تعز – محمد ناصر
أفشلت ميليشيات الحوثي في اليمن مبادرة جديدة أطلقها تجار ووجهاء محليون بهدف تخفيف الحصار المفروض على مدينة تعز منذ ثمانية أعوام عبر فتح طريقين تؤديان إلى المدينة، إحداهما تؤدي إلى ضاحية الحوبان، والأخرى عبر محافظة لحج؛ وفق ما ذكرته مصادر قريبة من الوسطاء.
ووفق ما قالته المصادر لـ«الشرق الأوسط» فإن وسطاء من محافظة تعز بينهم رجال أعمال ووجهاء محليون، وبالتعاون مع قيادات تعمل مع ميليشيات الحوثي في مجلس الحكم اقترحت مبادرة لتخفيف الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي على مدينة تعز تحديداً.
وفي حين قوبلت هذه المبادرة بترحيب من الحكومة الشرعية، ودعم مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن هانس غروندبرغ، إلا أنها في النهاية صدمت بتهرب الميليشيات من تنفيذ التزاماتها، وإحالة الموضوع على قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، وهو الجناح الذي لا يملك أي قرار.
وعن تفاصيل المبادرة ذكرت المصادر أن الوسطاء وبالتعاون مع غالب جابر وسلطان السامعي العضوين في مجلس حكم الانقلابيين والمعروف باسم المجلس السياسي الأعلى، وضعوا مقترحاً لفتح طريق من ضاحية الحوبان إلى وسط مدينة تعز بدلا من المدخل الرئيسي الذي ترفض الميليشيات فتحه.
وأوضحت المصادر أن الطريق المقترحة تمر عبر فندق سوفتيل، ومن ثم سائلة أحمد وصولا إلى حي صالة، فيما الطريق الأخرى يمر عبر محافظة لحج مرورا بمنطقة الراهدة وصولا إلى ضاحية الحوبان، وأكدت أن الجانب الحكومي يشارك في المبادرة وأي جهود تؤدي إلى تخفيف الحصار الخانق الذي تفرضه ميليشيات الحوثي على المدينة.
تهرب انقلابي
المصادر بينت أنه وبعد عدة لقاءات ووضع تصور شامل للمقترح وموافقة الجانب الحكومي عليه، ومباركة مكتب المبعوث الأممي التقى الوسطاء بمهدي المشاط رئيس مجلس الحكم في مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية، إلا أنه وبدلا من مباركة المقترح الذي يدعمه اثنان من أعضاء مجلسه قام بإحالته إلى قيادي آخر في المجلس يمثل جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» في مناطق سيطرتهم، وهو الجناح المغلوب على أمره، والذي ينفذ ما يُملى عليه من قيادة الميليشيات، وهو ما جعل الأمر يتوقف هناك ما يعني إفشال هذه المبادرة كما تم إفشال مبادرات سابقة لفتح الطرق التجارية بين ميناء عدن ومناطق سيطرة الميليشيات.
من جهته، أكد هانس غروندبرغ خلال لقاءاته في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن أن الأمم المتحدة تشجع جميع الأطراف على الانخراط بجهود السلام والتهدئة، رغم أنه لم يلمس حتى اللحظة حلحلة حقيقية في المواقف لدى بعض الأطراف السياسية، مع وجود بعض التعقيدات في مسار المحادثات بين الأطراف.
وتعهد المبعوث الأممي بمواصلة جهوده مع جميع الفاعلين للدفع باتجاه إيجاد أساسات حقيقية لبناء الثقة، تسمح للأمم المتحدة بتقديم خريطة طريق، أو مبادرة تضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار يمهد لعملية سياسية شاملة بمشاركة جميع الأطراف.
وناقش المبعوث الأممي المقترحات المقدمة من مكتبه والخاصة بآليات وقف إطلاق النار وخفض التصعيد العسكري، والمستويات التي تضمنتها هذه المقترحات، بالإضافة إلى الأفكار التي يعمل عليها مع القوى والأحزاب السياسية، التي تشمل عدداً من المسارات، يأتي في طليعتها الملفان الاقتصادي والإنساني.
التصعيد العسكري
في سياق متصل بمساعي الأمم المتحدة لتمديد الهدنة وتثبيت وقف إطلاق النار ناقش وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري، في العاصمة المؤقتة عدن مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، أنتوني هايورد، مستجدات الأوضاع العسكرية في ظل تصعيد ميليشيا الحوثي في أكثر من جبهة.
ودعا الداعري الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على ميليشيا التمرد الحوثية التي تواصل استفزازها واعتداءاتها على المدنيين ومواقع القوات المسلحة في أكثر من محافظة.
ونقلت المصادر الرسمية عن الداعري التأكيد أن غض الطرف عن إرهاب هذه الجماعة سيدفع ثمنه الجميع، وقال إن القوات المسلحة اليمنية تواجه جماعة كهنوتية تزعم الحق الإلهي في السلطة والثروة وتريد حكم الشعب بالحديد والنار.
واستعرض وزير الدفاع اليمني الظروف الصعبة التي وصل إليها المواطنون في مناطق سيطرة الميليشيات نتيجة للنهب والسلب وسياسة التجويع التي تنتهجها.
وأكد الفريق الداعري على حالة الأمن والاستقرار التي تشهدها العاصمة المؤقتة عدن وعموم المحافظات المحررة، في ظل الجهود الكبيرة للقوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها لمكافحة التنظيمات الإرهابية «القاعدة» و«داعش» والتي تنطلق عناصرها من مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.
وأشاد بنجاح الأمم المتحدة في حل مشكلة الناقلة «صافر» التي كانت تمثل قنبلة موقوتة تهدد الحديدة وسواحل البحر الأحمر بشكل عام، لافتا إلى ضرورة مواصلة الجهود لإنهاء هذا الملف وبما يعود ريعه لصالح صندوق المتقاعدين الذين عانوا من نهب الميليشيات الحوثية لمرتباتهم.
ووفق المصادر الرسمية، ثمن المستشار العسكري للمبعوث الأممي التعاطي الإيجابي من قبل مجلس القيادة والحكومة مع جهود إحلال السلام في اليمن، مشيراً إلى صعوبة المهمة التي تسعى إليها الأمم المتحدة للوصول إلى حل نهائي لإيقاف الحرب.
المصدر الشرق الأوسط