كريتر نت – عربي بوست
لا تزال المفاوضات مستمرة بين إسرائيل وحركة “حماس” لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين لدى الجانبين، إذ التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومدير الموساد الإسرائيلي الوسيطَ القطري، الثلاثاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وناقشوا خطة تفضي في نهاية المطاف إلى الإفراج عن جميع الإسرائيليين المحتجزين في غزة، ومنهم الجنود.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات لصحيفة The Washington Post الأمريكية إن معادلة “المزيد مقابل المزيد” التي قامت على أساسها المحادثات حتى الآن لا تزال متماسكة المنطق لدى كل من إسرائيل وحماس. وأوضح أنه رغم عدم تقديم أي طرف منهما التزامات نهائية فإن “هناك رغبة لدى الجانبين” في التوصل إلى اتفاق واسع من شأنه إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل فترات توقف أطول للقتال، وإطلاق سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين، وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة.
تفاصيل اجتماع الدوحة
وشارك في الاجتماع مديرُ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، ومدير الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنيا، ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يتولى الوساطة بين إسرائيل وقادة حماس في الدوحة.
وكان الهيكل الذي بُنيت عليه محادثات الثلاثاء هو الأساس ذاته الذي اجتمعت عليه مختلف الأطراف، في اجتماع 8 نوفمبر/تشرين الثاني في الدوحة، والذي نفذت من خلاله المحادثات إلى مسار تبادل الأسرى الذي بدأ الأسبوع الماضي، وأفضى إلى إطلاق سراح 61 من المحتجزين الإسرائيليين ومزدوجي الجنسية، و150 أسيراً فلسطينياً.
وقد اتخذ القطريون المسار نفسه، فطلبوا من حماس أن تقدم المعايير التي وضعتها للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ثم يُطلعون الموساد الإسرائيلي عليها، فيقدم الأخير بدوره تفاصيل متطلبات إسرائيل.
فيما قال المصدر المطلع إن المفاوضين اتفقوا على تقسيم الأسرى الإسرائيليين الذين من المفترض الإفراج عنهم في المرحلة التالية إلى خمس فئات.
والفئات الخمس هي: الرجال الذين تجاوزوا السن الاحتياطية للخدمة العسكرية، والمجندات، وجنود الاحتياط الذكور، وجنود الخدمة الذكور، وجثث الإسرائيليين الذين ماتوا قبل الأسر وأثنائه. ويبلغ العدد الإجمالي للمحتجزين في هذه الفئات أكثر من 100 محتجز، إلا أن المصدر قال إنه ليس لديه العدد الدقيق حتى الآن.
فيما قال المصدر إن حماس أبدت “استعدادها للتفاوض على جميع الفئات الخمس”، وأضاف أن معايير التبادل لم تُحدد بعد، مثل عدد الأسرى الإسرائيليين الذين سيُفرج عنهم كل يوم، وعدد الأسرى الفلسطينيين مقابل كل إسرائيلي، وحجم المساعدات الإنسانية إلى غزة.
يتوزع باقي الأسرى الإسرائيليين بين مجموعات مختلفة، فبعضهم محتجز لدى حماس، وبعضهم لدى حركة الجهاد الإسلامي، وبعضهم محتجز لدى مجموعات صغيرة أخرى، وقال المصدر إن حماس أبلغت قطر بالقول “واثقون بقدرتها على تجميعهم”، وإن كانوا متفرقين حتى الآن.
كانت حماس والجهاد الإسلامي تحتجزان الأسرى في الأنفاق، ومن ثم فقد كانوا آمنين بقدرٍ ما من القصف الإسرائيلي، أما المجموعات الصغيرة فربما كانت تحتجز أسراها فوق الأرض، ومن ثم فقد كانوا معرضين لخطر أكبر. وقال المصدر إن حماس “لا تعرف على وجه اليقين من هم الأسرى الذين لا يزالون على قيد الحياة، ومن ليسوا كذلك” كما تقول الصحيفة.
القضية الأصعب في المفاوضات
من جهة أخرى، لا شك أن المفاوضين سيضطرون في النهاية إلى مواجهة مسألة ما إذا كان القتال سوف يُستأنف بعد إطلاق سراح الأسرى أم لا، وهذه هي القضية الأصعب في المفاوضات، الاحتلال لا يزال يقول إنه سيستأنف القتال حتى يدمر قدرة حماس على حكم غزة.
ومع ذلك، فإن عملية إطلاق سراح الأسرى لا تزال تلبي التوقعات حتى الآن، وقد يستمر الأمر كذلك، وقد كان المفتاح هو مسار “بناء الثقة خطوة بخطوة”، الذي اعتمده الوسطاء القطريون. وعلى هذا الأساس تجاوز المفاوضون العقبات الكبيرة، فضلاً عن التفاصيل الصغيرة التي كانوا يخشون أن تعرقل المحادثات.
أما إدارة بايدن، التي اجتهدت لاحتواء التداعيات السياسية لحرب غزة في الولايات المتحدة وخارجها، فإن إنجاز صفقة الأسرى كان النجاح الوحيد لها حتى الآن. والمسؤولون في الولايات المتحدة سعداء لأنها مستمرة، لكن السؤال المحير هو كيف ستنتهي هذه الحرب؟
إسرائيل تكشف تفاصيل المفاوضات
وبالتزامن قالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنه من الممكن تمديد اتفاق الهدنة الإنسانية وتبادل الأسرى، الذي ينتهي صباح الخميس، ليوم أو يومين إضافيين، وجاء ذلك في بيان نشرته هيئة البث الإسرائيلية الحكومية، عقب قمة عُقدت في الدوحة وشارك فيها مسؤولون من قطر ومصر وإسرائيل وأمريكا، إذ ذكرت الهيئة أنه “في القمة التي عُقدت في الدوحة تتم بلورة صفقة تشمل الجنود والمجندات، إضافة إلى الرجال المخطوفين، بينما العقبة الرئيسية تتمثل في أن حماس تطالب بوقف كامل لإطلاق النار، بينما تُعارض إسرائيل ذلك”.
وأضافت أن المجتمعين في قطر ناقشوا اتفاقاً جديداً بين إسرائيل وحماس، يتم بموجبه إطلاق سراح جميع المخطوفين في غزة، بما في ذلك الجنود. وتابعت الهيئة الإسرائيلية: “من ناحية أخرى ستُطلق إسرائيل سراح أعداد كبيرة من السجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية، وتلتزم بوقف إطلاق النار لفترة طويلة من الزمن”.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت الهيئة الحكومية أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه سيكون من الممكن تمديد الاتفاق الحالي ليوم أو يومين إضافيين، بعد انقضاء الموعد النهائي الذي يحل غداً.
وتابعت: “أي أنهم سيواصلون إطلاق سراح حوالي 10 مخطوفين مقابل كل يوم من وقف إطلاق النار، ومقابل إطلاق سراح 30 سجيناً أمنياً فلسطينياً”.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلقت المقاومة الفلسطينية هجوماً على مستوطنات غلاف غزة، قتلت خلاله أكثر من 1200 إسرائيلي، وأصابت أكثر من 5 آلاف وأسرت نحو 239.
بينما شنّ الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على القطاع، خلّفت دماراً هائلاً في البنية التحتية وعشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.