كريتر نت – متابعات
آثار ظهور الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين، بمدينة وهران الجزائرية تساؤلات عديدة حول خلفيات وأسباب تواجده في الجزائر، بعد أشهر من تواريه عن الأنظار وطرح عدة فرضيات بشأن مصيره، لاسيما وأن ارتباطه بمجموعة فاغنر وبقائدها الراحل يفغيني بريغوجين لم تكن خفية.
تباينت التكهنات حول خلفيات وأسباب ظهور القائد للقوات الجوية والفضاء الروسية السابق ونائب قائد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ضمن وفد عسكري روسي وهو يستقبل من طرف مسؤولي المديرية الولائية لوزارة الشؤون الدينية ويتفقد أحد مساجد المدينة.
وأفاد منشور ومجموعة من الصور وردت في الصفحة الرسمية لمسجد عبدالحميد بن باديس بمدينة وهران أن “وفدا عسكريا روسيا قام بزيارة الجامع وتفقده رفقة مسؤولي القطاع المحليين”، وكان من ضمنهم الجنرال المثير للجدل سيرغي سوروفيكين، الذي ظهر ببزة مدنية ويتصفح المصحف الكريم.
ولم تكشف أيّ من وسائل الإعلام أو المؤسسات الرسمية في الجزائر وروسيا عن الزيارة المذكورة، عكس الأنشطة الأخرى التي كان يعلن عنها في حينها وتتم متابعتها بالتفصيل.
وذكرت تقارير إعلامية روسية بأن الزيارة يرجح أن تكون تمهيدا لمنح منصب جديد للرجل، الذي اختفى منذ عدة أشهر، يندرج في إطار العلاقات الروسية مع الدول الإسلامية الناطقة باللغة العربية، وأن ظهوره في هذا النشاط البعيد عن تخصصه يوحي بصلة له بالبعد الديني واللغوي في مهمته الجديدة.
وربط محللون سياسيون ظهور جنرال “يوم القيامة”، المعروف بصلاته مع مجموعة فاغنر المسلحة، بهذا الشكل من التسويق، بأنه مرتبط برغبة جزائرية في الحصول على تطمينات حول نشاط عناصر المجموعة المتحالفة مع الجيش المالي والعمليات الميدانية الأخيرة التي هددت الأمن في الشريط الحدودي بين الجزائر ومالي، فضلا عن تهديده لاتفاق السلام الذي ترعاه منذ العام 2015.
وذهبت تكهنات أخرى إلى فرضية إبعاد القيادة العسكرية العليا الروسية للجنرال المرتبط بمجموعة فاغنر وبقائدها الراحل يفغيني بريغوجين إلى الجزائر، في إطار صفقة معينة كما حدث مع احتضان بيلاروسيا لعناصر المجموعة بعد فشل محاولة الانقلاب التي عاشتها روسيا قبل أشهر.
◙ آخر نشاط رسمي عسكري بين الجزائر وروسيا يعود إلى نهاية شهر سبتمبر الماضي، أين تم الإعلان عن رسوّ سفينة حربية روسية من أسطول البحر الأسود
ولم تتضح إلى حد الآن أسباب ومهمة الوفد العسكري الروسي، ولا العلاقة بينه وبين دائرة الشؤون الدينية في مدينة وهران، ولم يتم التعرف على طبيعة العناصر العسكرية الرسمية التي ظهرت إلى جانب سيرغي سوروفيكين، الذي كان ببزة مدنية، وتشابهت سيميولوجية الصور، بما كان يظهر عليه يفغيني بريغوجين في عدد من المحطات.
لكن تقارير روسية أفادت بأن “الجنرال الروسي سوروفيكين موجود في الجزائر مع وفد من وزارة الدفاع لإجراء مفاوضات”، لم تتطرق إلى طبيعتها أو تفاصيلها، لكن طريقة تسويقها والتكتم عليها من طرف الإعلام الرسمي في البلدين فتح المجال أمام تأويلات متباينة.
وذكرت صحيفة “كوميرسانت” عن مصدر مقرب من الجنرال، قوله “الرحلة كشفت أن القادة العسكريين في موسكو يولون أهمية أكبر للتعاون مع المنطقة الناطقة بالعربية وما زالوا يحتفظون بثقتهم في سوروفيكين”، وهو ربما ما يكشف عن كفاءات أخرى يمتلكها الرجل خارج تخصصه المعروف به.
وشغل الجنرال سيرغي سوروفيكين، منصب نائب القائد الأعلى للقوات الروسية في أوكرانيا في الحرب التي شنتها ضدها، من أكتوبر 2022 إلى يناير 2023، وكان ينظر إليه أيضا على أنه أحد أهم حلفاء بريغوجين في الجيش الروسي في صراعه على السلطة مع وزير الدفاع سيرغي شويغو ونائبه فاليري غيراسيموف.
وفي الوقت الذي أدان فيه سوروفيكين علنا انتفاضة مجموعة فاغنر نهاية شهر جوان الماضي، فإنه توارى عن الأنظار بعدها، الأمر الذي طرح عدة فرضيات بشأن مصيره، خاصة بعد مقتل بريغوجين في حادثة الطائرة، لكن ظهوره المفاجئ من الجزائر أعاد الجدل حول شخصيته ومستقبله ضمن المنظومة النخبوية للجيش الروسي.
◙ هل نفت روسيا الجنرال “يوم القيامة” صديق بريغوجين إلى الجزائر كما نفت قادة وعناصر فاغنر الآخرين إلى بيلاروسيا
وبات وجود مجموعة فاغنر في أفريقيا لافتا ومؤثرا في الشأن الداخلي، لدرجة إثارة قلق القوى التقليدية النافذة في القارة، على غرار فرنسا والولايات المتحدة وحتى الصين، خاصة بعد سلسلة الانقلابات العسكرية التي عرفتها بعض الدول في الساحل وجنوب الصحراء، وظهور المجموعة كحليف وداعم للنخب العسكرية الجديدة، وكبديل إستراتيجي لدى قطاع من الأفارقة الناقمين على الوجود الفرنسي والمرحبين بقدوم الروس.
ولم يستبعد مراقبون في هذا الشأن أن يكون تواجد الجنرال المذكور بالجزائر على صلة بدور ومستقبل المجموعة في القارة الأفريقية، خاصة وأن الجزائر تدفع بمبادرة سياسية من أجل إحلال السلم في النيجر، والحيلولة دون أيّ تدخل العسكري يهدد أمن واستقرار المنطقة، في ظل تواجد أكثر من طرف يضع إصبعه على الزناد، بمن فيهم مجموعة فاغنر.
ويعود آخر نشاط رسمي عسكري بين الجزائر وروسيا إلى نهاية شهر سبتمبر الماضي، أين تم الإعلان عن رسوّ سفينة حربية روسية من أسطول البحر الأسود، في إطار برنامج التعاون العسكري بين البلدين.
وذكر حينها بيان وزارة الدفاع الجزائرية بأنه “في إطار تجسيد برنامج التعاون العسكري الثنائي الجزائري – الروسي رست السفينة الغراب من الأسطول الروسي للبحر الأسود بميناء الجزائر، وعلى هامش هذا التوقف سيتم تسطير عدة نشاطات ثقافية ورياضية لفائدة طاقم السفينة “.