كريتر نت – العين الإخبارية
طفت المدارس الأهلية في اليمن على السطح خلال الحرب الحوثية وتحولت إلى تجارة مربحة في قبضة الإخوان لا سيما في مدينة تعز.
ففي مدرسة خاصة تعرف بـ”الجزيرة” وسط مدينة تعز، وجدت أم هناء (31 عاما) نفسها مجبرة على إلحاق ابنتها “رحمة” وهو اسم مستعار، بالمدرسة على أمل الحصول على التعليم لكنها صدمت بعد 3 أعوام بتدني التحصيل العلمي لابنتها.
وعمد إخوان اليمن الذين يسيطرون على مدينة تعز عسكريا وأمنيا إلى إضعاف التعليم الحكومي على حساب فتح مدارس أهلية بهدف تحويل التعليم الأهلي إلى مصدر مالي مربح ليكون بمثابة تجارة حرب لتغذية قيادات التنظيم.
وتقول أم هناء، مواطنة من تعز خلال حديثها لـ”العين الإخبارية”، إن “التعليم في المدارس الحكومية أصبح ضعيفا جدا وغير منتظم بسبب حرب مليشيات الحوثي، وبعد أن فتحت المدارس الأهلية بجميع الأماكن كنا نعتقد أنه الملجأ الآمن لأطفالنا قبل أن تتضح لنا أنها مجرد تجارة إخوانية”.
وتضيف: “كأن هناك حملة ممنهجة لتحويل التعليم الحكومي بتعز إلى تعليم أهلي خاص، ولا نعرف أين دور مكتب التربية، لو استطعنا دفع مصاريف المدارس الخاصة غيرنا لن يستطيع”.
وأوضحت أن رسوم تسجيل طفلتها في الصف الأول الابتدائي في مدارس الجزيرة المملوكة لقيادي إخواني بلغت مبلغ 180 ألف ريال (150دولارا أمريكيا)، إضافة إلى رسوم الحافلة المدرسية التابعة للمدرسة 100 ألف ريال (قرابة 80 دولارا)، فضلا عما يحتاجه الطالب من مستلزمات وأدوات دراسية ومصاريف يومية.
وأشارت إلى أن الفصل الذي تدرس به ابنتها يحتوي على نحو 50 طالبا وطالبة، والذي يؤثر على الاستجابة وسرعة الفهم، بحسب أم هناء.
رسوم باهظة
ووصلت أسعار رسوم التسجيل في المدارس الأهلية بتعز إلى أكثر من 300 ألف ريال يمني لصفوف الثانوية العامة، والتي تقدر بـ(240 دولارا أمريكيا)، وهو ما يضاعف من زيادة تكاليف المواطنين الذين لا يقوى حالهم على تحمل جميع هذه التكاليف المنهكة، في ظل وجود التعليم الحكومي وأحقية حصول أطفالهم على التعليم المجاني.
ووصف مصدر تربوي في مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز -طلب عدم ذكر اسمه- في حديث لـ”العين الإخبارية”، ما يحدث في التعليم بـ”العبث الجنوني بمنح التراخيص لفتح المدارس الأهلية وبتعاون القيادي الإخواني عبدالواسع شداد، والذي يشغل منصب مدير مكتب التربية بالمحافظة، وقيادات أخرى في السلطة المحلية”.
وأكد المصدر أن الإخوان شيدوا مئات المدارس الأهلية خلال سنوات الحرب الحوثية وحصار مدينة تعز، وهي مدارس مخالفة للقوانين واللوائح التنفيذية للتعليم، إذ إنها تفتقد لأدنى المواصفات الفنية والإدارية، إضافة إلى ضعف المحتوى الذي يقدمونه للطلبة.
المصدر التربوي أشار إلى أنه في بعض المناطق بالمدينة كـمنطقة صالة، وحي الكهرباء بعصيفرة، ومناطق الدفاع الجوي والثلاثين، وبيرباشا، والتي تعد قريبة لمناطق المواجهات العسكرية، يتم فتح مدارس أهلية بجوار مباني المدارس الحكومية، بحجة قرب المدارس الحكومية من المواجهات، رغم وجودها بنفس المكان، وأحيانا المدرسة الأهلية الجديدة تكون خطورتها أكبر وتعرض حياة الطلاب للخطر.
وأوضح المصدر أن الإخوان يعينون مدراء للمدرسة الأهلية من عناصرهم الإخوانية، والذين يتنصلون عن أداء عملهم الرسمي الحكومي والذهاب للاستثمار في التعليم الخاص.
أرقام مفزعة
تنتشر المدارس الأهلية الإخوانية بمدينة تعز بشكل هائل، وقد يصل الحال أن يوجد في الحارة الواحدة 10 مدارس أهلية وبشكل عشوائي، كما هو حال الأحياء السكنية في مناطق “الضربة” و”المسبح” في قلب مدينة تعز.
ويشيد الإخوان مدارسهم الأهلية بجوار مباني المدارس الحكومية بشكل مباشر في محاولة لاستقطاب الطلبة بعد أن يتم العبث بالكادر الحكومي، والذي يجد أولياء أمور الطلبة أنفسهم مجبرين على إلحاق أبنائهم في المدارس الأهلية.
ووفقا لإحصائية رسمية خاصة لـ”العين الإخبارية”، فإن عدد المدارس الأهلية التابعة للإخوان بالأجزاء المحررة الخاضعة المعترف بها دوليا بتعز بلغت 202 مدرسة أهلية، وكل مدرسة لديها العديد من الفروع بمختلف أحياء وشوارع المدينة، وتتراوح هذه الفروع ما بين 4 إلى 7 فروع للمدرسة الواحدة.
فيما تبلغ أعداد المدارس الحكومية 843 مدرسة، في مختلف مناطق ومديريات محافظة تعز المحررة، إذ يصل إجمالي المدارس الأهلية والحكومية 1054 مدرسة.
وتعرض العديد من المدارس الحكومية بتعز للتدمير، سواء للتدمير الكلّي أو الجزئي نتيجة حرب مليشيات الحوثي الإرهابية منذ عام 2015، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية للمليشيات.
المليشيات ليست وحدها من عبثت بالمدارس الحكومية وحولتها إلى ثكنات عسكرية، بل إن تنظيم الإخوان وفصائله العسكرية عسكرت الكثير من المدارس الحكومية الكبيرة كمدرسة “سبأ” ومدرسة “باكثير”، ومدرسة “النهضة” وحولتها إلى مقرات عسكرية لقادتها حتى اليوم.
وهناك مدارس بتعز توقفت لوقوعها في مناطق التماس، إذ بلغت المدارس المُدمّرة بمدينة تعز نحو 47 مدرسة مُدمّرة كُليًّا، و103 جزئيًّا، وفقا لذات الإحصائيات الرسمية.