عوض الرجوب
رام الله- يثير اتفاق “الهدنة الإنسانية” وقبول الفصائل الفلسطينية والاحتلال بتجزئة تبادل الأسرى الأطفال والنساء لدى الجانبين تساؤلات عن فرص عقد صفقة واحدة وشاملة يفرج فيها عن جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل جميع المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ووفق مختصين تحدثوا للجزيرة نت، فإن عقد صفقة واحدة شاملة أمر غير قابل للتنفيذ، وتحدثوا عن “عُقد” ستواجه المتفاوضين عند الشروع في مفاوضات جدية للإفراج عن نحو 7 آلاف أسير فلسطيني مقابل نحو 250 جنديا أسيرا في غزة.
ومن تلك العقد أن الحكومة الإسرائيلية رفعت سقف أهداف الحرب بما لا تستطيع تحقيقه، وحاجة غزة للإعمار بعد الدمار الهائل نتيجة القصف، ووجود مفقودين من الجانبين، إضافة إلى الملفات المعتادة من حصار لغزة واعتداءات على الأقصى وانتهاكات بالضفة، مما يجعل الجميع أمام مهام تفاوضية شاقة.
من بينهم نجلها البالغ من العمر 14 عاما.. أسرة الأسيرة #إسراء_جعابيص تترقب لحظة الإفراج عنها ضمن الدفعة الثانية من صفقة تبادل الأسرى pic.twitter.com/h7x6vmzgjZ
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) November 25, 2023
قضايا سياسية
بدوره، يستبعد أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة الدكتور نعمان عمرو عقد صفقة يتم بموجبها الإفراج دفعة واحدة عن جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود المأسورين في غزة.
ورجح عمرو في حديثه للجزيرة نت أن أي إفراجات ستتم على مراحل، موضحا أن البداية كانت بـ”الصفقة الإنسانية” لتبادل النساء وأطفال من الجانبين “في محاولة لبناء الثقة لاستكمال العملية التفاوضية، وإعطاء حكومة الاحتلال فرصة للنزول عن الشجرة وإعادة حساباتها بعيدا عن الأهداف الخيالية التي لا يمكن تطبيقها، وعلى رأسها هزيمة حماس وإعادة الجنود بعملية برية”.
وأشار إلى تحولات إقليمية وضغوط داخلية وخارجية على الاحتلال “قد تقود إلى صفقة واسعة، أحد بنودها الكل مقابل الكل”.
وأضاف عمرو أن هناك مستجدات سياسية لا يمكن الفصل بينها وبين أي صفقة قادمة “فقد عادت إلى الواجهة القضية الفلسطينية، ووحدة الأراضي، ورفع الحصار، وفتح المسار السياسي”.
ووفق المحلل السياسي، فإن “تبييض السجون ليس الوحيد المطروح على الطاولة، إنما ملفات سياسية وقضايا تفصيلية قد تأخذ وقتا”.
ولفت إلى ملفات معقدة في المفاوضات، مبينا أن إعلان كتائب عز الدين القسام عن مفقودين من المحتجزين لديها “قد لا تجد لهم أثرا” نتيجة القصف هو ما دفع إلى التعجيل في “الصفقة الإنسانية” نتيجة ضغوط ذويهم.
وفي الخلاصة لا يتوقع عمرو مفاوضات تمتد لسنوات “كلما اشتد عنف الاحتلال اقتربت نهايته، كما أن جنوده المأسورين يشكلون ملفا ضاغطا، وفي الوقت ذاته الطرف الفلسطيني معني بتبييض السجون”.
https://twitter.com/i/broadcasts/1nAJEaNDwpaJL
تحديات التفاوض
من جهته، يتوقع الكاتب المختص بقضايا الأسرى وليد الهودلي صفقة شاملة “تبيّض” السجون وتحرر ذوي الأحكام العالية “لكن ليس على دفعة واحدة”.
