كريتر نت – متابعات
في خطوة مهمة أقرت مجموعة بريكس في قمتها بجنوب أفريقيا توسيع قائمة الأعضاء الدائمين والانفتاح على ست دول جديدة وفق مقاييس ترتبط بحيوية اقتصادات هذه الدول.
وضبط بيان الخارجية الصينية هذه المقاييس بالقول إن الأعضاء الجدد في بريكس يجب أن يكونوا من الاقتصادات الناشئة ولديهم نفوذ إقليمي وعالمي كبير. والدول التي تم قبول عضويتها هي الإمارات والسعودية ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا.
وكان واضحا منذ البداية أن القمة ستقبل عضوية الدول التي تمتلك اقتصادات صاعدة وقادرة على المنافسة وتنويع الشراكات دون أن تتأثر بذلك، مثل الإمارات التي تحولت إلى نموذج للنجاحات الاقتصادية إقليميا ودوليا.
وكتب الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الخميس على حسابه في منصة إكس “نقدر موافقة قادة مجموعة بريكس على ضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه المجموعة المهمة”.
وأضاف “نتطلع إلى العمل معا من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم”.
انضمام الإمارات إلى بريكس سيتيح لها فرصة توسيع الشراكات على قاعدة تبادل المصالح دون الوقوف في صف هذا الحلف أو ذاك
ومن شأن هذا الانضمام أن يسهم في تعزيز دور الإمارات كقوة اقتصادية ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون بينها وبين دول العالم، لاسيما وأنها من أسرع الدول نمواً، فضلا عن كونها نموذجا للاستقرار وعنصر توازن في القضايا الإقليمية والدولية. وباتت سياسة الإمارات القائمة على تصفير المشاكل عنصر جذب رئيسيّا لها.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن “انضمام الإمارات إلى مجموعة بريكس يعكس قوة اقتصادنا وفاعليّة دبلوماسيتنا وثقة العالم برؤيتنا للازدهار والاستقرار والتزامنا بتعزيز علاقاتنا وشراكتنا وتنويعها بما يخدم استدامة التنمية”.
وطوال السنوات الماضية نجحت دولة الإمارات في تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع دول العالم ووقعت العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، لتصل تجارتها غير النفطية إلى مستويات تاريخية خلال العام الماضي. ولا شك أن انضمامها إلى بريكس سيتيح لها فرصة توسيع تلك الشراكات على قاعدة تبادل المصالح دون الوقوف في صف هذا الحلف أو ذاك.
وبدا التنسيق الإماراتي – الإثيوبي واضحا في المجال الاقتصادي، إذ استبق البلدان الإعلان عن الانضمام إلى بريكس بسلسلة اتفاقيات ومذكرات تفاهم واسعة خلال الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد إلى أديس أبابا قبل أسبوع.
وأشاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بما اعتبره “لحظة عظيمة” لبلاده. وقال على منصة إكس “إن إثيوبيا مستعدة للتعاون مع الجميع من أجل نظام عالمي شامل ومزدهر”.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أمام قمة بريكس إن بلاده تتطلع إلى تطوير التعاون لخلق فرص تنموية واقتصادية جديدة والارتقاء بالعلاقات إلى المستوى المنشود.
ويثير اقتراب السعودية من الصين ثم انضمامها إلى بريكس جدلا في الولايات المتحدة، وقد يزيد الضغوط الأميركية على الرياض في ظل إشارات تفيد بأن عضوية بريكس تتجاوز مسار تنويع الشركاء الاقتصاديين إلى بداية قطيعة مع واشنطن وتخل تدريجي عن شراكة تاريخية.
وهذه المحاذير دفعت وزير الخارجية السعودي إلى القول إن الرياض ستدرس دعوة بريكس للانضمام إليها، وإنها “ستتخذ القرار المناسب”.
وقال جيم كرين، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس في هيوستون، “نرى تجاهل السعودية للمصالح الأميركية في عدة مجالات؛ في الشراكة السعودية – الروسية في سوق النفط، وفي تعزيز علاقة الرياض مع الصين، وفي سلسلة من المرات التي رفضت فيها المملكة زيادة إنتاج النفط عندما طلبت واشنطن ذلك”.
وأضاف “خرجت السعودية من ظل الولايات المتحدة منذ وقت طويل، وتسلك مسارا محايدا يضعها في اتجاه معاكس للمصالح الأميركية”.
وتتصدر الصين (أكبر مستورد للنفط السعودي) الدعوات لتوسيع تكتل قوى الأسواق الناشئة -الذي يتكون حتى الآن من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا- لكي يصبح ثقلا موازيا للغرب.
واستضافت السعودية الرئيس الصيني شي جينبينغ في ديسمبر الماضي بعد أن فشل الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارة إلى المملكة في إقناعها بزيادة إنتاج النفط لكبح أسعار البنزين المرتفعة في الولايات المتحدة.
وقلّل المسؤولون الأميركيون احتمال أن تشكل بريكس منافسًا جيوسياسيّا، ووصفوا الكتلة بأنها مجموعة شديدة التنوع تضم دولًا صديقة وكذلك خصومًا ومنافسين.
ولم تفوت إيران الفرصة، وكان أول رد فعل على قبول عضويتها في بريكس سياسيا بامتياز؛ حيث وصف المستشار الرئاسي محمد جمشيدي هذه الخطوة بأنها “تطور تاريخي ونجاح إستراتيجي” لسياسة طهران الخارجية.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي تعد بلاده الأقوى في مجموعة الدول غير الغربية التي تمثل ربع اقتصاد العالم، إن “توسيع العضوية هذا حدث تاريخي”.
وأضاف أن “التوسع يعد أيضًا نقطة انطلاق جديدة للتعاون بالنسبة إلى بريكس؛ فهو سيمنح آلية تعاون بريكس قوة جديدة وسيعزز قوة الدفع باتجاه السلام والتنمية في العالم”.
من جانبه أشار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أن بلاده تتمتع بعلاقات “وطيدة” مع الأعضاء الجدد و”بمساعدة بريكس ستتم إضافة أبعاد جديدة إلى تعاوننا الثنائي”.