كريتر نت – متابعات
من “بطولات” الأسطورة إلى إخفاقات “الطوفان”، يقف جهاز الموساد الإسرائيلي أمام محطات التأسيس والمحاسبة.
يقول جوردن توماس في كتابه “جواسيس جدعون.. التاريخ السري للموساد”، إن دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل وهو من أوصى بإنشاء الجهاز، “كان يعرف أنه ليس نبيا وأنه مجرد مقاتل شوارع عنيد فاز بحرب 1948 ضد قوات فاقت تلك التي كانت تحت تصرفه بعشرين ضعفا”.
“ولم يكن هناك انتصار أعظم منذ أن قتل الفتى الراعي ديفيد العملاق جالوت وأخضع الفلسطينيين القدماء” في إشارة إلى النبي داود.
ويشير توماس وهو يهودي بريطاني، إن “رجال الموساد كانوا بالنسبة لمير عميت الذي ترأس الجهاز بين عامي 1963 و1968 مثل جدعون، وهو بطل العهد القديم الذي أنقذ إسرائيل من قوى العدو المتفوقة، لأنه امتلك استخبارات أفضل”
فإسرائيل تراقب الفلسطينيين عبر 3 أجهزة استخبارات، على الأقل، على مدار الساعة، وهي “الشاباك”، و”الموساد”، و”الاستخبارات العسكرية”.
غير أن أيا منها لم يتوقع الهجوم المباغت الذي شنته حركة “حماس”، يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ولدى سؤال أحد الصحفيين لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، فجر الأربعاء: “كيف لم تلحظ إسرائيل وقوع هذا الهجوم؟” أجاب: “عليك توجيه هذا السؤال إلى الحكومة الإسرائيلية”.
وقال في الإيجاز الصحفي بالبيت الأبيض: “من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية قد أعطت أهمية كبيرة لقدراتها الاستخباراتية فيما يتعلق بحماس، والضفة الغربية، وحزب الله. ولماذا لم يكن لديهم إنذار بشأن هذا، ليس سؤالاً أستطيع الإجابة عنه من على هذه المنصة”.
في الجانب الآخر، تنشغل إسرائيل بالحرب على غزة، ولكن المسؤولين والمحللين الأمنيين، يقولون إنه ما بعد الحرب ستكون هناك محاسبة عسيرة على هذا الإخفاق الأمني.
وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، الأربعاء، إن ما لا يقل عن 1200 إسرائيلي قتلوا، وأصيب أكثر من 2900، منذ هجوم السبت، مشيرة إلى أن أغلبهم وقعوا في نفس اليوم.
ووفقا للمعلومات الأولية التي طالعتها “العين الإخبارية” في الإعلام العبري، فإن ما بين 800 و1000 مسلح فلسطيني اجتازوا الحدود إلى مسافة كيلومترات داخل إسرائيل، السبت، واقتحموا 22 بلدة و11 قاعدة عسكرية.
وتم التسلل تحت غطاء تمويهي بإطلاق 2200 صاروخ دفعة واحدة على وسط وجنوبي إسرائيل.
وفيما كانت إسرائيل منشغلة بتحديد مواقع وأسباب إطلاق الصواريخ كان المسلحون الفلسطينيون قد وصلوا إلى البلدات والقواعد الإسرائيلية بالفعل، وشرعوا بإطلاق النار، وأسروا ما لا يقل عن 150 شخصا.
وإن كانت تل أبيب قالت، الأربعاء، إنها أحصت 1000 جثة لمسلحين فلسطينيين داخل البلدات الإسرائيلية، وأن المئات من الجثث ما زالت على السياج الحدودي مع القطاع، فإن هذا لم يشفع لأجهزة المخابرات الإسرائيلية في نظر الشارع على إخفاقها غير المسبوق.
وفي مقال طالعته “العين الإخبارية” في صحيفة “هآرتس”، كتب نحاميا شترسلر، المحلل في الصحيفة: “هذا هو التقصير الأكثر خطورة في تاريخ إسرائيل. فهو أخطر من تقصير حرب (يوم الغفران) أي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973”.
وأضاف: “كانت المفاجأة أكبر، وكان المفهوم أكثر غباء، وكان الإهمال أكثر فظاعة، وكانت الضربة المعنوية أكثر قسوة، وكانت الفوضى أكثر جنوناً، وكانت الصدمة أقوى، وكان عدد القتلى المدنيين أعلى من أي وقت مضى”.
أما إفرايم غانور، المحلل في “معاريف” الإسرائيلية، فكتب في مقال طالعته “العين الإخبارية”: “سيسجّل -أكتوبر- تشرين الأول 2023، بصفته أكثر الأيام حلكةً وصعوبةً وفظاعةً في تاريخ إسرائيل وشعبها، بأنه أفظع من 6 أكتوبر 1973، وأيّ مقارنة بـ(يوم الغفران) هي مقارنة خاطئة”.
