كريتر نت – متابعات
قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن بلاده “أصبحت صوت الجنوب العالمي”، وإن هذا الصوت سيُسمع خلال اجتماعات مجموعة العشرين بنيودلهي.
وفي قمة أغسطس التي ضمت دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) أعلنت رئيسة المجموعة الحالية، جنوب أفريقيا، أن هدفها يكمن في “تعزيز أجندة الجنوب العالمي”. وقبل قمة مجموعة الدول السبع الجامعة للديمقراطيات الغنية في هيروشيما خلال مايو 2023، أكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن الدول الضيفة التي دعاها تعكس أهمية الجنوب العالمي.
وشمل الحديث عن الجنوب العالمي الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والرئيس الأميركي جو بايدن. فما هو بالضبط؟
ما الذي يشكل الجنوب العالمي
◙ الخطر الكبير يكمن في تحول الجنوب العالمي إلى سلاح في يد الصين لتوسيع نفوذها وتعزيز مصالحها كقوة عظمى
ليس مصطلح الجنوب العالمي جغرافيا في الحقيقة. وتقع العديد من البلدان المدرجة ضمنه في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مثل الهند والصين وجميع بلدان النصف الشمالي من قارة أفريقيا. وفي المقابل، ليست أستراليا ونيوزيلندا، وكلتاهما في نصف الكرة الجنوبي، من دول الجنوب العالمي.
ويحدد الكثيرون ما يسمى بخط براندت باعتباره ما يحدد هذه الدول. وهو خط متعرج عبر الكرة الأرضية يمتد من شمال المكسيك، عبر الجزء العلوي من أفريقيا والشرق الأوسط، ويلتف حول الهند والصين قبل أن ينزل ليشمل معظم شرق آسيا مع تجنب اليابان وأستراليا ونيوزيلندا. واقترح المستشار الألماني السابق ويلي براندت الخط في الثمانينات ليكون تصويرا مرئيا للانقسام بين الشمال والجنوب على أساس نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول مؤسس مجلس البحوث الإستراتيجية والدفاعية بنيودلهي هابيمون جاكوب إن “الجنوب العالمي هو مفهوم جغرافي، وجيوسياسي، وتاريخي، وتنموي في نفس الوقت مع بعض الاستثناءات”.
هابيمون جاكوب: الجنوب العالمي هو مفهوم جغرافي، وجيوسياسي، وتاريخي، وتنموي في نفس الوقت مع بعض الاستثناءات
ما هي الدول التي تشكل الجنوب العالمي
الأمر معقد، ويعتمد غالبا على من يستخدم هذا المصطلح الذي يشير في أغلب الأحيان إلى البلدان التي تنتمي إلى مجموعة الـ77 في الأمم المتحدة، والتي أصبحت اليوم 134 دولة. وهي تعتبر دولا نامية في المقام الأول، ولكنها تشمل أيضا الصين ودول الخليج.
وعلى الرغم من كون مجموعة الـ77 في الأمم المتحدة، إلا أن هذه المنظمة الحكومية الدولية نفسها لا تستخدم المصطلح كتعريف خاص بها، وفقا لرولف ترايغر الذي يعمل في مكتب التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة.
وقال ترايغر إن مصطلح “الجنوب العالمي” يعد بالنسبة إلى الأمم المتحدة اختصارا للإشارة إلى البلدان النامية بشكل عام. وأضاف أن المنظمة تصنف حاليا 181 بلدا كدول أو أقاليم نامية، و67 كبلدان متقدمة.
واستضاف مودي في الهند خلال شهر يناير “قمة صوت الجنوب العالمي” الافتراضية. ولم تشمل سوى 125 دولة. وكان منافسا الهند الإقليميان، الصين وباكستان، من بين الغائبين البارزين.
ويعتمد البعض معايير مختلفة، مثل ما إذا كانت الدولة مستعمرة سابقا أو ما إذا كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة أعلى من 15 ألف دولار.
كما يوجد الشمال العالمي، على الرغم من عدم استخدام هذا المصطلح بانتظام. وغالبا ما يكون تعريفه قائما على كونه ما ليس الجنوب العالمي.
رولف ترايغر: مصطلح “الجنوب العالمي” يعد بالنسبة إلى الأمم المتحدة اختصارا للإشارة إلى البلدان النامية بشكل عام
هل يجب أن نستخدم مصطلح الجنوب العالمي
ظهر مصطلح “الجنوب العالمي” لأول مرة في ستينات القرن العشرين، ولكنه استغرق فترة طويلة حتى يكسب مزيدا من الاهتمام.
وبدأت مصطلحات العالم الأول والعالم الثاني والعالم الثالث تفقد شعبيتها بعد نهاية الحرب الباردة. فمع سقوط الاتحاد السوفييتي لم يعد العالم الثاني موجودا، وأصبح استخدام مصطلح العالم الثالث أمرا مهينا
ويمثل الجنوب العالمي، بغض النظر عن كيفية تعريفه، الغالبية العظمى من سكان العالم ومساحة واسعة من الأراضي بحيث يرى البعض أنه من المستحيل والمضلل استخدام هذه التسمية.
فكيف يمكن لدول مثل الصين والهند، التي يبلغ عدد سكان كل منها نحو 1.4 مليار نسمة ويبلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 18 تريليون دولار و3.4 تريليون دولار على التوالي، أن تُجمع مع دولة فانواتو الجزيرة في المحيط الهادئ، التي يزيد عدد سكانها قليلا عن 300 ألف نسمة وذات الناتج المحلي الإجمالي البالغ 984 مليون دولار؟ أو دولة زامبيا الواقعة في جنوب القارة الأفريقية والبالغ عدد سكانها 19 مليون نسمة والمسجلة لناتج محلي إجمالي يبلغ 30 مليار دولار؟
ويخشى البعض أن تسيء الصين، الساعية إلى توسيع نفوذها العالمي، استخدام المجموعة لدفع أجندتها الخاصة بينما تعطي الانطباع بأنها تتحدث نيابة عن غالبية العالم.
وتقول تكهنات إن ذلك كان وراء القرار الذي اتخذته دول مجموعة السبع (جميعها من دول الشمال العالمي) في شهر مايو بالامتناع عن استخدام عبارة “الجنوب العالمي” في بيان القمة الختامي، على الرغم من أن كيشيدا نفسه يفضله.