كريتر نت – العين الإخبارية
لا تحمل الفعاليات الدينية الطائفية التي تقيمها مليشيات الحوثي سنويا رسائل سياسية فحسب وإنما تصل إلى اتخاذها وسيلة للتعبئة والحشد وجني الأموال بـ”رداء الدين”.
وتمرر المليشيات الحوثية الإرهابية سياستها الطائفية، باستخدام رداء “الدين”، باعتباره الوسيلة الأقرب إلى مشاعر الناس، وتعبئة معسكراتها بالأفراد والأطفال وجعلهم وقوداً لحربها الظالمة بحق أبناء الشعب اليمني.
ومؤخرا، حولت المليشيات الحوثية “ذكرى المولد النبوي” من مناسبة دينية إلى فعالية سياسية طائفية ووسيلة للحشد والتعبئة والتجنيد وتغذية خزينتها من جبايات المواطنين، وموارد مؤسسات الدولة التي تعبث بها.
كما لم يعد المولد النبوي مناسبة لها رمزية دينية وإنما بات فعالية سياسية طائفية لتكريس حكم مليشيات الحوثي الإرهابية فضلا عن زرع الانقسام السياسي وإعادة تشكيل المجتمع اليمني على نحو طائفي، وفق مراقبين.
رسائل مفضوحة
ورغم الظهور الباهت والخافت إلا أن المليشيات الحوثية تحاول إيصال رسائل بأن لها قبولاً وولاء في المناطق الواقعة تحت سيطرتها من خلال الاحتفال بالمولد النبوي، إلا أن ذلك بات مكشوفاً خاصة لدى السكان الخاضعين لمناطقها، فهي تقوم بإجبار المواطنين على المشاركة فيها بالترغيب والترهيب، بطريقة لم يعهدها اليمنيون من قبل.
موظفون في مناطق سيطرة المليشيات الإرهابية، أكدوا خلال حديثهم لـ”العين الإخبارية”، أنهم يتلقون تهديدات بالفصل ومصادرة الرقم الوظيفي في حال عدم مشاركتهم وحضورهم المولد النبوي، والاحتفاء بالشعارات الخضراء.
الموظفون أكدوا أنهم يتعرضون لمضايقات قاسية عندما يحاولون مناقشة مشرفي المليشيات في الدوائر الحكومية، عن سبب ربط الوظيفة بالاحتفال حضوريا بالمولد النبوي، على الرغم من حرمانهم من مرتباتهم لأكثر من 8 أعوام.
ويستخدم الحوثيون الاحتفالات الدينية بما فيها “المولد النبوي” لترسيخ نهجهم الأيديولوجي واستعراض قوة سطوتهم، بهدف فرض عقيدتهم الدينية والسياسية على البلد بأكمله.
وأبرز تلك الاحتفالات أو الفعاليات التي تحييها مليشيات الحوثي إلى جانب “المولد النبوي”، هي إحياء “ميلاد فاطمة الزهراء”، و”يوم عاشوراء”، و”عيد الغدير”، و”استشهاد الحسين”، و”يوم الولاية”، “والإسراء والمعراج”، و”جمعة رجب”، وغيرها.
مناسبة تحشيد وجبايات
حملت خطابات مليشيات الحوثي في فعاليات المولد النبوي التي أقامتها في كل المحافظات الخاضعة لسيطرتها رسائل عديدة عن تكريس الولاية وآل البيت وحقها في “الحكم الإلهي”، بهدف إغواء الناس وتعزيز أهمية حكم السلالة في نفوسهم، في محاولة منها لفرض نظامها الطائفي.
ويؤكد رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن مناسبة المولد النبوي الدينية أصبحت تسخرها مليشيات الحوثي للتعبئة والتحشيد، والجباية، وتسريب أفكار الولاية والخرافة إلى جمهور أعزل عن المواجهة معزول عن المعرفة وغير مسنود.
ويضيف الباحث السياسي اليمني، أن “جماعات اليمين الديني عموماً ومليشيات الحوثي الإرهابية خصوصاً خصوصا، تعيش وسط ترسبات هائلة من الخرافة والغيبيات وتوظف الدين توظيفا سياسياً وطائفياً وتجعل منه حقول ألغام”.
ويشير الشميري إلى أن “الحوثيين يؤسسون لمنظومة تخريب عقلي قائمة على سطوة القهر والدم والحكم بنار السلاح من على مؤسسات الدولة”.
هذه المنظومة – وفق الشميري- يتم تجريعها للأجيال القادمة من خلال تسليع الدين بطرق مختلفة في مزادات متعددة، منها المناسبات الموروثة أو التي تختلق من البيئة الفارسية.
وأشار إلى أن ما يساعدهم على ذلك، هو تفشي الفقر بشكل هائل، وغياب الدولة في مناطق سيطرة المليشيات بعد الانقلاب عليها، ومصادرة الحقوق والحريات المكفولة دولياً.
أقصر طرق الثراء
تسترزق مليشيات الحوثي بالمناسبات الدينية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فالتجارة بالدين – يرى الشميري – أنها هي أقصر طرق الثراء، وتحقيق الأهداف والأجندة الخارجية.
ويضيف مستدركا أنه “لا رأسمال لمليشيات الحوثي غير شيء من خرافة وكثير من التضليل والجهل، إذ أن الجهل عنصر نقيض للحرية، عنصر أحادي كالصوديوم، لا يتواجد حراً، ويتحد مع أي شيء دون كلفة”.
وتقوم المليشيات بحملات مستمرة لتوسيع فكرها الطائفي، وأحقية حكمها الإلهي كهوية إمامية فارسية، مغايرة للهوية اليمنية الأم، فمشروعها هو الحكم بمعادلة “الإنسان السيد”، و”الإنسان المواطن” والذي يعتبروه أقل منهم شأناً ومكانة، وفقا للباحث اليمني.