كريتر نت / عدن الغد
بعد نحو ثلاثة أشهر من “اتفاق ستوكهولم” بين الأطراف اليمنية ونشاط دبلوماسي وسياسي رفيع قبل وبعد الاتفاق المعلن من قبل بريطانيا لمساندة مواطنها “غريفيث” مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن. غير أن حصاد ذلك التحرك على الأرض لا شيء حيث يتعثر الاتفاق وتتجمد خطوات التنفيذ بشكل كلي، رغم المحاولات الدبلوماسية البريطانية الأخيرة والتي قدمت تفسيرات جديدة.
تسليم إدارة موانئ ومدينة الحديدة
ومنذ بدء تنفيذ الاتفاق فيما يخص مدينة الحديدة (غرب اليمن) عملت الأمم المتحدة عبر رئاستها للجنة المشتركة التي تضم ممثلين عن الحكومة والحوثيين، وظلت النقاشات تدور حول تفسيرات مختلفة للاتفاق فيما يخص بنود إدارة الموانئ والمحافظة، حيث ترى الحكومة ان انها تسلم للموظفين قبل 2014 تحت سلطتها، في المقابل يرى الحوثيين انها تسلم للسلطة المحلية التي تم تعيينها من قبلهم وعلى هذا الأساس تم اعلان تسليم الميناء لمقاتلين تابعين لهم يرتدون زي قوات خفر السواحل اليمنية الرسمية.
ومؤخرا قدمت بريطانيا تفسير آخر جديد حيث قال وزير خارجيتها جيرمي هنت في تصريح صحفي “يجب الإسراع في تسليم مدينة الحديدة لجهة محايدة، قبل أن ينهار اتفاق السويد، وتفجر الأوضاع في حرب شاملة”. عقب جولته الأخيرة والتي شملت مسقط والرياض وعدن وأبو ظبي، والتقى خلالها مسؤولين من جميع الأطراف ضمن جهود الدفع نحو تنفيذ “اتفاق ستوكهولم”.
لم تتقبل الحكومة اليمنية فكرة وزير خارجية بريطانيا “هنت” حيث انتقدت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية وقالت إن المحافظة أرض يمنية ولا يوجد أي قانون يعطي الحق لغير الشرعية في انتزاعها من ميليشيا الحوثي، وأن كافة القوانين اليمنية والقرارات الدولية وكل البيانات والمواقف الدولية ذات الصلة تؤكد الحق الحصري للحكومة في إدارة شؤون الدولة اليمنية.
وقالت في بيان لها “أن موضوع السلطة المحلية مسألة قد حسمت في اتفاق السويد الذي أكد على أن تتولاها قوات الأمن وفقاً للقانون اليمني، واحترام مسارات السلطة، ومنع أي عراقيل أمام السلطة بما فيها المشرفون الحوثيون، وإن الحديث عن سلطة محايدة لا تتبع السلطة الشرعية هو تفسير غريب يبتعد كليا عن مفهوم الاتفاق ومنطوقه”.
وأكدت “أن أي حديث حول أي ترتيبات أخرى قبل ضمان تنفيذ اتفاق ستوكهولم مسألة سابقة لأوانها ويجب أن ترتبط بإنهاء الانقلاب وتسليم السلاح للدولة وعودة مؤسساتها”.
ولم تكن الدعوة البريطانية الوحيدة في الحديث عن “طرف محايد” حيث وسبق أن دعت وزارة الخارجية الأمريكية في 22 نوفمبر/ تشرين ثاني 2018، كافة الأطراف المنخرطة في الصراع باليمن، إلى تسليم ميناء الحديدة إلى طرف محايد. بهدف تأمين سلامة المساعدات الإنسانية.
من هو الطرف المحايد في اليمن ؟
لا يعرف كثير من اليمنيين من هو “الطرف المحايد” حيث ان أربع سنوات من الحرب أفرزت الصراعات والحروب إلى طرف من القوات يساند الشرعية من جهة، وطرف آخر يساند الحوثيين، ويوجد جنود في منازلهم لم يقاتلون مع أي طرف لكن ليس من السهولة فرزهم واعتبارهم طرف محايد. غير أن البريطانيين يسوقون للفكرة بلا ملامح واضحة.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي مأرب الورد “أن تصريحات هنت عبارة عن استجابة لما يريده الحوثيين مثلما كان تصريحه في عدن انه يجب على الحوثيون ان ينسحبوا فورا من الميناء والمدينة وبالتالي حاول يرضى الطرفين وهي معادلة صعبة وغير قابلة للتحقيق عملياً”.
