كريتر نت – العين الإخبارية
ظلت بلدة “حجور” اليمنية لسنوات حجر عثرة في طريق تمدد مليشيات الحوثي قبل أن تجتاحها مطلع عام 2019، وتتحول إلى مسرح مفتوح لجرائم المليشيات الانقلابية.
أحدث تلك الجرائم، كان حملة مداهمات حوثية واسعة لإحدى قرى البلدة الواقعة في محافظة حجة، شمالي غربي اليمن، التي تعد بمثابة حديقة خلفية لمعقل الانقلاب صعدة، تم خلالها اعتقال المدنيين ضمن جرائم انتقامية مستمرة.
وأكدت مصادر حقوقية ومحلية لـ”العين الإخبارية”، أن مليشيات الحوثي نفذت حملة مداهمات واسعة ووحشية استهدفت منازل سكنية بقرية “الدرب” في “بني سعيد” في مديرية كشر وهي إحدى مناطق حجور.
الحملة التي قادها القيادي الحوثي أكرم الجرب خلال اليومين الماضيين بذريعة زيارة أسر لذويها في محافظة مأرب، شهدت إطلاق الرصاص الكثيف وترويع النساء والأطفال واعتقال أكثر من 15 من أبناء البلدة وزجهم في سجون المليشيات السرية، وفقا للمصادر ذاتها.
وكانت مديرية كشر، موطن قبائل حجور، شهدت مطلع عام 2019، أكبر انتفاضة شعبية مسلحة ضد مليشيات الحوثي رفضا لسطوة جرائمها الانتقامية، وصمدت لشهور قبل أن تحاصرها المليشيات وتجتاحها بقوة السلاح.
آنذاك، ارتكب الحوثيون أبشع الجرائم بحق سكان كشر بدءا من الإعدامات بحق عشرات الرجال والنساء والأطفال، وتفجير وسلب ونهب للمنازل والمزارع والممتلكات وشن حملة اعتقالات جماعية بحق أبناء القبيلة، ممن بينهم العشرات ما زالوا مخفيين قسريا حتى اليوم.
وحصلت “العين الإخبارية”، في وقت سابق، على أسماء نحو 50 معتقلا من زعماء وأبناء قبائل حجور تخفيهم مليشيات الحوثي قسريا، وتقول أسرهم أن مصيرهم غامض، ولا تعرف إن كانوا بين الأحياء أو الأموات ولم تستطع زيارتهم منذ يناير/كانون الثاني عام 2019، وهم نموذج لمئات المعتقلين.
تنديد حقوقي
من جانبها، نددت منظمات حقوقية يمنية بحملة المداهمات الحوثية الجديدة لقرى حجور واعتبرتها أعمالا تقوض المساعي الأممية التي تسعى إلى تحقيق السلام الدائم في اليمن.
وأصدرت منظمة “إرادة” لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري ومنظمة “تقصي للتنمية وحقوق الإنسان” في اليمن بيانات منفصلة، وصفت فيها الحملة الحوثية بـ”العمل الإرهابي المروع” ضد مدنيين عزل، وأشارتا إلى أن اعتقالات الأبرياء وإطلاق النار بكثافة مما أحدث حالة من الهلع والرعب بما فيه حالة إغماء لبعض النساء والأطفال.
وقالت منظمة إرادة في بيان تلقت “العين الإخبارية” نسخة منه إن “الحوثيين يتذرعون، إثر الأعمال الحوثية التعسفية بحق المدنيين، بزعم أن هناك أشخاصا من أبناء القرية قاموا بزيارة أقاربهم الذين تسببت المليشيات الحوثية بنزوحهم إلى محافظة مأرب في الأعوام السابقة”، متهمة المليشيات “بمحاولة قطع أواصر الأرحام بين الأقارب بعنصرية فجة”.
وأكدت أن “هذا الأعمال الإرهابية الحوثية المروعة بحق المدنيين تتعارض مع كافة القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي كفلت حماية المدنيين وحماية الأطفال والنساء بموجب كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية”.
وطالبت المنظمة الأمم المتحدة بضرورة الضغط على مليشيات الحوثي بوقف الحملات التعسفية بحق المدنيين وسرعة الإفراج على من تم اختطافهم السبت الماضي دون قيد أو شرط.
من جهتها، قالت منظمة “تقصي” إن الحملة الحوثية تعد استهتارا واضحا وتقويضا تسعى من خلاله مليشيات الحوثي إلى نسف الجهود الدولية الساعية إلى تحقيق السلام.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي ومجلس الأمن للضغط على مليشيات الحوثي للتوقف عن تلك الأعمال التي تزيد الوضع تعقيدا ويفاقم من الحالة الإنسانية
من هي قبيلة “حجور”؟
وتعد قبيلة حجور في مديرية كشر في حجة أكبر قبائل اليمن عرضة للجرائم الانتقامية لمليشيات الحوثي، بما فيه الإخفاء الجماعي القسري بحق المئات من أبنائها.
وللعام الخامس على التوالي، يعتقل الحوثيون الكثير من السياسيين والشيوخ والشباب والأطفال من قبائل حجور في معتقلاتهم السرية، شمالي غرب اليمن، في ظروف غير إنسانية مع حرمان أسرهم من زيارتهم.
وتعمدت مليشيات الحوثي إذلال قبائل حجور بنزعة انتقامية وغير أخلاقية ومارست آلاف الانتهاكات الوحشية بعيدا عن وسائل الإعلام ولم تستطع حتى المنظمات الحقوقية والإغاثية الوصول للمنطقة.
وحجور هي واحدة من أكبر قبائل حاشد المعروفة والمنحدرة من قبيلة همدان الأم التاريخية، وتستوطن مرتفعات جبال الجزء الشمالي الشرقي من محافظة حجة، الحديقة الخلفية للمعقل الأم للحوثيين شمالا.
يشار إلى أن تقارير حقوقية وثقت آلاف الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان بحق قبائل حجور في مديرية كشر شمال غربي اليمن من بينها 775 قتيلا وجريحا أعدموا أو قتلتهم وأصابتهم المليشيات بالرصاص المباشر مطلع 2019.