كريتر نت – متابعات
وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والنائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر حجر الأساس لخط سكة حديد يربط بين البصرة ومدينة الشلامجة الإيرانية، الأمر الذي قال المسؤول الإيراني إنه سوف يؤدي إلى تحقيق “قفزة هائلة في التبادل التجاري مع العراق”.
ويقول خبراء اقتصاديون ووزراء سابقون إن الهدف الرئيسي من الخط هو أن تستغل إيران موانئها على الخليج لتكون هي الممر المؤدي إلى “طريق التنمية” الذي يزمع العراق بناءه إلى الموانئ التركية على البحر المتوسط.
ويشير المراقبون إلى أنه بينما ما يزال ميناء الفاو الكبير قيد الإنشاء، فإن موانئ إيران جاهزة للعمل. وهو ما يعني أن “طريق التنمية” سيكون من الناحية العملية طريقا لتنمية إيران بينما يكتفي العراق بأن يكون ممرا فقط.
وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تقول إن الخط يستهدف نقل المسافرين، فقد اعتبر وزير النقل العراقي السابق، النائب الحالي في البرلمان، عامر عبدالجبار هذا الادعاء مجرد “أكذوبة” لأن اتفاقية إقامة الخط لا تحصر هذا الهدف، ولأن الحمولة المحورية لتحميلات الخط تبلغ نحو ضعف الحمولة المحورية لو كان الخط مكرّسا لنقل المسافرين فقط.
وكان نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر واضحا بدوره عندما قال “إن خط البصرة – شلامجة سيربط السكك الحديد بين البلدين ومن شأنه أن يكمل طرق النقل الدولية”. وأضاف أن “الدول التي تقع في شرق العالم، يمكنها الوصول والتواصل مع دول البحر الأبيض المتوسط من خلال هذا الخط السكة الحديد. كما نأمل أن يلعب هذا الخط دورا خاصا في تسهيل السفر بين إيران والعراق”.
◙ سواء تعثر مشروع ميناء الفاو الكبير أو لم يتم إنجازه، فإن الموانئ الإيرانية سوف تكون شريكا مباشرا في طريق التنمية
وسواء تعثر مشروع ميناء الفاو الكبير أو حتى لو تم إنجازه، فإن الموانئ الإيرانية سوف تكون شريكا مباشرا، أو حتى بديلا للميناء العراقي.
وما تزال الأشغال الخاصة بميناء الفاو تتعثر منذ عدة سنوات، لأن إيران كانت تريد أن يتم الربط السككي مع البصرة أولا. وتذهب التوقعات إلى أن الأجزاء الأخرى من “طريق التنمية” سوف تتم قبل أن يصبح ميناء الفاو جاهزا للعمل، مما يجعل الهدف من الربط السككي هو خدمة الموانئ الإيرانية حصرا.
ووصف عبدالجبار المشروع بأنه “رصاصة الرحمة على ميناء الفاو”. وقال في مقطع مصور على منصة إكس (تويتر سابقا) إن “الربط السككي مع إيران لا يهدف إلى نقل المسافرين، وهذا الادعاء كاذب لعدم ورود أيّ حصرية بذلك. وكان الأجدر تحديد مواصفات السكة بحمولة محورية تبلغ 15 طناً، وغير ذلك فهو خداع للشعب العراقي، لأن الحمولة المحورية التي أقرها الاتفاق تبلغ 25 طنا”. وهي حمولة بضائع، وليست حمولة مسافرين.
وقال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي في البصرة نبيل المرسومي إن الغاية من المشروع هي نقل المسافرين والبضائع، إذ أن هناك ممرين لطرق الحرير، أحدهما بحري والآخر بري، والبحري يمتد من شمال الصين إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأحمر، والطريق الآخر يمتد من الصين إلى موانئ إيران الجنوبية التي تتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم، ومنها تشحن البضائع، أما الطريق البري فيمتد من جنوب الصين إلى كازاخستان ثم آسيا الوسطى ثم غرب إيران، ومن غرب إيران تتفرع ثلاثة طرق أحدها يذهب إلى إسطنبول ثم إلى أوروبا والآخر إلى أذربيجان. أما الطريق الثالث الذي يهم العراق، وهو الذي يربط إيران مع العراق وسوريا، هو الطريق الوحيد الذي يربط بطريق الحرير، أو من خلال ميناء الفاو الكبير”.
وتشير هذه الخارطة إلى ما يبدو تطويقا إيرانيا تاما لـ”طريق التنمية” في العراق.
نبيل المرسومي: أهمية المشروع لإيران تشمل تسهيل نقل المسافرين إلى العراق وتعظيم المكاسب الاقتصادية لطهران
وأشار المرسومي إلى أن أهمية المشروع لإيران تشمل تسهيل نقل المسافرين إلى العراق وتعظيم المكاسب الاقتصادية لطهران على مستوى تحسين التجارة والعلاقات مع جيرانها. ويمكن أن تساعد المشاريع في إنشاء ممرات تجارية عبر الأراضي الإيرانية، ما سيسمح لإيران بأن تكون في مركز تدفقات البضائع في الشرق والغرب والشمال والجنوب.
ويبلغ طول الخط: 36 كيلومترا. وتبلغ مدة إنشاء المرحلة الأولى 18 شهرا، أما المرحلة الثانية فتشمل مد خط للسكك الحديد إلى منطقتي البوكمال ودير الزور في سوريا ومن ثم إلى ميناء اللاذقية السوري على البحر المتوسط. وتبلغ الكلفة الأولية للمرحلة الأولى 148 مليون دولار وستصل الكلفة الكلية بعد إكمال المرحلة الثانية إلى 10 مليارات دولار، وتم الاتفاق على أن تقوم كل دولة بتحمل كلفة إنشاء الخط في أراضيها، وهو ما يعني أن العراق سوف يتحمل الكلفة الأكبر لأن الجزء الرئيسي من الخط يمر عبر أراضيه، بينما تحصد إيران وموانئها معظم الفوائد.
وبينما تولت إيران إزالة الألغام من مخلفات الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988 لمسافة تبلغ 16 كيلومترا داخل إيران حتى الحدود مع العراق، فقد قال مخبر إن إزالة الألغام من مسافة 16 إلى 18 كيلومتراً القادمة هي مسؤولية العراق.
ووصف الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي المشروع بالقول إنه “من مشاريع النقل المهمة في المنطقة، وسيسهم أيضاً، بشكل فعال، في نقل المسافرين والزائرين من بلدان وسط آسيا باتجاه العراق”، مشيراً إلى أن “هذا المشروع مقدمة لمشاريع نقل إستراتيجية ستربط العراق ودول الجوار، تعمل الحكومة على تنفيذها بعدما بقيت لسنوات طويلة في إطار النقاش والبحث من دون أن تدخل حيز التنفيذ”.