كريتر نت – متابعات
أدى مدير عام الأمن العام اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم زيارة غامضة إلى قطر توجت بنقله رسالة تهديد أميركية لحزب الله. ولم يفصح إبراهيم عن ماهية التهديد الذي نقله إن كان نفس التهديدات التي تتداول على وسائل الإعلام أم أنه تهديد لا يراد التسويق له ضمن خيارات واشنطن للمواجهة.
ومازال الغموض يكتنف زيارة مدير عام الأمن العام اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم إلى قطر، حيث شارك في محادثات وساطة تقودها الدوحة بين إسرائيل وحماس من أجل إطلاق الأخيرة لرهائن محتجزين لديها مقابل وقف محدود لإطلاق النار في غزة.
وما يزيد من غموض الزيارة تواجد إبراهيم دون ذكر صفة تواجده أو الجهة التي يمثلها في اجتماعات ومفاوضات تزامنت مع تواجد المخابرات الأميركية والإسرائيلية في الدوحة إلى جانب ممثلين عن حماس.
ويقول مراقبون إن إبراهيم عمل في الدوحة على خطين: الأول موضوع الأسرى مزدوجو الجنسية لدى حماس والطريقة المناسبة لإطلاقهم والثاني ضبط التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية.
وأضاف المراقبون أن الاتصالات التي أجراها سابقا اللواء إبراهيم مع قيادات حزب الله لتسهيل الاتفاق البحري مع إسرائيل برعاية أميركية تؤهله لأن يكون ممثلا عن حزب الله في مفاوضات تحرير الأسرى في الدوحة منذ أيام.
الرسائل التي نقلتها للحزب فرصة لإعادة النظر ومن الممكن أن تتضمن تهديدا بمكان ما من الجانب الأميركي
وتشير مصادر لبنانية مطلعة إلى أن وجود اللواء عباس إبراهيم في العاصمة القطرية مشاركا في المفاوضات الدائرة حول ملف تبادل الأسرى والمعتقلين بين حماس وإسرائيل، هو دخول مباشر لحزب الله على خط هذا الملف.
ولم ينف اللواء عباس إبراهيم كل ما تقدم في تصريحات لوسائل إعلام لبنانية محلية لكنه لم يجب عن الصفة التي شارك بها في المفاوضات أو الطرف الذي ينوبه، مكتفيا بالقول إنها مبادرة فردية لحلحلة الأوضاع في غزة.
ويرى محللون أن المشاركة في مثل هذه المفاوضات رفيعة المستوى التي تتضمن وجود قيادات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون ضمن المبادرات الفردية ولا يمكن أن تستوعب طرفا غير معني بما يجري.
والتقى عباس إبراهيم خلال تواجده في الدوحة المسؤولين الأميركيين الذين حملوه رسالة تهديد لحزب الله، وهو ما يفسر إلى حد كبير الصفة التي شارك من خلالها في المفاوضات.
وقال عباس إبراهيم في مقابلة مع قناة تلفزيونية لبنانية محلية “لم أنصح بالحرب، ونصرالله هو من يحدد سياسات الحزب، والرسائل التي نقلتها للحزب أعتبرها فرصة لإعادة النظر بأمور عديدة ومن الممكن أن تتضمن تهديدا بمكان ما من الجانب الأميركي”.
واعتبر إبراهيم أنه “ما زالت هناك قواعد اشتباك، ومقتل العائلة في الجنوب هو محاولة لاستفزاز الحزب للدخول في حرب مع إسرائيل لجر الغرب إلى حرب أوسع”.
وأكد أن “الحرب قائمة بين الحزب وإسرائيل، ومن يحدد حتمية التصعيد هو إسرائيل وذلك بحسب أدائها، وهي تسعى لخوض حرب إقليمية ومن جهة أخرى الحزب يتصرف بشكل واع على الصعيد العسكري”، مشيرا إلى أنه “من الممكن أن تنخرط إيران بهذه الحرب وذلك بحسب التصاعد التدريجي، ومن ينطق باسم إيران اليوم هي السلطة والدولة الإيرانية فقط لا غير”.
ولم يفصح عباس عن ماهية التهديدات الأميركية التي نقلها إلى حزب الله. ويقول مراقبون إنه تعمد أن تكون تصريحاته مبهمة لأن الغاية منها وصلت إلى المعني بالأمر.
وتفاقم الغموض بعد هذه التصريحات جعل عددا من المحللين يخمنون في ماهية التهديد الأميركي وإمكانية “أن يكون في مكان ما”، بين من يقولون إن الأميركيين يقصدون أن ردهم سيكون داخل لبنان وبالتالي في الجنوب وبين من يقولون إن الرد الأميركي سيكون استهداف حزب الله في سوريا وهو الاحتمال الأكثر ترجيحا.
ونفذت القوات الجوية الأميركية خلال الأيام الماضية ضربات داخل سوريا لكنها كانت محدودة الأهداف في رسالة ربما لحزب الله.
وجود اللواء عباس إبراهيم في العاصمة القطرية مشاركا في المفاوضات الدائرة حول ملف تبادل الأسرى والمعتقلين بين حماس وإسرائيل، هو دخول مباشر لحزب الله على خط هذا الملف
وأشارت مصادر إسرائيلية في وقت سابق إلى أن الحكومة الإسرائيلية هددت حزب الله بأنها ستضرب دمشق وستعرض الرئيس السوري للخطر، في حال دخوله النزاع الدائر في غزة.
ووفقا لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فإن إسرائيل وجهت تحذيرا لحزب الله اللبناني، عبر فرنسا، من أنه إذا ما دخل الحرب فإن إسرائيل قد تقوم “بتوجيه ضربات لدمشق مثل الضربات التي توجهها للضاحية الجنوبية، وأن الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه سيكون بخطر”.
وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية طلبت تفويضا من الكونغرس لاستخدام القوة ضد حزب الله إذا ما دخل على خط الحرب.
وسجّل منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تبادل لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله لكن التصعيد لم يتحوّل إلى حرب واسعة النطاق على غرار تلك التي وقعت في العام 2006، والتي من شأن تكرارها أنّ يفتح جبهة ثانية.
ويرى مراقبون أن حزب الله غير مستعد للدخول في حرب مكلفة مع إسرائيل خاصة بعد التهديدات الأميركية وإرسال واشنطن لحاملات طائرات إلى المنطقة كأداة لردع أي مغامرة قد يرتكبها حزب الله.
ويشير هؤلاء إلى أن حزب الله سيتقيد بقواعد الاشتباك وأن مساهمته في حرب غزة ستقتصر على رشقات صاروخية داخل إسرائيل من باب رفع العتب وإبراء الذمة.