كريتر نت – متابعات
يدرس الرئيس الأميركي جو بايدن الاجتماع بولي العهد السعودي رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين المقرر انعقادها الشهر المقبل في العاصمة الهندية نيودلهي.
ويرجح متابعون أن يجري حسم أمر اللقاء في ضوء ما ستحرزه المفاوضات الأميركية – السعودية من تقدم بشأن صفقة شاملة بين الجانبين تتضمن تطبيعا للعلاقات بين المملكة وإسرائيل.
وتبذل الإدارة الأميركية منذ فترة جهودا حثيثة من أجل اتفاقية أمنية ودفاعية جديدة مع الرياض تشمل التطبيع مع تل أبيب، وقد كشف مسؤولون إسرائيليون مؤخرا عن تحقيق تقدم في المفاوضات، لكن لم يتم “التوصل بعد إلى اتفاق نهائي”.
ونقل موقع “إكسيوس” الإخباري عن مصدر مطلع قوله إن مسؤولين أميركيين وسعوديين يبحثون منذ أسابيع إمكانية عقد اجتماع بين الرئيس بايدن والأمير محمد بن سلمان خلال قمة مجموعة العشرين، حتى قبل أن يجري مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان زيارة إلى المملكة في يوليو الماضي.
وقال مصدران آخران مطلعان على الأمر إن مثل هذا الاجتماع ممكن، لكنهما شددا على أنه لم يتم وضع اللمسات الأخيرة بعد.
من شأن عقد الاجتماع أن يعطي دفعة للمفاوضات التي تجريها واشنطن مع الرياض، بشأن صفقة ضخمة
في المقابل صرح متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بأنه لا يوجد شيء للإعلان عنه في الوقت الراهن.
وقال موقع إكسيوس نقلا عن مصادر إن من شأن عقد اجتماع بين الزعيمين أن يعطي دفعة قوية للمفاوضات التي يجريها البيت الأبيض مع الحكومة السعودية، في محاولة للتوصل إلى الاتفاق الضخم الذي قد يشمل تقديم ضمانات أمنية أميركية للرياض.
وفي حال جرى اللقاء فإنه سيكون الثاني بينهما، بعد الزيارة التي أداها بايدن في يوليو 2022 إلى المملكة، والتي لم تسر وفق ما كان يأمل الرئيس الأميركي.
ووفقا للموقع الأميركي من شأن مثل هذا الاتفاق أن يكون اختراقا تاريخيا في عملية السلام بالشرق الأوسط. لكن قد يتعين على بايدن تمرير أجزاء من ذلك الاتفاق على الأقل عبر الكونغرس، حيث يتبنى الكثير من الديمقراطيين وجهات نظر معارضة جدا للأمير محمد بن سلمان.
وسبق أن أبلغ مسؤولون أميركيون موقع إكسيوس بأن الإدارة الأميركية تريد استكمال مساعيها الدبلوماسية مع السعودية قبل أن يزدحم جدول أعمال بايدن بحملة الانتخابات الرئاسية.
ويرى مراقبون أن حرص الإدارة الأميركية على التوصل إلى اتفاق مع السعودية نابع من اقتناعها بأن هناك حاجة إلى تجديد الشراكة القائمة مع المملكة منذ عقود، وذلك وفق أسس جديدة.
الإدارة الأميركية تبذل منذ فترة جهودا حثيثة من أجل اتفاقية أمنية ودفاعية جديدة مع الرياض تشمل التطبيع مع تل أبيب
ويشير المراقبون إلى أن واشنطن فوجئت في السنوات الأخيرة ولاسيما في العامين الأخيرين بحجم التغير في سياسة المملكة، وتوجهها نحو عقد علاقات وشراكات مع دول منافسة.
ويقولون إن الولايات المتحدة ترى أنه في ضوء هذه المتغيرات فإن هناك حاجة إلى اتفاق جديد من شأنه أن يعزز العلاقة مع السعودية، ويقطع الطريق على مساعي دول، مثل الصين وروسيا، لتعزيز نفوذها في منطقة لطالما كانت حكرا على واشنطن.
وعززت السعودية في السنوات الأخيرة علاقتها مع روسيا ولاسيما الصين حيث اتخذت العلاقة معها أبعادا جديدة تتجاوز الجانب الاقتصادي إلى السياسي والدفاعي.
وترجم هذا التطور في العلاقات السعودية – الصينية بنجاح بكين في رعاية مصالحة بين السعودية وإيران، الأمر الذي عده متابعون نجاحا دبلوماسيا كبيرا يحسب للصين ويعزز موقعها كلاعب دولي.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي الاثنين إن المصالحة بين السعودية وإيران التي رعتها بلاده أدت إلى “موجة مصالحات” في الشرق الأوسط.
وأوضح يي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أن “بكين ستواصل دعم بلدان الشرق الأوسط في استكشاف سبل التنمية وفقاً لما يتماشى مع ظروفها المحلية، وتقوية التواصل والحوار، والالتزام بالوحدة وتحسين الذات، وتحقيق حسن الجوار والصداقة”.
واشنطن فوجئت في السنوات الأخيرة ولاسيما في العامين الأخيرين بحجم التغير في سياسة المملكة، وتوجهها نحو عقد علاقات وشراكات مع دول منافسة
من جانبه أعرب وزير الخارجية الإيراني عن “خالص امتنان بلاده للصين”؛ بسبب الدور الذي لعبته بكين في “تعزيز تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية”.
وكان ولي العهد السعودي استقبل في مدينة جدة، الجمعة الماضية، وزير الخارجية الإيراني، حيث بحثا العلاقات السعودية – الإيرانية وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.
ووصف وزير الخارجية الإيراني المحادثات مع الأمير محمد بن سلمان بـ”الصريحة والمفيدة”، مشيراً إلى استمرار الاجتماع لمدة 90 دقيقة.
وكانت السعودية وإيران اتفقتا في العاشر من مارس الماضي ببكين على استئناف العلاقات المقطوعة بينهما منذ 2016، وإعادة فتح السفارتين.
وتجنبت الإدارة الأميركية إبداء أي موقف حيال استئناف العلاقات بين الرياض وطهران، لكن مراقبين يرون أن واشنطن بالتأكيد تنظر بارتياب إلى هذا التقارب، وقد شكل ذلك محفّزا إضافيا على السعي للتوصل إلى اتفاق مع المملكة يشمل التطبيع مع إسرائيل.
ويقول المراقبون إن إدارة بايدن ترنو أيضا إلى إنجاز دبلوماسي، يغطي على إخفاقاتها الكثيرة، منذ وصولها إلى البيت الأبيض، وبالتأكيد توقيع مثل هذا الاتفاق سيخدمها بشكل كبير قبل الاستحقاق الانتخابي المقرر إجراؤه في نوفمبر من العام 2024.
ولا يزال هناك العديد من القضايا العالقة بشأن الاتفاق، بما في ذلك إمكانية إبرام معاهدة دفاع بين واشنطن والرياض، وإمكانية دعم الولايات المتحدة لبرنامج نووي مدني، يشمل تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
وإلى جانب التحفظات الأميركية حيال الموافقة على دعم مشروع برنامج نووي سعودي، هناك انقسام في الحكومة الإسرائيلية أيضا حوله.