وأضاف الهودلي في حديثه للجزيرة نت “من حيث المبدأ تبييض السجون هدف واضح، ولولا ذلك لما كانت معركة طوفان الأقصى، لكن العدو صعد فوق شجرة عالية وأقنع شعبه بها، ونزوله لا يتم بسهولة، لذلك هو في حالة انتقام شاملة في ظل عمى سياسي يلف قيادة وشعب الاحتلال”.
ويرى أن الحكومة الإسرائيلية ستنزل عن الشجرة، ولن تصل إلى أهدافها المتمثلة في القضاء على المقاومة أو استعادة أسراها بالقوة.
واعتبر أن هدنة الأيام الأربعة “بداية النزول عن الشجرة، وخطوة أولى تتبعها خطوات”.
ويشير الكاتب الفلسطيني إلى “تحديات” في انتظار مفاوضات التبادل، بينها قناعة لدى بعض الأوساط الإسرائيلية بأن رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار -الذي يسبب لها صداعا مزمنا- أُفرج عنه بموجب صفقة تبادل، وبالتالي فإن الإفراج عن مزيد من ذوي الأحكام العالية قد يأتي بمن هو أخطر من السنوار.
ومع ذلك -يقول الهودلي- فإن الاحتلال أقر بـ”وجود ضرورات سياسية وتنازلات مؤلمة وخيارات صعبة وسيختار ما يراه أفضلها”، خاصة مع وجود عدد كبير من أسراه لدى الفصائل.
ولا يفضل الكاتب الفلسطيني التنبؤ بالوقت الذي قد تستغرقه مفاوضات التبادل “فالمفاوض الإسرائيلي ممل جدا ومتعب جدا، كما أنه لا أحد يعلم متى ينتهي ضجيج المعركة”.
إشارة أسيرة إسرائيلية تثير الجدل بعد تلويحها بيدها أثناء تسليمها للصليب الأحمر ضمن صفقة التبادل pic.twitter.com/6Z7ZNDmILc
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 24, 2023
نافذة سياسية
أما الباحث في شؤون الأسرى فؤاد الخفش فأشار إلى سياسة الاحتلال المتمثلة في محاولة استعادة الأسرى دون أن يدفع الثمن، كما حصل مرات عدة في الضفة الغربية “لكن القاعدة كسرتها صفقة وفاء الأحرار بمبادلة الجندي جلعاد شاليط بأكثر من ألف أسير فلسطيني رغم مراوغة الاحتلال 8 سنوات، وفي النهاية دفع الثمن بصفقة عام 2011”.
وأضاف الخفش في حديثه للجزيرة نت أن الاحتلال مستعد لقتل أسراه جميعا وألا يفاوض لاستعادتهم “انتقم من غزة بمذابح وجرائم فظيعة، لكنه فشل على مدى أكثر من شهر ونصف في الوصول إليهم، وربما يواصل جرائمه حتى يحقق هدفا كبيرا ينزله عن الشجرة”.
ورجح الباحث الفلسطيني أن تكون قضايا عديدة إضافة إلى الأسرى على طاولة أي مفاوضات لوقف إطلاق النار أو إبرام صفقة شاملة، منها المسجد الأقصى، والانتهاكات في الضفة، وتبعات الدمار الهائل لغزة وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وحصار القطاع، وربما إعادة طرح موضوع إنشاء ميناء يربط القطاع بالعالم.
ويشير إلى وجود “فرصة” لتحقيق مكسب سياسي بتحقيق انسحاب إسرائيلي من مدن فلسطينية والعمل على إقامة دولة فلسطينية، لكنه يرى أن “السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تفتقدان الإرادة السياسية وغير قادرتين على استغلال هذه الفرصة”.
وتطرق الخفش إلى ملف آخر “مهم” قال إنه سيشكل عقدة في المفاوضات، وهو وجود مفقودين من الجانبين “فمن ناحية أعلنت كتائب القسام أنها قد لا تجد بعض المحتجزين لديها الذين فقدوا في قصف إسرائيلي، فيما يرفض الاحتلال الإفصاح عن المعتقلين أو الشهداء لديه، سواء خلال اجتياحه البري لغزة أو ممن عبروا الحدود في 7 أكتوبر”.
المصدر : الجزيرة نت