وأضاف في حديث صحفي” في الحقيقة لا يوجد أي طرف في اليمن منذ بدء الحرب يدعى أنه محايد، لا توجد قوات منظمة محايدة متسائلاً: من هذه القوات التي هي محايدة؟
وأشار الورد “حتى القوات التي كان يقال انها محايدة لم تنخرط في الحرب لم يعد له أي أساس، خاصة بعد مقتل صالح لأنه أصبح واضحاً هناك طرفين يتقاتلان. وبالتالي لا يوجد قوات نظامية أو غير نظامية محايدة في اليمن”.
وبما أن فشل تنفيذ “اتفاق ستوكهولم” إلى حد الآن بسبب التفاصيل والتفسيرات التي يتبناها الطرفين، فما هو الضامن الأساسي لنجاح فكرة الطرف المحايد، وماهي المعايير التي يمكن ان توضع لتصنيف الطرف المحايد من غيرة؟ تلك التساؤلات ستظل عُقدة أيضاَ لا يمكن تجاوزها من قبل الأمم المتحدة.
مقترحات “غريفيث”
خلال الأسبوع الماضي بدأ المبعوث الأممي جولة جديدة بين الرياض وصنعاء للقاء قيادة الشرعية والحوثيين في محاولة إنعاش “اتفاق ستوكهولم” وطرح الأفكار الجديدة لتنفيذ الاتفاق المتعثر، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة أن هناك اتصالات مكثفة تجرى بين الأطراف لمحاولة التقدم.
والثلاثاء الماضي 6 مارس/ آذار الجاري، حيث رفض الرئيس هادي لقاء المبعوث الأممي “غريفيث” عقب وصوله إلى الرياض وأوكل المهمة إلى نائب الرئيس الفريق على محسن. والذي بدوره أكد تمسك الحكومة بتنفيذ الاتفاق بناء على البنود الواردة فيه.
وقالت مصادر حكومية “أن غريفيث عرض على نائب الرئيس أفكار جديدة لتنفيذ الاتفاق تعتمد على تنازل للحكومة الشرعية، لكن تم إبلاغه بشكل صريح أنه تم استنفاد كل الخيارات على صعيد تقديم التنازلات المستمرة من أجل السلام، وأنه لا بديل سوى انصياع الحوثيين للاتفاق دون مماطلة أو تسويف أو محاولة تفسير جديدة”.
ويرى مراقبون أن الأمم المتحدة تسعى دائما للضغط على الحكومة الشرعية، والتغاضي عن مراوغات الحوثيين في تنفيذ الاتفاق، حيث على ما يبدو بدا بمحاولات إقناع الحوثيين والحكومة على القبول بتسليم إدارة موانئ ومدينة الحديدة، إلى طرف محايد بحسب ما أعلن وزير خارجية بريطانيا جيرمي هنت.
عقبات جديدة
ويرى الورد “أن حديث هنيت عن “الطرف المحايد” يساهم في ادانة الفشل الذي يعاني منه الاتفاق حاليا على الصعيد العملي إذا ان الاتفاق واضح انه يجب تسليم المدينة للقوات لمحلية حسب القانون اليمني واحترام التراتبية القانونية، وبهذا يكون السلطة الشرعية هي المسؤولة لأنها المعترف بها من العالم والحوثيين هم انقلابيين”.
وأضاف أن أي تفسير آخر هو ينسف الاتفاق ولا يساعد على تنفيذه، كان حري بوزير الخارجية ان يساعد عل الاتفاق بدل إضافة عقبات جديدة من خلال أفكار مرفوضة من قبل جميع الأطراف.
وأشار الورد “هذه المسألة ستساعد على فشل الاتفاق كما هو حاصل اليوم ولن تساعد أبدا في تنفيذه وعلى الشرعية ان تتمسك بالاتفاق، وعدم السماح ان يتولى المبعوث الامي وضع اقتراح معين فهذا تفريط بحقها، وستجد نفسها بعد سلسلة من التنازلات قد تلاشت تماماً”.