بدوره، قال الكاتب الشهير في “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع: “7 أكتوبر 2023 كانت إهانة عظمى، إهانة لم يشهد الجيش الإسرائيلي مثيلاً لها في كل سنواته. وسأشرح: الإهانة الأولى كانت استخبارية. مرة أخرى، مثلما في 1973، رأت المنظومة كل المؤشرات الدالة لكنها استنتجت بغرورها بأن هذه مجرد مناورة”.
وفي مقابلة له مع قناة “إن بي سي” الأمريكية، وجّه سؤال إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: “هل تعترف بأن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية ومسؤولي المخابرات الأمريكية قد فوجئوا هنا؟”، فأجاب: “هذا هجوم لا أعتقد أن أحدًا توقع حدوثه على الفور”.
وإزاء الإصرار بالسؤال: “هل تعترف بأنه كان فشلاً استخباراتياً؟” رد بلينكن: “سيكون لدينا الكثير من الوقت، وسيكون لدى الإسرائيليين متسع من الوقت للنظر في ذلك. وسيكون لدينا جميعا الوقت للنظر في ذلك”.
وأمام هذه التساؤلات تستعرض “العين الإخبارية” بعض المعلومات عن جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد”:
ما هو الموساد؟
يروج جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” عن نفسه بأنه من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، وتتعدى نشاطاته حدود إسرائيل إلى العالم أجمع.
تم تأسيس الموساد في 13 ديسمبر/كانون الأول 1949، باسم المعهد المركزي للتنسيق بناء على توصية رئيس الوزراء آنذاك دافيد بن غوريون إلى رؤوفين شيلواه وهو أول رئيس لهذا الجهاز.
أراد “بن غوريون” من وراء إنشاء هيئة مركزية لتنسيق وتحسين التعاون بين الأجهزة الأمنية القائمة: إدارة مخابرات الجيش (أمان)، وجهاز الأمن الداخلي (الشين بيت)، و”الإدارة السياسية” في وزارة الخارجية.
في مارس/آذار 1951، أعيد تنظيمه ودمجه في مكتب رئيس الوزراء، ويقدم تقاريره مباشرة إلى رئيس وزراء إسرائيل نظرًا لمسؤولية الموساد مباشرة أمام رئيس الحكومة وليس أمام الكنيست.
وينقسم الموساد إلى أقسام يرأسها مدير يعادل لواء في الجيش الإسرائيلي، وهي:
-تسوميت: أكبر قسم في الموساد، ويعمل به ضباط يُطلق عليهم اسم “كاتساس”، وهم مكلفون بإجراء التجسس في الخارج وإدارة العملاء.
ويعمل الموظفون في تسوميت تحت مجموعة متنوعة من الأغطية، بما في ذلك الدبلوماسية وغير الرسمية.
ترأس القسم من 2006 إلى 2011 يوسي كوهين، ومن 2013 إلى 2019 ديفيد بارنيا، وكلاهما عمل لاحقًا كمديرين للموساد.
– قيسارية: وحدة نخبة خاصة بالاغتيالات.
– كيشيت: مهمتها المراقبة الإلكترونية، والاقتحام، والتنصت على المكالمات الهاتفية.
– متسادا وهي وحدة خاصة تدير “وحدات صغيرة من الجنود” تشمل مهامها “الاغتيالات”.
اختيار رئيس الجهاز
تولى ديفيد بارنيا مهام منصبه خلفا ليوسي كوهين في يونيو/حزيران 2021.
ويعد اختيار رئيس الموساد الجديد سرا وثيق الصلة ومعروفا لقلة مختارة في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، واللجنة الاستشارية للخدمة المدنية التي يوافق أعضاؤها على اختيار رئيس الوزراء.
تقليديا، لا يتم الإعلان عن هوية رئيس الموساد، لكن ذلك تغير في عام 1996 مع تعيين اللواء داني ياتوم، النائب السابق لقائد قوات الدفاع الإسرائيلية.
ويميل الموساد الآن إلى نشر اسم الرئيس الجديد بعد تثبيته أو في بداية فترة ولايته البالغة خمس سنوات.
التحق بارنيا بالجيش الإسرائيلي عام 1983، وخدم كجندي مقاتل في وحدة الكوماندوز الخاصة “سيريت متكال”.
كما درس في معهد نيويورك للتكنولوجيا وحصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة بيس قبل أن يعمل في بنك استثماري إسرائيلي.
وبقى رئيس الموساد في منصبه لمدة خمس سنوات، لكن هذا ليس هو الحال دائما.
فمئير داغان، المدير العاشر للموساد، خدم في الفترة من 2002 إلى 2011، وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بتمديد ولاية كوهين لمدة ستة أشهر.
فيما مكث الرؤساء السابقون في هذا المنصب لسنوات أقل.
وترأس داني ياتوم الموساد من عام 1996 إلى 1998، لكنه استقال بعد فشل اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس في الأردن، خالد مشعل، عام 1997.
رأس المال الاستثماري
افتتح الموساد صندوق رأس المال الاستثماري في يونيو/حزيران 2017، للاستثمار في الشركات الناشئة ذات التقنية العالية لتطوير تقنيات إلكترونية جديدة.
ولا يتم نشر أسماء الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا التي يمولها الموساد.