كريتر نت – متابعات
استنجد اليمن مرة أخرى بمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) لمساعدته على مواجهة تحدي الأمن الغذائي، الذي صار يضيق على البلاد أكثر في ظل منغصات الجفاف ومخاوف عدم توفير الإمدادات للسكان لأسباب داخلية تتعلق بالأزمة المالية والحرب.
وأطلقت منظمة فاو مشروعا طموحا يستهدف تطوير سبل عيش اليمنيين والإدارة المستدامة للأراضي الزراعية والحفاظ على التنوع البيولوجي في ثلاث محافظات يمنية.
وتكافح الحكومة اليمنية من أجل إعطاء المزارعين جرعة تفاؤل لتنشيط أعمال القطاع المتضرر من أزمات فقدان الوقود ونقص المياه والتغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية الحادة الأخرى بسبب الحرب التي دمرت كل شيء تقريبا.
وأوضح ممثل فاو في اليمن حسين جادين أن المشروع “يعزز أنظمة الأغذية الزراعية المستدامة والشاملة والمرنة والمتكيفة مع تغير المناخ، وقدرة الأسر المشاركة على الصمود في سبل عيشها، وإنتاج أغذية كافية وآمنة ومغذية بشكل مستدام”.
وتبحث فاو منذ فترة عن حلول عملية تسهم في التصدي لتحديات الأمن الغذائي في البلد الذي يمر بأزمات متتالية منذ اندلاع الحرب قبل ثماني سنوات فاقمتها مشكلة الجفاف والتضخم.
حسين جادين: المشروع يعزز إنتاج أغذية كافية وآمنة ومغذية بشكل مستدام
وتنضم المنظمة بذلك إلى قافلة طويلة من الجهات الدولية بما فيها المانحة، مثل البنك الدولي، التي ترى أن الضرورة تقتضي اليوم زيادة التمويلات لتمكين المزارعين وخاصة الصغار منهم، مع استكشاف طرق جديدة لتوفير تكنولوجيات وابتكارات ميسورة التكلفة للجميع.
وأوضحت في بيان الجمعة أن المشروع البالغ تكلفته نحو 16 مليون دولار يستهدف 160 ألف مستفيد مقسمين بالتساوي بين الذكور والإناث على مدى سبع سنوات.
والمناطق المستهدفة للمشروع وهي جزيرة سقطرى على السواحل الشرقية للبلاد ومحميتا حوف في المهرة وعتمة في ذمار.
ووفقا لمنظمة التربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تعد جزيرة سقطرى التي تم تصنيفها كأحد مواقع التراث الطبيعي العالمي عام 2008، من بين أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي والنباتي وموطنا للآلاف من النباتات والحيوانات والطيور المستوطنة.
ويشير خبراء فاو في تقاريرهم الدورية إلى أن الزراعة لا تزال أهم قطاع اقتصادي في اليمن، ولكنها تضررت بشدة من آثار الصراع والأمراض، مما أدى إلى تقلص فرص كسب العيش.
وترى المنظمة أنه بدون إحلال سلام بين الفرقاء، فإن اليمن سيواصل مواجهة صعوبات نقص الأمن الغذائي، ولن يكون هناك انتعاش على المدى البعيد.
ونسبت وكالة رويترز إلى وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي قوله إن “المشروع سوف يوفر فرص عمل صديقة للبيئة في مناطق المحميات”.
وأشار إلى أن المبادرة تستهدف إعادة تأهيل نحو 25 ألف هكتار من أراضي المحميات الطبيعية و75 ألف هكتار من أراضي المراعي وتنمية الغابات في المحميات الثلاث.
16 مليون دولار تكلفة المشروع ويستهدف 160 ألف مستفيد في سقطرى والمهرة وذمار
وأكد الشرجبي أهمية المشروع في دعم وتطوير سبل العيش المستدام في المناطق المستهدفة من خلال التكيف مع المتغيرات المناخية والحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الموارد الطبيعية من التهديدات البيئية والإنسانية.
وقال إن بلاده تعاني “من شدة التغيرات المناخية، جراء الجفاف والتصحر ونقص المياه وموجات الحرارة المرتفعة والفيضانات”.
وتقول مؤسسات مالية دولية إن القطاع الزراعي تدمر بشكل بالغ وكبد البلاد خسائر لا حصر لها. كما أن تراجع عمليات الإنتاج أثر بوضوح على تحقيق الأمن الغذائي، خاصة وأنه كان يساهم سنويا بنحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لليمن.
وحاليا، لا توفر الزراعة سوى حوالي 15 إلى 20 في المئة من الاحتياجات الغذائية بسبب محدودية الأراضي الزراعية وشح موارد المياه واتباع الممارسات الزراعية السيئة التي تفاقمت بسبب سنوات الحرب وارتفاع أسعار الوقود.
وسعت فاو عبر ورشة عمل تحليلية للتصنيف المرحلي لانعدام الأمن الغذائي الحاد في دروتها الثالثة التي احتضنتها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن الشهر الماضي إلى الوقوف على أهم المشكلات التي تعترض حصر البيانات اللازمة ضمن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024.
توفيق الشرجبي: سيتم توفير فرص عمل صديقة للبيئة وسيعاد تأهيل الأراضي
وتهدف الورشة التي استمرت أحد عشر يوما بالأساس إلى تعزيز وتنمية مهارات المشاركين في جوانب جمع البيانات وتحليلها بدقة.
وشارك على امتداد أيام الورشة مئة مختص يمثلون وزارتي الزراعة والصناعة والتجارة وجهاز الإحصاء ومدراء مكاتب التخطيط في المحافظات المحررة وممثلون عن المنظمات الدولية ذات العلاقة بالأمن الغذائي.
وقال الوكيل المساعد بوزارة التخطيط لقطاع التعاون الدولي منصور زيد وقتها إن “الورشة مهمة في إعداد التقارير وتوفير المعلومات الدقيقة للمانحين والمنظمات الدولية من أجل حشد وتقديم الدعم لمشاريع الأمن الغذائي”.
وفي مارس الماضي، قالت منظمة فاو إنها تحتاج نحو 71 مليون دولار لتنفيذ أنشطتها ومواجهة انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال العام الحالي، إذ يواجه الملايين الجوع في ظل استمرار الصراع للعام التاسع على التوالي.
وذكرت أن خطتها تتطلب تمويلات وتقديم مساعدات زراعية إنسانية يستفيد منها قرابة 2.67 مليون شخص.
وكانت الأمم المتحدة جمعت في أواخر فبراير الماضي 1.2 مليار دولار من المانحين، أي ما يعادل ربع المبلغ المطلوب لتنفيذ خطة مساعدات بقيمة 4.3 مليار دولار لليمن الذي يشكل أحد أكبر الكوارث الإنسانية في العالم.
وأدى نقص التمويل إلى تقليص الوكالات في العامين الماضيين مشاريع المساعدات لليمن، ومن بينها الحصص الغذائية.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن المانحين قدموا العام الماضي حوالي 2.2 مليار دولار من أصل 4.27 مليار دولار مطلوبة.
ويعاني اليمن من أزمة اقتصادية وإنسانية حادة هي الأسوأ في العالم في ظل الحرب والفجوات الحادة في التمويل والتضخم العالمي والتأثير غير المباشر للحرب في أوكرانيا.
وبحسب التقديرات يستورد اليمن 90 في المئة من احتياجاته من الغذاء، ويأتي 45 في المئة من وارداته من القمح من أوكرانيا وروسيا.
ويعتمد نحو 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 32.6 مليونا على المساعدات الإنسانية.