كريتر نت – الحرة
تسير عمليات إزالة الألغام الكثيفة من الأراضي الأوكرانية بـ”بطئ شديد”، حيث يتطلب تطهير قطعة أرض زراعية لا تتجاوز مساحتها حوالي نصف مساحة ملعب كرة قدم، أكثر من شهر، مما يعرقل جهود الهجوم الأوكراني المضاد، ويهدد حياة السكان في المدن والقرى التي استعادتها قوات كييف.
وتوضح هذه الوتيرة، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” حجم التحديات التي تواجه أوكرانيا في تخليص أراضيها من مخلفات الحرب، مبرزة أنه “يتعين عليها إزالة الألغام التي تعيق هجومها المضاد، وأيضا تطهير المتفجرات من أي أرض تستعيدها”.
ثلث الأراضي ملغومة
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس، خلال زيارة لموقع تشيرنيهيف، القريب من الحدود مع بيلاروس، حيث تتناثر قطع من العتاد الحربي وتسير عمليات إزالة الألغام، إن “ما يصل إلى ثلث أراضي أوكرانيا بحاجة للتخلص من الألغام”.
وزرعت القوات الروسية الألغام في مساحات شاسعة من خطوط المواجهة، لإبطاء تقدم القوات الأوكرانية وتوجيه الجنود نحو مواقع محددة، حيث يمكن للطائرات والمدفعية والمسيرات أن تهاجمهم.
وعندما شنت كييف هجومها المضاد في يونيو، اضطرت القوات الأوكرانية التي تحاول استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا إلى التنقل عبر حقول مليئة بالألغام، حتى قبل أن تصل إلى خط الدفاع الروسي الرئيسي. وقُتل العديد منهم أو شوهوا بسبب المتفجرات المخبأة في هذه العملية.
وأوضح عدد من المسؤولين الأوكران أن العقبة الرئيسية التي كانت تعرقل تقدم القوات الأوكرانية هي “عمق حقول الألغام” التي أقامها الجيش الروسي خلال أشهر، والتي تراوحت من “أربعة إلى ستة عشر كيلومترا”.
وبعد انسحاب القوات الروسية من المناطق المحيطة بكييف في الأيام الأولى من الحرب، قال المزارعون في شمال أوكرانيا إنهم وجدوا حقولهم المليئة بالألغام والذخائر غير المنفجرة والحفر الكبيرة، مما يجعل العودة الفورية إلى الزراعة مستحيلة.
سنوات ومليارات الدولارات
ويقول خبراء إن إزالة الألغام واستعادة الحالة الطبيعية للأراضي قد تستغرق سنوات، وسط تقديرات بأن هذه العمليات ستكلف كييف مليارات الدولارات وعددا كبيرا من الأرواح.
وتقدر أوكرانيا أن حوالي 67 ألف ميل مربع من البلاد – أو أقل بقليل من ثلث إجمالي مساحتها- قد تحتوي على مخاطر متفجرة، ومن بينها حوالي 9600 ميل مربع عبارة عن أراضٍ زراعية.
ونقلت مجلة “نيوزويك” عن مايك نيوتن، المسؤول بمنظمة “هالو تراست – HALO Trust” غير الحكومية المتخصصة في إزالة الألغام، قوله إن خلال العام الماضي تم إجراء مقارنات بالوضع أثناء الأزمات في البوسنة والهرسك وكرواتيا في غرب البلقان “لكن بلا شك اتضح أن هذا الوضع هو الأسوأ في أوروبا وربما في العالم منذ الحرب العالمية الثانية”.
ويتعرض المدنيون الذين يعيشون في مواقع مثلا تشيرنيهيف للأخطار الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة، والتي تناثرت بالبلدة بعد قصف مبنى مزرعة استحوذت عليه روسيا ليكون مستودعا للأسلحة في الأيام الأولى من الحرب.
