كريتر نت – الشرق الأوسط
شهدت إسرائيل ليل السبت – الأحد مظاهرات من نوع لم تعرفه من قبل، في وقت تدور فيه رحى الحرب قرب غزة؛ إذ تظاهر آلاف الإسرائيليين ضد الحكومة، أمام بيت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبيوت وزراء آخرين. لقد أضاءوا الشموع، وقرأوا أسماء القتلى، وطالبوا الحكومة بتحمل المسؤولية عن الإخفاق الذي أتاح هجوم «حماس»، وطالبوا نتنياهو بالاستقالة.
شارك في هذه المظاهرات الجناح الراديكالي في حركة الاحتجاجات، وأهالي الأسرى والضحايا الإسرائيليين.
وفي بعض المواقع حضر مؤيدو الحكومة من اليمين، واعتدوا على المتظاهرين بالضرب، أو ألقوا عليهم البيض.
وكادت تقع اشتباكات دامية، وفي اليسار الراديكالي رفعوا شعارات تدعو إلى السلام.
شكوك في جدوى الحرب
وطالبت وسائل الإعلام بوضع أهداف للحرب، مثل: «ما الذي نريده منها؟ وهل هي ممكنة؟». ومع أن الصحافة، مثل غالبية الإسرائيليين، لا تزال مؤيدة للحكومة في الحرب وضرورة التخلص من «حماس»، فإن أصواتاً كثيرة بدأت تشكك في جدواها، وتحذر من أن تنقلب الأمور في العالم ضد إسرائيل بسببها.
وكتب الصحافي جدعون ليفي في صحيفة «هآرتس»، أن «إسرائيل ستنطلق إلى عملية اجتياح بري كارثية في قطاع غزة، يمكن أن تنتهي بفشل ذريع لم تشهده إسرائيل أو غزة من قبل، ويمكن أن تحول الصور التي تأتي من غزة في الفترة الأخيرة إلى المقدمة؛ سنقف أمام مذبحة جماعية. جنود كثيرون سيقتلون دون هدف، سكان غزة سيواجهون نكبة ثانية علاماتها الأولية أصبحت على الأرض. من هذه الفظائع لن يربح أي أحد».
ولفت إلى أنه «من ساعة لأخرى تصبح الصور من غزة مخيفة أكثر». وانتقد وسائل الإعلام الإسرائيلية المجندة التي تخون دورها ـ معتبراً أن عدم إظهار إسرائيل الحقائق عن غزة، «لا يعني أن الكارثة لا تحدث هناك».
أكثر من مليون شخص كانوا يهربون للنجاة بحياتهم أو يتشبثون بطريقة انتحارية ببيوتهم المدمرة، نصفهم من الأطفال. الشيوخ والنساء وذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى والأطفال يهربون نحو الجنوب سيراً على الأقدام أو على الدراجات الهوائية أو على مقدمة السيارات، أو على الحمير، ولا يحملون معهم إلا القليل من ممتلكاتهم. «ولا يوجد أي شخص لم يتذكر مشاهد النكبة التي عاشها الآباء قبل 75 سنة».
ورأى الكاتب أن إسرائيل تنطلق إلى عملية خطيرة وخاسرة، وأنها يمكنها سؤال حلفائها في واشنطن: ما الذي جلبته الحروب العبثية للولايات المتحدة من أجل استبدال الأنظمة في العالم؟ كم مليوناً من الأشخاص قُتلوا عبثاً؟ ومن الذين تولوا الحكم بالحروب الأميركية؟ لافتاً إلى «أننا على شفا كارثة تاريخية أيضاً لإسرائيل.
وإذا قامت إسرائيل بتدمير القطاع على رؤوس حكامه وسكانه فسيتم نقش هذا الفعل في وعي العالم العربي والإسلامي ووعي العالم الثالث أيضا لأجيال قادمة، مشدداً على أن (نكبة 2)، ستمنع مئات ملايين الأشخاص في أرجاء العالم من قبول إسرائيل «وسيكون الثمن باهظاً أكبر مما نتوقعه الآن».
