كريتر نت – متابعات
كشف بحث جديد عن تفاقم اعتلال الصحة العقلية في بريطانيا، مشيرا إلى ارتفاع كلفة أيام العمل المفقودة بسبب مرض طويل الأجل. ويرجع الخبراء سبب اعتلال الصحة العقلية في المملكة المتحدة إلى أزمة كلفة المعيشة وعواقب وباء كورونا، وعدم الاستقرار العالمي الذي دفع الناس إلى حافة الهاوية. ويواجه الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية فترات انتظار طويلة للحصول على العلاج.
وكانت كلفة غياب الموظفين لمدة 20 يوما أو أكثر بسبب اعتلال الصحة العقلية في بريطانيا كبيرة تقريبا، مثل جميع الإجازات طويلة الأجل بسبب مشاكل العضلات والعظام والجراحة والسرطان، حسب وكالة بلومبرغ للأنباء الجمعة، طبقا لبحث جديد.
وتوصل مسح أجرته هيئة “غودشيب” التي تقدم مشورات حول صحة الموظفين ورفاهيتهم أن هذه الأمراض تكلف أصحاب الأعمال إجمالي 6.7 مليار جنيه إسترليني.
وكلف اعتلال الصحة العقلية الشركات البريطانية مبلغ 9.6 مليار جنيه إسترليني (4.8 مليار دولار) في أيام العمل المفقودة، بسبب مرض طويل الأجل في العام، حتى أغسطس.
ويؤكد البحث حجم الأزمة العقلية التي تجتاح المملكة المتحدة. وبالإضافة إلى الأعداد المتزايدة في أماكن العمل، هناك رقم قياسي بلغ 2.6 مليون شخص لا يعملون بسبب مرض طويل الأمد.
ووصل المرض طويل الأمد إلى مستويات قياسية في المملكة المتحدة، مما ساهم في نقص الوظائف الذي أدى إلى ارتفاع التضخم.
المرض طويل الأمد وصل إلى مستويات قياسية في المملكة المتحدة، مما ساهم في نقص الوظائف الذي أدى إلى ارتفاع التضخم
وفي أعقاب الجائحة عانت المملكة المتحدة من اعتلال للصحة العقلية غذّته أزمة كلفة المعيشة التي مست جل الأسر.
وقالت صحيفة دايلي ميل إن الصحة العقلية في المملكة المتحدة هي الأسوأ على الإطلاق، نظرا إلى أزمة كلفة المعيشة وعواقب وباء كورونا، وعدم الاستقرار العالمي الذي دفع الناس إلى حافة الهاوية.
وحذرت الدكتورة سارة هيوز الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “مايند” الخيرية من أن الوباء وأزمة كلفة المعيشة وما يترتب عليهما من عدم الاستقرار قد تدفع الأشخاص المعرضين للخطر إلى الانتحار. وقالت “نحن قلقون حقًا، هذا يبدو وكأنه عاصفة كاملة نحتاج إلى السيطرة عليها”.
وتابعت هيوز “لقد تعافينا من الوباء، وتعرضنا لأزمة تكاليف المعيشة ولا يمكننا التقليل من تأثير الحرب في أوكرانيا وعدم الاستقرار العالمي. تساهم كل هذه الأشياء بشكل كبير في الضعف الذي نمر به جميعًا بدرجة أكبر أو أقل”، وأردفت “ما نعرفه هو أنه بعد الانهيار المالي في عام 2008، ازداد عدد الأشخاص الذين يقتلون أنفسهم (…) ولا نريد أن يحدث ذلك مرة أخرى”.
كما قالت إن خدمات الأطفال يجب أن تكون ذات أولوية لأن الشباب ليسوا محصنين ضد تأثير الأزمة العالمية.
وأضافت أن ما تعرفه من التحدث إلى الأشخاص الذين يعملون مع الأطفال والشباب هو أنهم قلقون للغاية بشأن كلفة المعيشة أيضًا.
وتأتي تعليقاتها بعد أن وجد تقرير حديث لمكتب التدقيق الوطني أن الملايين من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية يواجهون فترات انتظار طويلة للحصول على العلاج،
61 في المئة ممن شملهم الاستطلاع أعربوا عن مخاوف بشأن صحتهم العقلية
حيث يوجد ما يقدر بـ1.2 مليون شخص على قائمة الانتظار.
كما كشف استطلاع للرأي في بريطانيا أن الملايين من الآباء يعانون من صحتهم العقلية وسط ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص رعاية الأطفال وقلة خدمات الدعم.
وأعرب 61 في المئة ممن شملهم الاستطلاع عن مخاوف بشأن صحتهم العقلية، ومن المرجح أن تكون النسبة الأكبر بينهم لأصحاب الدخل المنخفض.