تقول ناتاليا سوشينكو، رئيسة فريق مؤسسة إزالة الألغام السويسرية، وهي منظمة غير حكومية تعمل على تأمين أراضي المنطقة، التي كانت حقولا للذرة خلال سنوات ما قبل الحرب.
وتضيف أنها أخبرت بلينكن، الخميس، أن المزارعين طلبوا منهم تطهير الأرض “بشكل أسرع قليلاً”.
وأعلن بلينكن، هذا الأسبوع، أن الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تقليل التأثيرات الطويلة المدى للحرب على أوكرانيا، ستقدم 90 مليون دولار إضافية كمساعدات لإزالة الألغام، وتمويل عمل المنظمات غير الحكومية التي تعمل في هذا المجال بالبلاد.
ويقترب الرقم الذي أعلن عنه المسؤول الروسي من مضاعفة المبلغ المخصص لإزالة الألغام في أوكرانيا، منذ أن تعرضت البلاد للعدوان الروسي في عام 2014، وفقا لوول ستريت جورنال.
“تعقيدات العملية”
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن التحدي لا يزال كبيرا بالنظر لحجم المهمة وتوقيت العملية، موضحة أن أوكرانيا تتوفر على 3 آلاف شخص مؤهل للمشاركة في جهود إزالة الألغام، إضافة إلى 26 مركبة مخصصة للقيام بهذا الغرض، وفقا لأرقام وزارة الاقتصاد الصادرة في يوليو الماضي.
وبالإضافة إلى ضعف الموارد البشرية والمعدات، فإن عدم القدرة على الوصول إلى الأراضي المحتلة وتهديدات الهجمات الروسية المستمرة، “تزيد العملية تعقيدا”.
وستكون إزالة الألغام “مسألة حاسمة” أيضا ضمن في مساعي كييف إلى استعادة أراضيها الزراعية للمساهمة في الأمن الغذائي الدولي، وفقاً لنائبة رئيس الوزراء يوليا سفيريدينكو.
ولكن الصحيفة تشير إلى أنه قبل تطهير الأراضي الزراعية، تحتاج طرق حيوية وخطوط الكهرباء ومناطق سكنية وترفيهية أيضا إلى عمليات تطهيرها من الألغام.
وقالت خدمة الطوارئ الحكومية في أوكرانيا إنها فتشت حوالي 359 ميلا مربعا من الأراضي و29 ميلا مربعا من المياه وعطلت 427 ألف جسم متفجر.
وأضافت المؤسسة الأوكرانية، الخميس، على منصة “إكس” (تويتر سابقا): “يشارك أكثر من 700 خبير متفجرات في العمل كل يوم ومعهم 200 قطعة من المعدات”.
ويكشف مسؤولون أميركيون بأن القذائف الروسية – بما في ذلك ما يسمى بالذخائر العنقودية التي تطلق مجموعة من القنابل الصغيرة، لديها “معدل فشل مرتفع نسبيا”، مما يعني أن القنابل الصغيرة أو غيرها من الذخائر يمكن أن تشكل تهديدا للمدنيين لسنوات قادمة.
وزودت واشنطن أوكرانيا بذخائر عنقودية لمساعدتها في هجومها المضاد المتمركز في جنوب شرق البلاد، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن معدل فشل تلك القنابل الصغيرة أقل، وإن الأوكرانيين مجهزون بشكل أفضل لتحديد الأسلحة التي يحتاجونها لردع موسكو مع تقليل المخاطر التي تهددهم.
وتضمنت حزمة المساعدات الأمريكية لأوكرانيا التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع أيضا قذائف اليورانيوم المنضب، والتي يستخدمها الجيش الأميركي بانتظام والتي يتوقع أن تكون فعالة للغاية ضد الدبابات الروسية.
ويمكن إطلاق هذه القذائف بسرعة عالية، وستكون قادرة على اختراق الدرع الأمامي للدبابات الروسية من مسافة بعيدة.