كربتر نت – متابعات
أدت التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، واليمن بشكل خاص، إلى العديد من الآثار التي ضاعفت من انعدام الأمن الغذائي وسبل العيش.
هذه الآثار انعكست سلبا على المزارع اليمني شعيب القاضي (60 عاماً)، القاطن في مديرية “المواسط” في محافظة تعز (جنوب)، وذلك بعد أن جرفت سيول الأمطار الغزيرة التي تساقطت خلال الفترة الماضية أراضيه الزراعية.
وقال القاضي في حديثه لـ”العين الإخبارية” إن “مياه السيول والأمطار هذا العام جرفت الأراضيّ الزراعية وطمرت الزرع في المساحات القليلة المتبقية منها، لنبقى هذا العام دون محاصيل الذرة”.
وأدت السيول الجارفة إلى تدمير قرابة نصف فدان من مساحة أراضي شعيب القاضي الزراعية (2100 متر مربع)، والذي كان يتخذها في زراعة الذرة الشامية والدخن وتنتج نحو ستة إلى ثمانية أقداح من محاصيل الذرة، أي ما يساوي 128 نفرًا من الحبوب، يقدر كل قدح بـ16 نفرًا.
وبحسب المزارع اليمني، فإنه كان يعتمد بدرجة كبيرة على محاصيل أراضيه الزراعية، والتي تساعده في التخفيف من أعباء المعيشة الغالية نتيجة الانهيار الاقتصادي في البلاد بسبب الانقلاب الحوثي، كما أن ممارسة الزراعة هي عمله الوحيد والذي يعيل أسرته من خلالها.
العواصف والأمطار والفيضانات وارتفاع درجة الحرارة، جميعها نتيجة التغيرات المناخية، والتي كانت سبباً في فقدان المزارع القاضي لمساحات واسعة من أراضيه الزراعية، والتي يعتمد عليها في أمنه الغذائي.
تهديدات تغيرات المناخ
تمثل التغيرات المناخية بحسب الأمم المتحدة، واحداً من أكبر التحديات التي يواجهها اليمن، حيث تؤدي إلى تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
في حين يمثل تغير المناخ ضغطاً متزايداً على قطاع الزراعة، ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى تأثير التغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار على المحاصيل وتوفر الأغذية وارتفاع أسعارها وانخفاض إيرادات سبل العيش الزراعية.
وتشمل عواقب تغير المناخ الآن، بحسب الأمم المتحدة، من بين أمور أخرى، ارتفاع درجة الحرارة، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الشديدة، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي.
وفي تقرير حديث للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، اطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منه، أكد أن التغيرات المناخية في اليمن أثرت بشكل كبير على قطاع الزراعة، وهو القطاع الحيوي الذي يعمل فيه عدد كبير من الأفراد، ويعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج الغذاء المحلي في البلاد التي يعيش نحو 70% من سكانها في الأرياف.
وبحسب البرنامج الإنمائي، فإن تأثير التغيرات المناخية، إضافة إلى تدمير الوضع الاقتصادي بسبب حرب مليشيات الحوثي وانقلابها على السلطة في اليمن منذ 8 سنوات، يعاني اليوم أكثر من 17.3 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، حيث أصبح الجوع وسوء التغذية من التحديات الأكثر إلحاحاً في البلاد.
وأشار التقرير الإنمائي إلى أن معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن، تعد من بين أعلى المعدلات في العالم؛ حيث تحتاج 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع، و2.2 مليون طفل دون الخامسة، إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.
وبحسب التقرير فإنه ستستفيد 47 منطقة زراعية يمنية – جميعها مصنفة بمستوى منخفض في مؤشر الأمن الغذائي- من التدخلات التي تهدف إلى إعادة تأهيل وحماية بنيتها التحتية الزراعية وتعزيز الممارسات الزراعية المقاومة لتغيرات المناخ لمساعدة المجتمعات على الحفاظ على استدامة إنتاج الغذاء مستقبلاً.
ويفتقر مزارعو اليمن إلى الإمكانيات التي قد تساعدهم في الوقاية ومواجهة التغيرات المناخية التي تؤثر على أراضيهم الزراعية بشكل مباشر، لاسيما في ظل انعدام الإرشادات والحلول الأولية التي تقيهم من الكارثة التي قد تلحق بهم نتيجة لتقلبات المناخ.
زيادة التصحر
وفق دراسة للحكومة اليمنية أعدها قطاع الدراسات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي بدعم من الأمم المتحدة، تناولت تأثير التغيرات المناخية على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، فإن زيادة نسبة التصحر في اليمن بلغ نحو 86% من إجمالي مساحة الدولة.
وأرجعت الدراسة ذلك إلى التغيرات المناخية وسوء استخدام المياه الجوفية، وتدهور الموارد الطبيعية والتوسع العمراني.
وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة في اليمن حوالي 3% من إجمالي مساحة الأراضي البالغة نحو 52 مليون هكتار، فيما مساحة الصحراء تصل إلى 52.4%، ونحو 40.8% أراضٍ رعوية، وما يقارب 3.7% مساحة الغابات والأحراش.
ويؤكد تحليل البيانات الجغرافية المكانية الذي أجراه البنك الدولي وتقارير صادرة عن منظمات أممية كمنظمة الأغذية والزراعة “فاو” خلال العام الماضي 2022، أن المناطق اليمنية أصبحت أكثر تعرضاً للصدمات المناخية، حيث من المتوقع أن تؤدي فترات الجفاف والفيضانات المتناوبة إلى إضعاف الإنتاجية الزراعية، وتفاقم الانخفاض العام في الاقتصاد الوطني.