كريتر نت – العين الإخبارية
على ضفاف البحر الأحمر بالقرب من مستعمرات النخيل والدوم، أقام اليمنيون منازلهم المبنية من السعف لتقيهم من لهيب الحر.
هذه البيوت تلفت الأنظار برؤيتها الساحرة، وتعبّر عن مدى العلاقة الوثيقة بين اليمني المزارع والصياد وأشجار النخيل والدوم التي تمده بالكثير في حياته اليومية.
فمن النخيل والدوم، شيد أبناء المناطق التهامية اليمنية منازل السعف التي تعود إلى أزمنة موغِلة في القدم، وارتبط ظهورها بوجود الإنسان في هذه المناطق الساحلية لكسب الرزق من البحر والبر، واستخدمها كمنازل تقيه من لهيب الحر.
ولا تتوقف استفادة أهالي هذه القرى على بناء وتشييد منازلهم من أشجار النخيل والدم، بل دأبوا منذ مئات السنين، في إنتاج سلعٍ تقليدية متنوعة منها، تحولت كمصدر رئيساً لدخلهم اليومي.
فالكثير من هذه المنتجات والأغراض النافعة لا تزال تشكّل عنصرًا مهمًّا في حياة الكثيرين من السكان، فهناك المصارف والأسرّة، والقبّعات، والسِّلال والكرابيس “وهي عبارة عن فُرُش مصنوعة من السعف”، يستخدمونها كأغطية تقيهم برد الشتاء، وتحميهم من مياه الأمواج المتدفقة على أسطح القوارب أثناء هبوب الرياح.
العشة التهامية
يعتمد سكان مناطق الساحل الغربي لليمن، ذات الطقس الحار، في سكنهم على البيوت القديمة كالعشة التهامية والعريش والسقيفة، كجزء من هوية تهامة وجغرافيتها.
كما يوجد “العريش الزوقري”، وهو مأوى توفر فيه درجات حرارة مرضية للساكنيين فيها طوال شواطئ الساحل الغربي، وتبرهن قدرة الإنسان في تلك المناطق ذات الحرارة العالية، على ترويض درجات الطقس المرتفعة، بل إنها تقدّم تجربة أولئك السكان في التغلب على أجواء الصيف الساخنة بذلك البناء التقليدي.
يقول الناشط والإعلامي اليمني علي جعبور لـ”العين الإخبارية” إن اعتماد سكان المناطق التهامية على هذا الشكل من المنازل، كمأوى شبه دائم منذ أزمنة قديمة لسهولة بنائها وتوفر المواد التي تصنع منها كالأخشاب وسعف النخل والحلّفاء والأعشاب الأخرى التي تدخل في تصميمها.
وأضاف إن هذه المباني من حيث شكلها وأدواتها في البناء تساعد السكان في تقليص درجات الحرارة وتحميه منها بصورة كبيرة، فسعف النخيل يساعد في الحد من أشعة الشمس.
وأوضح أن أسلوب معيشة الإنسان التهامي القائم على الزراعة والرعي والصيد هو من يفرض عليه اتخاذ النوع من المساكن التي تعتبر وسطا بين البيت الحجري المنتشر في المناطق الجبلية وبين الخيمة الصحراوية التي يستخدمها البدو الرحل.
بناء العشة والعريش
يستخدم السكان اليمنيون في بناء العرشان أو حتى العشة التهامية أخشاب شجرة الدوم وسعف النخيل، حيث توضع أخشاب الدوم الكبيرة في 4 أركان متقابلة أو تضع في شكل دائري، وتتصل بالأخشاب وتملىء فراغات وجوانبها بجذوع النخل أحيانا أو يبنى بينهم بأحجار طينية.
أما سقفه فيمتلئ بالأخشاب المتوسطة والصغيرة ويغطى بسعف النخيل، حيث توضع بشكل مرتب لتملئ فراغات الاخشاب، وتثبت بظفائر مصنوعة من سعف النخيل مناسبة لدرجات الحرارة المرتفعة.
وفي المخا، أحد أهم الحواضر اليمنية على البحر الأحمر، يعتمد السكان على “العرشان”، سواء في المنزل أو كديوان يتجمع فيه عشرات الشباب للمقيل يكون مناسب لفصل الصيف، وفصل الشتاء حيث تحميهم من الحر صيفا ومن الرياح والبرد شتاء ًد، حيث لا تخلوا حارة من هذا العريش.
ويبلغ محيط العريش 4 أمتار ذات شكل مربع أو أقرب إلى المستطيل، متوازي الشكل في الأعلى بشكل هرمي.
ويستخدم هذا النمط من البناء جميع سكان المناطق الساحلية بدءاً من ذو باب جنوباً حتى حجة قرب الحدود السعودية.
ويقول مدير الزراعة والري في المخا اليمنية محمد قليهط في تصريح لـ”العين الإخبارية” إن استخدامات سعف النخيل لا تقتصر على بناء العرشان والعشش التهامية، لكنها تجتاز ذلك ويعود ذلك إلى ارتباط هذا الإنسان وحاجته إليها.
وأضاف المسؤول المحلي إن طبيعة المناطق الساحلية تحتاج مثل هذه المباني، أو العودة إلى بناء الياجور والطوب المصنوع من الطين، على غرار ما كانت عليه المخا قديماً.
وتمتاز هذه المساكن بكونها تحافظ على برودة الجو في الداخل، بما في ذلك، ذروة أيام التعامد الشمسي على الأرض، بل في الأيام الأكثر سخونة في فصل الصيف، وذلك بفضل سعف النخيل والمرخ والضم التي تمتلك قدرة فائقة في مقاومة حرارة الشمس، فيما يلجأ البعض إلى رش المياه بشكل خفيف في باحة العشّة، لجعل الهواء الداخل إليها بارداً، وفقا للمسؤول اليمني.