كريتر نت – متابعات
يبدو أن الهجمات الروسية المتزايدة على أهداف في عمق أوكرانيا لها هدف رئيسي يتفوق على ما غيره من أولويات موسكو في الوقت الحالي، يتمثل بمحاولة تدمير قدرة كييف على إطلاق الصواريخ بعيدة المدى التي تتلقاها من الحلفاء الغربيين، بحسب تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
وكانت قوات الكرملين قد أطلقت عشرات الصواريخ هذا الأسبوع في مناطق بعيدة غربي أوكرانيا، مستهدفة القواعد الجوية والمطارات ومنشأة لتدريب الطيارين تبعد ألف كيلومتر عن خطوط المواجهة.
وقال مسؤولون أوكرانيون إنه “تم إطلاق 28 صاروخ كروز، خلال يوم الثلاثاء وحده”، مؤكدين أنه جرى اعتراض 16 منها.
وتنظر كييف وحلفاؤها إلى الضربات على أنها “جزء من جهود استمرت أسابيع لتدمير القواعد الجوية وأسطول القاذفات المستخدمة لإطلاق صواريخ (ستورم شادو) البريطانية، وصواريخ (سكالب) الفرنسية”، وفقًا لما نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة.
وأوضح مسؤولون أن “أوكرانيا تسابق الزمن لتجنب استهداف تلك الأسلحة المهمة والطيارين القادرين على استخدامها”، وبناء ذلك يتنقل الطيارون الأوكرانيون باستمرار بين العشرات من القواعد الجوية المحلية والمطارات التجارية.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، الكولونيل يوري إغنات: “ليس من المستغرب أنهم يحاولون تدمير طائراتنا وطيارينا.. الطيارون قادرون على التسبب بالكثير من المتاعب لهم”.
دور حاسم
ولعب المدى الطويل لهذه الصواريخ الغربية دورًا مهمًا في مساعدة أوكرانيا على تحقيق بعض التقدم في الأراضي التي تحتلها القوات الغازية، إذ أكدت أوكرانيا، الأربعاء، أن جيشها تمكن من تحرير قرية أوروزين في منطقة دونيتسك الجنوبية.
وقال الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات الاستخبارات العسكرية والأجنبية في أوكرانيا، فاليري كوندراتيوك: “إن منظومتي سكالب الفرنسية وستورم شادو البريطانية لعبتا بالفعل دورًا حاسمًا”.
وتابع: “لم يكن لروسيا طريقة أخرى لوقف تلك الضربات سوى محاولة ضرب المطارات التي تنطلق منها هذه الصواريخ”.
وكانت المملكة المتحدة أول من قدمت لأوكرانيا صواريخ بعيدة المدى “ستورم شادو”، وذلك قبل أن تحذو فرنسا حذوها بتقديم منظومة “سكالب”.
وبحسب خبراء، فإن الولايات المتحدة وألمانيا لا تزالان أكثر حذرًا بشأن إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع، لا سيما أنه يمكن استخدامها لضرب أهداف داخل روسيا.
وتقول أوكرانيا إن طياريها يطلقون صواريخ غربية “فقط داخل حدودها”، لضرب الترسانات الروسية ومواقع القيادة والنقاط اللوجيستية في الأراضي المحتلة، وأن تلك الضربات تشمل “استهداف الجسور”.
وفي الأشهر الأولى من الحرب، كان على أوكرانيا الاعتماد على الترسانة السوفيتية من صواريخ أرض جو، بما في ذلك منظومة “إس -300 و” بوك Buks”، مما منع روسيا من تحقيق التفوق الجوي.
وقد أجبر ذلك الجيش الروسي على إطلاق صواريخه من روسيا وشبه جزيرة القرم التي احتلتها موسكو عام 2014، لتكون لاحقا نقطة مهمة في انطلاق الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير من العام الماضي.
وساعدت أنظمة الدفاع الجوي التي قدمها الحلفاء الغربيون، بما في ذلك صواريخ “باتريوت” أميركية الصنع، ومنظومة “NASAMS” النرويجية الأميركية، ونظام “Iris-Ts” الألماني، في حماية سماء أوكرانيا.
لكن إغنات قال إن هناك حاجة إلى “مزيد من الأنظمة الصاروخية لتعزيز حماية القواعد الجوية والبنية التحتية العسكرية والمدنية الأخرى، التي تستهدفها روسيا بشكل شبه يومي”.
وفي نفس السياق، أوضح مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك، أن “روسيا زادت مؤخرًا من هجماتها على القواعد الجوية”، مكررا مطالب بلاده بالحصول على “المزيد من أنظمة الدفاع الجوي”.
وتجادل كييف بأن منظومتي “ATACMS” أميركية الصنع، وتوروس الألمانية، من شأنهما أن تزيدا من “إمكانية تجاوز الصعوبات التي يواجهها الهجوم الأوكراني المضاد”.
وردد، القائد السابق للجيش الأميركي في أوروبا، الجنرال بن هودجز، دعوة أوكرانيا، قائلا: “في الوقت الحالي، يجب علينا تحميل صواريخ ATACMS وصواريخ توروس والمزيد من صواريخ ستورم شادو وأنظمة أخرى بعيدة المدى، على طائرات النقل C- 17 وجلبها إلى أوكرانيا في أسرع وقت ممكن”.
وأكد هودجز أن روسيا كانت لديها “محاولات يائسة للتأكد من أن أوكرانيا لا تمتلك القدرة على ضرب القواعد في شبه جزيرة القرم، مما قد يؤدي إلى طردهم من شبه الجزيرة”.
ونبّه إلى أن الضربات الجوية الروسية التي استهدفت القواعد الجوية الأوكرانية كانت ضمن “محاولاوت منع مثل هذا التحول في الحرب”.
ووفقا لما نقلته الصحيفة عن خبراء غربيين، فإن “الروس يعلمون أنهم ضعفاء للغاية، وأن أسوأ ما يمكن أن يحدث لهم هو أن تصبح أوكرانيا قادرة بشكل منتظم ودقيق على ضرب قاعدة أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول، وبقية القواعد الجوية والمراكز اللوجيستية الروسية”.
وفي برلين، حيث يذكر الجدل الدائر بشأن إرسال صواريخ توروس بالمشاحنات التي سبقت قرار إرسال دبابات ليوبارد الألمانية إلى أوكرانيا، ألقى وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر، بكل ثقله لدعم مطالب كييف.
وكذلك فعل العضو البارز في البرلمان الألماني، نوربرت روتغن، الذي حث برلين أيضًا على توفير أنظمة دفاع جوي إضافية، قائلا: “علينا أن نفعل المزيد. سواء فيما يتعلق بحماية مواقع إطلاق صواريخ كروز، أو بخصوص مدينة أوديسا (ميناء مهم على البحر الأسود) التي لا تتمتع بحماية كافية”.
وبدوره، حث ساك الحلفاء الغربيين لأوكرانيا على “تسريع تدريب الطيارين الأوكرانيين، وتوريد طائرات مقاتلة من طراز (إف-16) لحماية أجواء البلاد بشكل أفضل”.
وقال إن ضربات القواعد الجوية “تظهر أن الروس لديهم رعبا كبيرا من احتمال حصول أوكرانيا على طائرات إف-16، لأنهم يعلمون أنها ستساعد كييف على الانتصار بشكل أسرع”.