كريتر نت – متابعات
تتأهب الشرطة الإسرائيلية لـ”صلاة حاشدة” دعا إليها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في مركز مدينة تل أبيب مساء الخميس، في وقت يقول فيه مراقبون إن هذه الصلاة توسع دائرة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي بين تيار يميني متشدد بات يسيطر على الحكومة وتيار آخر واسع يبدو أقرب إلى العلمانية.
وربما يكون ميدان ديزنغوف، الذي ستقام فيه الصلاة، لحظةَ ومكانَ الانقسام في ظل حالة الاستنفار بين الطرفين، وهو ما كشفته مناوشات يوم الغفران، حيث تصدى إسرائيليون لجماعات متشددة تحاول الفصل بين المصلين الرجال والمصليات النساء في الساحات العامة.
وكانت تلك المناوشات ارتجالية من أناس يريدون منع المتشددين من السيطرة النهائية على المجتمع. لكن مواجهات الخميس قد تكون أكثر حدة في ظل حشد المتشددين إلى الصلاة، وما قد يقابله من حشد مضاد لمعارضي اليمين.
وعادة ما يتظاهر كل طرف ويعمل بعيدا عن الآخر، لكن التجمع الديني في قلب تل أبيب قد يثير الاحتجاجات خاصة بعد حالة الانقسام الحادة التي خلفها الجدل حول التعديلات القضائية، والتي قادت إلى احتجاجات حاشدة امتدت إلى صفوف الجيش، وتعتبرها المعارضة تهديدا للديمقراطية.
ألون بن مئير: لماذا نسمح للمؤسسات الحاخامية بإدارة حياة اليهود الليبراليين
ونجحت الأحزاب اليمينية في السيطرة على مؤسسات السلطة بسبب مواقفها المتشددة تجاه الفلسطينيين، لكنها اصطدمت بقوى ضغط كبيرة في المجتمع الإسرائيلي تعارض أفكارها المتشددة.
ويتوقع مراقبون أن تتسع دائرة الانقسام وتستمر الاحتجاجات، خاصة أن نقاط الخلاف لا تتعلق بعناصر ثانوية وهامشية وإنما بقضايا مصيرية مثل فصل الدين عن الدولة.
ويتساءل الصحافي الأميركي ألون بن مئير “بالنظر إلى الطبيعة العلمانية المفترضة للديمقراطية الإسرائيلية، لماذا يجب السماح للمؤسسات الحاخامية بإدارة حياة اليهود الليبراليين في ما يتعلق بالزواج والطلاق والختان ومراسم ‘الميتزفة’ وما إلى ذلك، مع تقييد أنشطة الحكومة يوم السبت؟”.
ويضيف “هذا يتعارض تمامًا مع جوهر الديمقراطية التي تستمد قوتها الأخلاقية وشرعيتها من الاستقلال الذاتي الفردي، حيث يجب أن يكون الناس قادرين على ممارسة تقرير المصير والسيطرة على حياتهم الخاصة وأن يتم منحهم حقوقًا متساوية وكذلك قبول التزامات ومسؤوليات متساوية”.
وقالت هيئة البث الإسرائيلي (رسمية) الأربعاء إن شرطة تل أبيب “أعلنت عن حالة التأهب القصوى استعدادا للصلاة الجماعية التي ينوي تنظيمها بن غفير”.
وأضافت “تستعد عناصر الشرطة لكل الاحتمالات الممكنة في مثل هذا الحدث الذي ينظمه الوزير بن غفير على إثر الأحداث العنيفة التي وقعت أثناء صلاة عشية يوم الغفران في المكان ذاته”.
واندلعت مواجهات وأعمال شغب في مدينة تل أبيب وسط إسرائيل خلال احتفالات يوم الغفران، الذي يعد أقدس الأيام في العقيدة اليهودية، مع غروب شمس الأحد، وانتهت بحلول مساء الاثنين.