وفي الصحيفة نفسها، كتب د. تسفي برئيل، أن إنجازات سياسية كبيرة لإسرائيل، جزء كبير منها مسجل على اسم نتنياهو، يمكن أن تتحطم في الشرق الأوسط الجديد، وأن الحلم الأميركي بـ«ناتو شرق أوسطي»، الذي فيه ستكون إسرائيل عضواً، سيصبح هذياناً، وطموح أميركا لإقامة سور إقليمي ضد الصين وروسيا، الذي حتى دون الحرب في غزة يقف على أرجل ضعيفة، سيُخَزّن فترة طويلة.
هذه الاعتبارات لا يمكن أن تبعد إلى الزاوية أو أن تؤجل إلى ما بعد الحرب؛ فهي مهمة أكثر من تدمير المزيد من البيوت أو معاقبة مواطني غزة. «ستكلف هذه الحرب ضد (حماس) إسرائيل مستقبلها».
حملة لصفقة تبادل أسرى
بينما انطلقت مظاهرات ضد الحرب في نحو 10 بلدات إسرائيلية، بادرت «حركة أنصار السلام» الإسرائيلية و«لنقف معاً» اليهودية العربية، بحملة جمع تواقيع ضمت نحو 20 ألف شخص على عريضة تدعو إلى تنفيذ صفقة تبادل أسرى أولية، ذات أهداف إنسانية تشمل النساء والأطفال من الجانبين.
وجاء في العريضة: «إنه أمر مستعجل. اختُطف نحو 200 مواطن إسرائيلي بطريقة عنيفة إلى قطاع غزة، وهم الآن محتجزون أحياءً. نساء، وشيوخ وأطفال ورجال يقبعون الآن في حالة رعب، ومئات العائلات داخل إسرائيل تتوسل من أجل حياة أبنائها. الأمر المطلوب هو العمل من أجل إطلاق سراحهم فوراً».
وأضافت: «وفقاً لتقارير في عشرات وسائل الإعلام في إسرائيل والخارج، ترفض الحكومة صفقة تبادل الأسرى الإنسانية التي توسطت فيها مصر وقطر، والتي بموجبها ستطلق إسرائيل سراح نحو 30 سجينة فلسطينية مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال الإسرائيليين الذين أسرتهم (حماس). إن رفض مثل هذا الاقتراح أمر لا يمكن تصوره، وسوف يؤدي إلى إراقة دماء أكبر مما حدث حتى الآن».
وجاء أيضاً: «بدلاً من أن نسمع عن الأسرى في المؤتمرات الصحافية لرئيس الوزراء، وبدلاً من أن نقرأ عن القلق بشأنهم في تصريحات الوزراء، نسمع المزيد والمزيد من التهديدات والتصريحات عن «سحق» غزة، وعن «هدمها» وإعادتها إلى «العصر الحجري».
وهذا الاتجاه، لن يعيد أياً من أحبائنا المقتولين إلى الحياة، فقط، بل سيؤدي أيضاً إلى موت الإسرائيليين «الأحياء» الموجودين هناك الآن».
وطالبت الوثيقة بقية الإسرائيليين بـ«الانضمام الآن إلى النداء العاجل من الحكومة للموافقة على صفقة من شأنها إنقاذ النساء الرجال، والأطفال والفتيات المختطفين».
يُذكر أن منظمة «لنقف معاً»، يسارية وتعمل برئاسة الشابين ألون لي غرين ورلى داوود، منذ 8 سنوات، بهدف «بناء أغلبية جديدة، تعمل بطريق تســمح لنا بتحقيق الانتصارات في النضالات من أجل السلام والمساواة والعدالة الاجتماعية والبيئية». وقد كانت هذه الحركة أول من أقام تظاهرات ضد الحرب الحالية على غزة، من خلال 9 وقفات على مفارق الطرق المختلفة في المثلث والجليل.