كريتر نت – متابعات
أعلن الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض عن مغادرة مفاوضي حركة الحوثي للمملكة بعد إجرائهم جولة محادثات استمرت خمسة أيام مع مسؤولين سعوديين بشأن اتفاق محتمل قد يمهد الطريق لإنهاء الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ثماني سنوات.
وقالت مصادر إنّ الوفد الحوثي عاد إلى العاصمة اليمنية صنعاء بصحبة الوسيط العماني الذي كان غادر برفقته، وذلك بهدف التشاور مع قيادة الجماعة هناك بشأن ما تمّ من محادثات في الرياض، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشّرا على جولات قادمة من المحادثات بين الحوثيين والسعودية.
وجاءت زيارة الوفد الحوثي المفاوض كحدث استثنائي غير مسبوق وخارج عن سياق العداء المعلن بين الجماعة الحوثية الموالية لإيران والسعودية التي انخرطت في حرب ضدّها منذ سنة 2015، ما جعل مراقبين يتحدّثون عن منعطف حاسم في جهود السلام باليمن بناء على رغبة سعودية شديدة في إقفال الملف والتخلّص من أعبائه.
مختار الرحبي: يجري التمهيد لمحادثات مباشرة بين الشرعية والحوثيين
وبدا أنّ الرياض تحيط تحرّكاتها الهادفة لحلحلة المسألة اليمنية بقدر كبير من التكتّم، ومن ذلك قلّة ما رشح عن فحوى محادثات الحوثيين في الرياض وما تمخضت عنه من نتائج.
واكتفى مصدران نقلت عنهما وكالة رويترز الثلاثاء بالقول إن بعض التقدم أٌحرز خلال تلك المحادثات بشأن النقاط الشائكة الرئيسية، بما في ذلك الجدول الزمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد وآلية دفع أجور الموظفين العموميين.
وخلال الفترة الماضية كانت الاتصالات والجهود الدبلوماسية المتعلّقة بالصراع في اليمن منصبّة على تهدئة الأوضاع وعدد من الملفات الإنسانية الأمر الذي يجعل الحديث عن جدول زمني لخروج القوات من البلد (دون تحديد) منعطفا هاما في جهود السلام.
وأضاف المصدران أن الجانبين سيجتمعان لإجراء المزيد من المحادثات بعد مشاورات ستجرى قريبا.
ووصل وفد الحوثيين إلى السعودية الأسبوع الماضي. وهذه هي الزيارة الرسمية الأولى من نوعها إلى المملكة منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014 بعد أن أطاحت الجماعة المتحالفة مع إيران بالحكومة المدعومة من السعودية هناك.
وتركز المحادثات بشكل خاص على إعادة فتح الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء بشكل كامل، ودفع أجور الموظفين العموميين، وجهود إعادة البناء.
وقالت الخارجية السعودية في وقت سابق إنّ المملكة وجهت دعوة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة لاستكمال اللقاءات. وأوضحت في بيان أن هذه الدعوة جاءت في إطار مبادرة المملكة التي أعلنتها في مارس سنة 2021.
وتنص المبادرة المذكورة على وقف إطلاق نار دائم تحت إشراف الأمم المتحدة وبدء مفاوضات سلام بين الأطراف اليمنية.
وأشارت الخارجية السعودية إلى أن الدعوة هي استكمال للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر وبمشاركة وسطاء من سلطنة عُمان في صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل 2023.
وأكدت أن تلك الدعوة “استمرار لجهود المملكة وسلطنة عُمان للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية”.
مطلّعون على الشأن السعودي يقولون إنّ إقفال الملف اليمني حاجة سعودية صرف من منطلق أنّ انخراط المملكة في الصراع باليمن لم يحقق لها أيّ نتائج ملموسة
وقال مختار الرحبي مستشار وزارة الإعلام اليمنية إن المحادثات السياسية التي جرت بين الحوثيين والسعودية في الرياض ناقشت فتح كل مطارات اليمن والموانئ والطرقات بين المحافظات. والسماح لشركات الطيران بالوصول إلى المطارات الدولية في اليمن، وتوحيد العملة اليمنية بين كل المحافظات، وتسليم رواتب الموظفين وفق كشوفات سنة 2014.
وأضاف في تصريحات أوردها موقع عدن الغد الإخباري أنّه تم التطرق أيضا إلى موضوع إسقاط الأسماء المطلوبة للتحالف العربي والسماح لكل القيادات من جميع الأطراف بالسفر، وتشكيل لجان مشتركة لبناء الثقة وبناء جسور للتواصل بين السلطة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي، بالإضافة إلى وضع ضمانات دولية وإقليمية لإعادة بناء اليمن ومساعدته اقتصاديا ومنع تدهور عُملته الوطنية، والتمهيد لمشاورات مباشرة بين الحوثيين والسلطة الشرعية.
وكانت تقارير إعلامية سعودية قد تحدّثت عن إمكانية أن تفضي المحادثات بين الحوثيين والسعودية إلى وقف الحرب وإيجاد حل سياسي يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشترك فيها مختلف المكونات بما في ذلك الحوثيون.
وجاء ذلك بعد أن قللّت مصادر من فرص إحداث خرق كبير في الملف اليمني المعقّد دون التوصل إلى حلول جذرية لعدة مسائل جوهرية من بينها مصير وحدة البلد والدور المستقبلي للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة جنوب اليمن المستقلّة.
ومن شأن التوصل إلى اتفاقات بشأن تلك الملفات أن يسمح للأمم المتحدة باستئناف عملية سلام سياسية على نطاق أوسع.
ويخوض الحوثيون منذ أكثر من ثماني سنوات حربا ضد تحالف عسكري تقوده السعودية في صراع أودى بحياة مئات الآلاف وترك 80 في المئة من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وتقول مصادر دبلوماسية إن واشنطن تضغط على حليفتها السعودية لإنهاء الحرب وتربط بعض دعمها العسكري بإنهاء المملكة تدخلها في اليمن، لكنّ مطلّعين على الشأن السعودي يقولون إنّ إقفال الملف اليمني حاجة سعودية صرف من منطلق أنّ انخراط المملكة في الصراع باليمن لم يحقق لها أيّ نتائج ملموسة بقدر ما رتّب أعباء عليها.