واعتبر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الثلاثاء أن هذا التصعيد “مثال مؤلم ومحزن على الطريقة التي يتصاعد بها صراعنا الداخلي ويصبح أكثر تطرفا”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الاثنين إن “اشتباكات اندلعت في ميدان ديزنغوف عشية يوم الغفران، بين مئات من سكان تل أبيب ومنظمي الصلاة من المدرسة الدينية روش يهودي”.
وذكرت الصحيفة أن “منظمي الصلاة حاولوا الفصل بين الرجال والنساء، خلافا لحكم المحكمة العليا التي رفضت استئنافهم ضد قرار بلدية تل أبيب – يافا عدم السماح لهم بالفصل بين الجنسين خلال الصلاة في الساحة المركزية بالمدينة”.
كما وقعت الأحد أحداث مماثلة في ميدانيْ همدينا وهبيما في تل أبيب، ومساء الاثنين وقعت مواجهات وتدافع بالأيدي أثناء محاولة متشددين يهود الفصل بين المصلين الذكور والإناث قرب متجر في تل أبيب.
وتعد تل أبيب أكثر المدن الإسرائيلية تحررا وليبرالية، وتزايد بين سكانها الشعور بالخوف من تغيير طابع المدينة غداة وصول حكومة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، والتي يصفها سياسيون ووسائل إعلام بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ البلاد.
وقال رئيس المعارضة يائير لابيد الذي يقيم في المدينة “قررت النواة الأرثوذكسية المتطرفة التي جاءت إلى الحي جلب الحرب إلينا أيضا”.
وذكر لابيد في سلسلة منشورات على منصة إكس مساء الاثنين أنهم “يصرون على الفصل بين الجنسين في الخارج أيضا (ليس داخل المعابد فقط)، هم حريصون على أن يشرحوا لنا أن هناك نسخة واحدة فقط من اليهودية، وباسم التسامح يطالبون بأن يحدّدوا ما هو المسموح به وما هو غير المسموح به”.
من المتوقع أن تتسع دائرة الانقسام وتستمر الاحتجاجات، خاصة أن نقاط الخلاف لا تتعلق بعناصر ثانوية وهامشية وإنما بقضايا مصيرية مثل فصل الدين عن الدولة
وتابع “لا أريد أن أتشاجر مع أحد. بالتأكيد ليس في العيد. إنه لأمر مخز أنهم باسم الله دمروا يوم الغفران في الحي الذي أعيش فيه”.
واعتبر نتنياهو أن “الأمر الذي أثار دهشتنا في الدولة اليهودية تحديدًا، في أقدس يوم للشعب اليهودي، هو قيام متظاهرين يساريين بأعمال شغب ضد اليهود أثناء صلواتهم”.
وكتب نتنياهو في منشور على إكس “يبدو أنه لا توجد حدود للكراهية من جانب متطرفي اليسار، وأنا مثل معظم المواطنين الإسرائيليين، أرفض ذلك. مثل هذا السلوك العنيف ليس له مكان بيننا”.
وقال لابيد ردا على نتنياهو “في نهاية يوم الغفران لا ينبغي لرئيس الوزراء أن يزيد التحريض والنزاع، بل يجب أن يحاول تهدئة الأنفس”.
وأشار إلى أن “معظم الأشخاص الذين احتجوا على الإكراه خلال الصلوات صاموا وصلوا في يوم الغفران هذا (…)، إنهم ليسوا ضد اليهودية، بل يحاولون إنقاذ اليهودية من المجموعة العنصرية والمتطرفة التي منحتها السلطة كهدية”.
بدوره قال بن غفير على إكس “في يوم الغفران رأينا كارهين يحاولون طرد اليهودية من المجال العام”. وأردف “إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، الخميس سأقيم صلاة المساء (عرفيت) في الميدان”.
واعتبر وزير الداخلية موشيه أربيل في منشور على إكس أن “مناظر يوم الغفران من تل أبيب تثير أسفا وحزنا عميقين”، مضيفا “لقد اختار شعبي الانقسام”.