كريتر نت – متابعات
في الوقت الذي كانت إسرائيل تواجه هجوما مفاجئا للفصائل الفلسطينية الذين اخترقوا الحواجز حول غزة وأطلقوا وابلا من الصواريخ أصاب مناطق عدّة، واجه القادة العسكريون تساؤلات متزايدة حول كيفية وقوع الحادث، وفي القلب من ذلك عمل منظومة “القبة الحديدية” التي طالما أشادت بها تل أبيب.
وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جلسة مشاورات أمنية في مقر هيئة الأركان بمشاركة وزير الدفاع ورئيس الأركان، على خلفية الهجمات التي تشنها حماس منذ صباح السبت.
ويرى خبراء عسكريون ومراقبون، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هجوم الفصائل الفلسطينية غير المعتاد كشف عن خلل استخباراتي واسع داخل تل أبيب، خاصة مع الفشل في توقع هذا العمل العسكري، فضلا عن التأخر في التعامل السريع معه، في حين كان لمنظومة القبة الحديدية الكثير من الانتقادات من داخل إسرائيل نفسها، تحت وطأة مئات الصواريخ التي جرى إطلاقها على مدار ساعات متواصلة وسقط كثير منها داخل الأراضي الإسرائيلية.
ويرى المحللون أن النظام أثبت نجاحا خلال السنوات الماضية في تعزيز أمن إسرائيل، بيد أنه يعد عنصرا واحدا من بين مجموعة من العناصر الأمنية الاستراتيجية.
ما هو نظام “القبة الحديدية”؟
نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي هو نظام أرضي يعترض ويدمر الصواريخ وقذائف الهاون قصيرة المدى، وبدأ تفعيله منذ عام 2010.
تم تطوير القبة الحديدية من قبل شركة “رافائيل” لأنظمة الدفاع المتقدمة المحدودة بالتعاون مع شركة “رايثيون” الأميركية.
يتم تشغيلها بواسطة بطاريات دفاع صاروخي يمكنها الدفاع ضد هجمات الهاون والصواريخ مثل تلك التي يتم إطلاقها من الأراضي الفلسطينية، على بعد حوالي 40 ميلا من البطارية، كما أن هذه البطاريات متحركة بحيث يمكن نقلها إلى حيث تكون هناك حاجة إليها.
تتكون المنظومة من رادار لاكتشاف الصواريخ ونظام قيادة وتحكم يحلل البيانات التي يوفرها الرادار، وصواريخ الدفاع الجوي التي يتم توجيهها بعد ذلك للاعتراض، بينما يكلف كل صاروخ حوالي 40 ألف دولار، لذا فإن اعتراض 3000 صاروخ هو عمل مكلف للغاية.
على الواقع؛ تكتشف وحدة الرادار صاروخا قادما وتنقل معلومات حول سرعته ومساره إلى مركز التحكم في البطاريات، في حين تحسب أجهزة الكمبيوتر في مركز التحكم ما إذا كان الصاروخ سيصيب مناطق مأهولة بالسكان، وإذا كان الأمر كذلك، يتم إطلاق صاروخ من قاذفة تحتوي على 20 صاروخا اعتراضيا، ليكون الهدف الرئيسي إبعاده عن المناطق المأهولة بالسكان، وتقليل الضرر على الأرض.
صاروخ نظام القبة الحديدية قابل للمناورة بشكل كبير ويبلغ طوله 3 أمتار وقطره حوالي 15 سنتيمترا، وقالت مجموعة التحليل الأمني “آي.إتش.إس جين” في عام 2012 إن وزنه يبلغ 90 كيلوغراما.
تمت ترقية القبة الحديدية مرارا وتكرارا لتكون قادرة على مواجهة تهديد قذائف الهاون، التي تبقى في الهواء لفترة أقصر بكثير من الصواريخ، ما يجعل اعتراضها أمرا صعباً
رغم تكلفة المنظومة المرتفعة جدا فهناك عيوب سجلت بشأن فعاليتها، أبرزها أنه لا يمكنها التعامل مع قذائف الهاون من عيار 120 ملم وما دون ذلك، كما أنها لا تعمل على تدمير الصواريخ التي تقل مسافتها عن 4 كم لقصر مسافة الانطلاق.
صواريخ تفوق الاعتراض
من جانبه، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد سمير راغب، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الجانب الفلسطيني أعلن إطلاق 5000 في الـ 24 ساعة الأولى من الهجوم، في حين كان الرشقة الواحدة بين 100 إلى 150 صاروخا، وهذا تسبب في إحداث ما يُسمى في المصطلحات العسكرية بـ”التشبّع”، ما يعني أن عدد الصواريخ التي جرى إطلاقها أكبر من قدرة الاعتراض الخاصة بالمنظومة.
وأضاف أنه بناءً على هذا العدد الكبير من الصواريخ لم تنجح القبة الحديدية في اعتراضها جميعا، إذ مرَّ جزء آخر ليس بالهيّن، والجزء الذي يمر هو الأهم لأنه يُطلق على ارتفاعات منخفضة ومنخفضة جدا، عبر أنواع ليست دقيقة من الصواريخ، في حين يتم إطلاق الصواريخ الدقيقة على أبعاد مرتفعة، ومن ثمّ تنشعل القبة الحديدية بالطبقة الأقل انخفاضا لأنها تمثل أكثر خطورة.
وبالنظر إلى الحجم الهائل للصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة، والتي تكون في كثير من الأحيان على شكل وابل كثيف، فإن القبة الحديدية “تقرر” أيها يشكل التهديد الأكبر للمناطق الحضرية والبنية التحتية، متجاهلة تلك التي يشير مسارها إلى احتمال ضرب مناطق غير مأهولة بالسكان أو أنها سوف تسقط في البحر.
ولفت راغب إلى أنه مع طول يوم المواجهة يحدث “إنهاك للمنظومة”، ويكون عدد الصواريخ أكبر من قدرة الاعتراض، إضافة إلى زيادة طاقة التشغيل على مدار اليوم وليس هناك وقت لإعادة وضع صواريخ جديدة برؤوس المنظومة، وهذه تكتيكات استخدمت منذ فترة في التعامل مع القبة الحديدية.
وأوضح الخبير العسكري أن المنظومة تعاملت مع 1500 صاروخ فقط من بين ما يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف صاروخ أطلقتها حماس.
نقص المعلومات الاستخباراتية
لكن على الجانب الآخر، يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “القبة الحديدية لم تفشل، لأنها لم تُستخدم بشكل أمثّل، لكن الفشل الفعلي كان بالنسبة لجمع المعلومات الاستخباراتية وتقييم الموقف على مدار الساعات الماضية”.
ولفت مورغان إلى أنه كما جرت العادة سيتم إضافة المزيد من وحدات القبة الحديدية للتعامل مع التهديدات القادمة من حماس أو حزب الله اللبناني.
ويتفق مع ذلك نائب ضابط المخابرات الوطنية السابق لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة الأميركية، جوناثان بانيكوف، بأن “هذا كان فشلا استخباراتيا، ولا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك”.
ونقلت “رويترز” عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إنه ستكون هناك مناقشات حول الإعداد الجيد للاستخبارات “في المستقبل” لكن التركيز في الوقت الحالي ينصب على القتال.