، ففي عام 1662، وافق ملك إنجلترا تشارلز الثاني على الزواج بالأميرة كاثرين أوف براغانزا، ابنة جون الرابع ملك البرتغال.
ويقال إن كاثرين جلبت معها أوراق الشاي ضمن تجهيزاتها الشخصية حين انتقلت للعيش مع زوجها، لكنها صدمت حين عرفت أن تلك الأوراق يستخدمها الإنجليز في العلاج حيث يعتقدون أنه ينشط الجسم وينقي الطحال.
رغم ذلك، لم تتخل الملكة عن عادتها باحتساء الشاي يوميا كما تفعل في بلادها، ومنذ ذلك الحين انتشر الشاي كمشروب يتجمع الناس لاحتسائه في إنجلترا، ولم يعد علاجا فقط.