كريتر نت – متابعات
في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للترحيب بقادة مجموعة العشرين الشهر المقبل، تهدد بعض أسوأ أعمال العنف الديني منذ سنوات بتشويه جهوده لإظهار الهند كثقل إستراتيجي موازن وكبديل عن الصين بالنسبة إلى الاستثمار.
يأتي ذلك بينما تزايدت حدة الانتقادات الداخلية الموجهة للحكومة بسبب تفاقم العنف الديني، في حين فشلت جهود المعارضة الخميس لسحب الثقة من مودي بسبب الانتهاكات.
وذكر الكاتبان الهنديان بيبهوداتا برادهان وسودهي رانجان سين في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن الاشتباكات بين الهندوس والمسلمين التي جرت مؤخرا أسفرت عن مقتل ستة أشخاص بالقرب من مطار نيودلهي الدولي، على مقربة من المكان الذي من المقرر أن يصل إليه في التاسع من سبتمبر المقبل قادة العالم ومن بينهم الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ للمشاركة في قمة مجموعة العشرين الأكثر شهرة في العالم.
وقد التزم مودي الصمت إزاء الاشتباكات الأخيرة القريبة من العاصمة، والتي أعقبت الأحوال التي ازدادت سوءا في ولاية مانيبور على بعد نحو 2500 كيلومتر.
فقد أدى مقطع فيديو يظهر امرأتين أُجبرتا على المشي عاريتين والتحرش بهما إلى إثارة غضب عام، مما سلط الضوء على صراع عرقي أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصا منذ مايو الماضي.
الاشتباكات الأخيرة تسلط الضوء على صراع عرقي أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصا منذ مايو الماضي
وهذه الحوادث تزيد الضغط على بايدن وغيره من القادة الديمقراطيين للتحدث عن المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان في أكثر دول العالم سكانا، وهو ما سعت الولايات المتحدة لتجنبه بوجه خاص أثناء إقناع الهند بأن تنأى بنفسها عن روسيا، وبأن تواجه تصرفات الصين القسرية المتزايدة.
وفي يونيو الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الشراكة الأميركية – الهندية “أكثر قربا وأوسع نطاقا، وهي أكثر ديناميكية من أي وقت مضى”.
ويقول سي أوداي بهاسكر مدير دراسات المجتمع من أجل السياسة في نيودلهي إن الاشتباكات الدينية والعرقية “يمكن أن تؤثر بصورة سلبية على صورة الهند كخيار آمن للاستثمار والتصنيع”.
وأضاف أنها يمكن أن تؤثر أكثر من ذلك في ما يتعلق بسياسة التخلص من مخاطر الصين وإضعافها التي تتبعها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
ويمكن القول إن المخاطر كبيرة بالنسبة إلى مودي الذي يواجه انتخابات العام المقبل، والتي يتوقع أن يتمكن فيها من إطالة أمد تواجده في السلطة ليتخطى العشرة أعوام.
وعلى الرغم من أن الكثير من الناخبين يفضلون مودي كقائد قوي تمكن من التعجيل بتنمية الهند وتعزيز صورتها على المسرح العالمي، يقول المنتقدون إن حزبه “بهاراتيا جاناتا” الذي يهيمن عليه الهندوس جعل الدولة أقل تسامحا مع الأقليات وهو اتجاه أوضحته أعمال العنف الأخيرة.
ومنذ أن تولى مودي السلطة عام 2014، تعرض للانتقاد من جانب جماعات المعارضة لقيامه بتعزيز أجندة موالية للهندوس وتكميم الأصوات المعارضة، بما في ذلك الكيانات الإعلامية ومراكز الأبحاث. وقد وصفت منظمة فريدوم هاوس التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، الهند بأنها “حرة جزئيا” وانتقدت معاملة الحزب الحاكم للأقلية المسلمة.
ومع ذلك، ما يزال مودي يتمتع بشعبية ويحظى على الدوام بنسبة قبول تزيد على 60 في المئة.
وتزين الشوارع في جميع أنحاء نيودلهي ملصقات تصور مودي وشعار مجموعة العشرين. ومن المتوقع أن يشهد قادة العالم الصناعي اجتماعا على هامش القمة حيث تتطلع الهند إلى جذب الشركات التي تسعى لنقل بعض التصنيع بعيدا عن الصين.
مودي ما يزال يتمتع بشعبية ويحظى على الدوام بنسبة قبول تزيد على 60 في المئة
والأسبوع الماضي، شهد ممثلو دول مجموعة العشرين جلسة إحاطة خاصة عقدتها وزارة الشؤون الخارجية الهندية، حتى مع استمرار قيام قوات الأمن بدوريات في جوروجرام، وهي مدينة خارج نيودلهي، توجد بها مكاتب لشركات مثل مايكروسوفت وغوغل ألفابت.
وكانت التوترات قد تأججت في جوروجرام والبلدات القريبة في ولاية هاريانا بعد اشتباك الهندوس والمسلمين أثناء موكب ديني لجماعات هندوسية يوم الاثنين الماضي. وكان العنف هو الأسوأ في منطقة العاصمة الهندية منذ عام 2020، عندما لقي 52 شخصا حتفهم معظمهم من المسلمين، في اشتباكات طائفية.
ودعا رئيس حزب المؤتمر الهندي بريانكا غاندي فادرا إلى الوحدة، وقال إن سياسة “فرّق تسد” هي أكبر عائق أمام معالجة قضايا التوظيف والتنمية الأكثر إلحاحا.
وتعاني الهند من صراعات مماثلة سببها الهوية في ماليبور بين جماعات أقلية قبلية وأغلبية هندوسية بشأن سياسات العمل الإيجابي. ودفع مقطع الفيديو الخاص بالمرأتين العاريتين مودي إلى الإدلاء بأول تصريحات علنية بشأن الاعتداءات الجنسية في مانيبور، التي تقع على حدود ميانمار في شمال شرق الهند.
والخميس فشلت مذكرة حجب ثقة ضد حكومة رئيس الوزراء الهندي مودي في البرلمان بعد خطاب حماسي له خلال جلسة نقاش استمرت ثلاثة أيام.
وكان غاندي من بين الأشخاص الذين انسحبوا، وفق وسائل إعلام، علما بأنه قال الأربعاء إن حكومة مودي “عازمة على إحراق البلاد بأكملها”. ويحظى حزب مودي الهندوسي القومي بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب) بغالبية مقاعد مجلس الشعب الذي يضم 543 مقعدا، ويتوقع إلى حد كبير بأن يفوز بولاية ثالثة.