كريتر نت – العرب
يتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي من الملف الأمني أولوية لاسيما مع وجود دلائل كثيرة تشير إلى حالة تخادم بين الجماعات الإرهابية وبين عدد من القوى المناوئة في المحافظات الجنوبية. ويرى مراقبون أن جهود المجلس لا تلقى التعاون المفروض من مكونات السلطة الشرعية، بل إن بعضها يحاول زيادة الضغط على المجلس عبر تأزيم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
ويواجه المجلس الانتقالي الجنوبي تحديات كبيرة في ظل وجود أجندات “متضادة” التقت جميعها على تشتيته، في سياق رغبة من يقف خلفها في إجهاض مشروع استعادة الدولة الجنوبية الذي يقوده.
وتعمل قيادة المجلس الانتقالي على مواجهة تلك الأجندات المدعومة من الخارج، عبر السعي إلى تعزيز اللحمة في الداخل، وإشراك السكان في خط مصير الجنوب.
ويتخذ المجلس من تطهير المحافظات الجنوبية من الجماعات الإرهابية أولى أهدافه خلال المرحلة الحالية، في ظل دلائل على وجود حالة تخادم بين تلك الجماعات (القاعدة) وقوى أخرى تعمل ضد قيام دولة الجنوب مجددا، على غرار الحوثيين.
وتتحرك قيادة المجلس حاليا لإنجاح عملية “شهم الشرق” التي انطلقت منذ أسابيع في أبين ضد خلايا القاعدة، وهو ما قاد رئيس المجلس عيدروس الزبيدي إلى زيارة المحافظة والاجتماع بوجهاء وشيوخ عشائرها السبت في سياق فعاليات ما سمي بـ”اللقاء المشترك”.
وأكد مشايخ ووجهاء قبائل أبين الوقوف الكامل إلى جانب القوات العسكرية الجنوبية في حربها ضد الإرهاب، مشددين على مساندتها بعملية سهام الشرق، كلّ في نطاق أرضه، لاسيما في المناطق الجبلية البعيدة والوعرة.
وأوضحوا في بيان ختامي للقاء التشاوري الثاني لقبائل أبين أن المحافظة ترفض بشكل تام تواجد الإرهاب على أي شبر من مناطق المحافظة.
وثمن البيان المواقف القبلية الشجاعة في مساندة “سهام الشرق”، موضحا أنها امتداد لمواقف رجال أبين في الفترات السابقة، واعتبر أن سهام الشرق جاءت كحاجة ملحّة لإنقاذ المحافظة من براثن الإرهاب وداعميه.
مشايخ ووجهاء قبائل أبين يؤكدون الوقوف الكامل إلى جانب القوات العسكرية الجنوبية في حربها ضد الإرهاب
وأشارت قبائل أبين إلى أن المحافظة دفعت أغلى كلفة جراء جرائم وعبث الجماعات الإرهابية ومن يقف خلفها خلال أكثر من 12 عاما، مشددة على أنه لا مكان للعناصر الإرهابية على أرض المحافظة.
وكشف المشايخ والوجهاء أن عدد ضحايا الإرهاب بلغ أكثر من ألفي شخص من أبناء المحافظة والجنوب بشكل عام، مشيرين إلى أن أمن واستقرار أبين أولوية يجب الوقوف أمامها وتكاتف الجهود لتحقيقها.
وتوجهوا بالشكر إلى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على رعايته للقاء التشاوري الثاني لتوحيد جهود قبائل المحافظة.
وحرص الزبيدي على أن يكون حاضرا خلال فعاليات اللقاء التشاوري الثاني الذي عقد السبت بمدينة زنجبار عاصمة المحافظة، تحت شعار “معا لاجتثاث الإرهاب”.
وأشاد الزبيدي في كلمة له بـ”الدور النضالي والقيادي لأبناء محافظة أبين في جميع المنعطفات والمراحل التي مرّت بها دولة الجنوب”، مشيرا إلى أن استهداف محافظة أبين دون غيرها من قبل قوى الإرهاب لا لشيء إلا لأنها محافظة منتجة وذات ثقل اقتصادي كبير.
وشدد رئيس المجلس الانتقالي على أن المعركة ضد الإرهاب هي معركة مصيرية ووجودية، ولا تراجع فيها، مؤكدا أن جميع أبناء الجنوب والإقليم والعالم إلى جانب أبناء أبين حتى استئصال هذه الآفة الدخيلة على أبين والمجتمع الجنوبي بشكل عام.
كما أكد ثقته في أن يقول أبناء أبين كلمتهم في هذه المرحلة المهمة، حتى تستعيد أبين دورها وقيمتها التي عرفها بها الجميع، آمنة ومستقرة ومنتجة، بفضل التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء المحافظة الذين كان آخرهم قائد الحزام الأمني عبداللطيف السيد ورفاقه.