وقال الآباء إنهم شعروا بالإرهاق بنسبة 49 في المئة والقلق بنسبة 43 في المئة وعدم الدعم بنسبة 36 في المئة والوحدة بنسبة 26 في المئة طوال الوقت أو معظمه خلال العام الماضي.
وقال 70 في المئة من الآباء الذين لديهم أطفال رضع وأطفال صغار إن الأمر يزداد صعوبة كل عام ليكونوا آباء في بريطانيا، وعبر 70 في المئة عن أن كونهم آباء اليوم أصبح أصعب مما كان عليه الحال بالنسبة إلى جيل آبائهم.
وتأتى هذه الأرقام من استطلاع أجرته شركة يوغوف لصالح مؤسسة خيرية شمل عددا من آباء الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات في بريطانيا.
وقال جون سباركس الرئيس التنفيذي لمنظمة اليونيسيف في المملكة المتحدة “إن هذا النقص في الدعم للعائلات يقع في مرحلة حرجة من نمو الأطفال الرضع والأطفال الصغار، ما يهدد فرص الحياة ويزيد من الضغوط على الأسر”.
خدمات الأطفال يجب أن تكون ذات أولوية لأن الشباب ليسوا محصنين ضد تأثير الأزمة العالمية
ووفقا للاستطلاع، فإن أزمة كلفة المعيشة كانت السبب الأكثر شيوعا الذي أجاب به الآباء بإجماع 83 في المئة منهم، وقال 68 في المئة إن الأمر أكثر صعوبة بسبب نقص رعاية الأطفال، وعبر 64 في المئة منهم عن الشعور بأن هناك نقصا في الوقت الذي يقضيه الآباء مع أبنائهم، وقال 41 في المئة إن هناك عددا أقل من خدمات الدعم المحلية.
وقال ثلثا المشاركين إنهم يعتقدون أن الحكومة لا تفعل ما يكفى لدعمهم كآباء لأطفال صغار، وأشار 78 في المئة من الآباء إلى أن تكاليف السكن لها تأثير على الأزمة، وأكد 75 في المئة أن مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي تجعل تربية الأبناء أكثر صعوبة بالنسبة إلى جيلهم.
كما سلط البحث الضوء على أوجه عدم المساواة، حيث أفاد 94 في المئة من الأسر الأكثر فقرا أن أزمة كلفة المعيشة كان لها تأثير سلبى على الحياة الأسرية، مقارنة بـ78 في المئة من جميع الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال صغار.
وقال سباركس “حقيقة أن الأسر الأكثر حرمانًا هي التي تعاني أكثر والأقل احتمالًا في الحصول على الدعم تعني أننا نخاطر بتعزيز عدم المساواة في حياة الأطفال حتى قبل أن يلتقطوا قلم رصاص، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لسد الثغرات لمنع الأسر من الانزلاق ولحماية مستقبل أطفالنا”.
وقالت الأمم المتحدة إن جائحة كوفيد – 19 كشفت عن عقود من الإهمال وقلة الاستثمار في معالجة احتياجات الصحة النفسية للناس، ودعت الدول إلى تبني التزامات طموحة بشأن طرق علاج الأمراض النفسية، وسط ارتفاع عالمي محتمل في حالات الانتحار وتعاطي المخدرات.
الاكتئاب يؤثر على 264 مليون شخص في العالم. ويبدأ حوالي نصف جميع حالات الصحة العقلية في سن 14 عاما
وقد حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبيل انعقاد الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية في جنيف، المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهد لحماية جميع الذين يواجهون ضغوطا نفسية متزايدة.
وقد أشارت ديفورا كيستيل مديرة إدارة الصحة العقلية وتعاطي المخدرات في منظمة الصحة العالمية إلى الأزمات الاقتصادية السابقة التي “زادت عدد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار، على سبيل المثال، بسبب حالتهم الصحية العقلية أو تعاطي المخدرات”.
وأوضح الأمين العام أن المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والقلق “هي بعض من أعظم أسباب البؤس في عالمنا”.
وأشار إلى أنه طوال حياته وفي عائلته، كان قريبا من الأطباء والأطباء النفسانيين الذين يعالجون هذه الحالات، وهو ما أتاح له إدراك المعاناة التي تسببها. وكثيرا ما تتفاقم هذه المعاناة بسبب الوصمة والتمييز.
ووفقا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، كلف الاكتئاب والقلق قبل جائحة كوفيد – 19 الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار سنويا.
ويؤثر الاكتئاب على 264 مليون شخص في العالم. ويبدأ حوالي نصف جميع حالات الصحة العقلية في سن 14 عاما. ويمثل الانتحار ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.