متابعون يرون أن المجلس الانتقالي أمام تحد أمني كبير في المحافظات الجنوبية، وأن هناك حاجة ماسة إلى حسم هذا الملف
وكانت القوات التابعة للمجلس الانتقالي قد أطلقت العام الماضي عملية كبرى لطرد تنظيم القاعدة، وقد نجحت تلك القوات في توجيه ضربات قاصمة للتنظيم الجهادي، لكن الأخير نجح في استعادة بعض توازنه وشن هجمات مكثفة خلال الأشهر الأخيرة عبر زرع عبوات ناسفة.
وتحركت القوات التابعة للمجلس، وفي مقدمتها الحزام الأمني، في عملية عسكرية جديدة هدفها القضاء على هذا التهديد، لكن نجاحها يفترض وجود دعم وإسناد من السكان المحليين، وهو ما دعا قيادة المجلس إلى التحرك لدى القبائل.
وفي الوقت الذي يحشد فيه المجلس الانتقالي جهوده للقضاء على القاعدة في أبين، برزت تحركات للحوثيين على أكثر من جبهة لتشتيته، الأمر الذي يؤكد الأنباء عن وجود تعاون بينهم وبين التنظيم الجهادي.
وقُتل عدد من عناصر القوات التابعة للمجلس الانتقالي الأحد بهجوم للحوثيين في محافظة لحج جنوب شرق اليمن، في اختراق وصفه متابعون بالخطير لوقف إطلاق النار غير المعلن في اليمن.
وقال أحد المسؤولين “قُتل 10 عسكريين جنوبيين في اليمن وجرح 12 في هجوم مباغت للحوثيين اليوم (الأحد) على جبهة الحدا الحدودية بين محافظتي البيضاء ولحج”.
وأضاف المسؤول أن الحوثيين “قاموا بعملية التفاف على أحد المواقع التابعة للقوات الجنوبية المحسوبة على الحكومة، وأغلب من كانوا في أحد المواقع الجنوبية سقطوا بين قتيل وجريح”.
وأكد مسؤولون عسكريون آخرون الهجوم وحصيلة القتلى والجرحى، مشيرين إلى أن “طائرة مسيرة حوثية سقطت أثناء المواجهة”. كما أشارت المصادر العسكرية الحكومية إلى مقتل أربعة حوثيين وجرح آخرين خلال المواجهات.
المجلس الانتقالي يراهن على وعي الشعب الجنوبي بالتحديات والعراقيل الموضوعة، وهو يسعى لتفكيكها بشكل متدرج خشية ضياع ما تحقق حتى الآن في سبيل مشروع استعادة الدولة
وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قائد ألوية العمالقة الجنوبية عبدالرحمن المحّرمي (أبوزرعة) صرح في وقت سابق بوجود تعاون بين القاعدة والحوثيين هدفه تقويض أمن المحافظات الجنوبية.
وقال إن هذا التعاون يبرز بشكل جلي في المناطق التي توجد فيها العناصر الإرهابية بمحافظة أبين المحاذية لمحافظة البيضاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وكشف المحرمي أن جماعة الحوثي تقوم بإيواء وتدريب عناصر تنظيم القاعدة لاستخدامهم في زعزعة الأمن في المناطق الجنوبية، منها عدن وأبين وشبوة، حيث سلمت الجماعة تنظيم القاعدة الإرهابي الطيران المسير ودربته على إطلاقه.
ويرى متابعون أن المجلس الانتقالي أمام تحد أمني كبير في المحافظات الجنوبية، وأن هناك حاجة ماسة إلى حسم هذا الملف حتى يكون على استعداد لمواجهة باقي الاستحقاقات.
ويشير المراقبون إلى أن الإشكال يكمن في أن جزءا كبيرا من مكونات مجلس القيادة الرئاسي يعمل على تعطيله، من خلال زيادة تأزيم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في المحافظات الجنوبية.
ويلفت المراقبون إلى الاحتجاجات التي اندلعت في الأيام الماضية ردا على انقطاع التيار الكهربائي وسوء الخدمات، وقد حاول البعض توجيه موجة الغضب هذه صوب المجلس بداعي أنه لا يقوم بما يكفي لإجبار حكومة معين عبدالملك على الإصغاء لصوت الشارع.
وكان المجلس الانتقالي دعا مرارا إلى إقالة الحكومة الحالية، لكنْ هناك فيتو خارجي على الأمر ما يضطر المجلس إلى التراجع في كل مرة.
ويرى المراقبون أن المجلس الانتقالي يراهن على وعي الشعب الجنوبي بالتحديات والعراقيل الموضوعة، وهو يسعى لتفكيكها بشكل متدرج خشية ضياع ما تحقق حتى الآن في سبيل مشروع استعادة الدولة.