كريتر نت – عربي بوست
“اليمن ملكة الهند”، هكذا كانت توصف بلاد اليمن على مدى القرون بسبب تحكمها في تجارة العالم مع الهند ومجمل آسيا، عندما كان العالم لا يعرف إلا مضيق باب المندب كطريق يصل بين الشرق والغرب، واليوم رغم وجود طرق بديلة فإن باب المندب يمر به نحو 10% من التجارة العالمية، مما قد يجعل هجمات الحوثيين البحرية على السفن الإسرائيلية ذات تأثير كبير على الاقتصاد الإسرائيلي ومجمل الملاحة والتجارة الدولية.
وفور الإعلان عن استيلاء الحوثيين على سفينة بريطانية تدعى “Galaxy Leader” تديرها شركة يابانية ولكنها مملوكة جزئياً لرجل أعمال إسرائيلي، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في إطار ما يعتبرونه دعماً لغزة، حولت سفينتان تجاريتان مسارهما في البحر الأحمر وخليج عدن كانتا مرتبطتين بنفس المجموعة البحرية المالكة للسفينة التي استولى عليها الحوثيون، حسب وكالة رويترز.
واستولى الحوثيون على السفينة من خلال قفز مسلحين على سطحها من طائرة هليكوبتر قبل أن يرفعوا العلمين الفلسطيني واليمني.
وقال الحوثيون: “جميع السفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه ستصبح أهدافاً مشروعة”.
وقالت عمليات التجارة البحرية التابعة للجيش البريطاني في المملكة المتحدة، والتي تقدم تحذيرات للبحارة في الخليج العربي والمنطقة الأوسع، إن عملية الاستيلاء حدثت على بعد حوالي 150 كيلومتراً قبالة ساحل مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، بالقرب من ساحل إريتريا ونقلت في وقت لاحق عن ضابط أمن في شركة السفينة قوله إن السفينة نُقلت إلى الحديدة.
وأصر المسؤولون الإسرائيليون على أن السفينة مملوكة لبريطانيين وتديرها اليابان. ومع ذلك، فإن تفاصيل الملكية في قواعد بيانات الشحن العامة ربطت مالكي السفينة بشركة Ray Car Carriers، التي أسسها أبراهام “رامي” أونغار، المعروف بأنه أحد أغنى الرجال في إسرائيل.
وقال موقع تتبع حركة المرور البحرية إن السفينة وهي حاملة سيارات فارغة كانت قد غادرت كورفيز في تركيا وكانت في طريقها إلى بيبافاف في الهند عندما انقطع الاتصال بها جنوب غرب جدة بالمملكة العربية السعودية.
وطاقم السفينة مكون من 25 شخصاً وهم من الفلبين وبلغاريا وأوكرانيا ورومانيا والمكسيك.
ورغم عدم وجود إسرائيليين على متن السفينة، وصفت إسرائيل الحادث بأنه “عمل إرهابي إيراني” وقالت إنه ستكون له “عواقب وخيمة” على الأمن البحري الدولي.
وتخشى الدوائر الأمنية الإسرائيلية ودوائر الملاحة الدولية من أن يكون هذا الهجوم بداية لسلسلة من هجمات الحوثيين البحرية في ممر باب المندب الملاحي الحيوي ومنطقة جنوب البحر الأحمر المهمة للتجارة العالمية خاصة التجارة بين آسيا وأوروبا وتجارة النفط العالمية.
الحوثيون أطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة تجاه إسرائيل
وفي الشهر الماضي، اعترضت السفن الحربية الأمريكية مرتين صواريخ أو طائرات بدون طيار من اليمن يعتقد أنها متجهة نحو إسرائيل أو تشكل تهديداً للسفن الأمريكية.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أسقطت المدمرة الأمريكية “يو إس إس توماس هودنر” وهي تبحر باتجاه مضيق باب المندب مسيرة فوق الماء، وقال المسؤولون إن الطاقم اتخذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الأفراد الأمريكيين، ولم تقع إصابات أو أضرار بالسفينة.
قلق في أوساط الملاحة الدولية وزيادة بدأت في تكاليف الشحن
منذ أن استولى الحوثيون على السفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي الأسبوع الماضي في البحر الأحمر، قامت شركات الشحن العالمية بتقييم المخاطر المتزايدة المحتملة، حسبما ورد في تقرير لموقع دويتش فيله الألماني “DW”.
وفي حادث آخر وقع في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت التقارير أن البحرية الأمريكية ألقت القبض على خمسة قراصنة حاولوا اختطاف سنترال بارك، وهي ناقلة يديرها رجل أعمال إسرائيلي، في خليج عدن بالقرب من الصومال.
في الأشهر التي سبقت بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان عدد عمليات الاختطاف يتزايد بعد فترة هدوء في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان، ويرجع ذلك أساساً إلى التوترات الأمريكية الإيرانية والقيود المفروضة على السفن، تجارة النفط الإيراني.
يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن، أقرّ بزيادة في أسعار شحن البضائع التي تأتي إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي من الصين أو العكس بعد الحرب، وفقاً لما أوردته صحيفة Globes الإسرائيلية، الإثنين 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
يزعم ليفين أنَّ عدة سفن لها اتصالات مع إسرائيل اضطرت بالفعل إلى الإبحار حول أفريقيا، أو يخطط بعضها لفعل ذلك، وهو طريق قد يزيد من تكلفة الرحلة ويطيل مدتها لأسبوعين.
وبحسب بيانات شركة Freightos، فإنَّ سعر الشحن لكل حاوية من الصين إلى ميناء أسدود، ارتفع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين، من شهرأكتوبر/تشرين الأول 2023، ما يضعها عند سعر أعلى بنحو 5% منذ اندلاع الحرب.
ويتوقع الخبراء استمرار مثل هذه الحوادث بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.
هجمات الحوثيين البحرية قد تتصاعد في حال استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة/رويترز
“نتوقع أن نرى هذا يحدث مرة أخرى. لقد أظهروا أنهم قادرون على القيام بذلك، ويسعون للحصول على اهتمام وسائل الإعلام. لديهم معلومات عن السفن الإسرائيلية. وهم يعرفون ما يفعلونه. السفن المرتبطة بإسرائيل ستكون أهدافاً. من السهل جداً تعقبها”، حسبما يقول ديميتريس مانياتيس، المدير التنفيذي للعمليات في شركة الأمن البحري الخاصة Seagull Maritime.
وبالفعل، قال زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، إن الجماعة كانت تبحث عن السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر – حتى تلك التي لا تحمل العلم الإسرائيلي.
ويسيطر الحوثيون على جزء كبير من الساحل الغربي لليمن ويطلون على مساحة كبيرة من البحر الأحمر ومضيق باب المندب الضيق، وهو من أكثر الممرات المائية ازدحاماً في العالم. ومع ذلك، فهم بحاجة إلى الدعم لتنفيذ مثل هذه العمليات، حسب الموقع الألماني.
الحوثيون ليسوا قوة بحرية فعالة
ويقول هاريش ناتاراجان، رئيس التحليل الاقتصادي في مؤسسة AKE الدولية المعنية باستشارات المخاطر الأمنية في لندن: “لم يلجأ الحوثيون إلى عمليات الاختطاف في السنوات الأخيرة. وفي البحر الأحمر وخليج عدن، يظل الخطر الرئيسي الذي يواجه السفن التجارية هو القرصنة ذات الطبيعة الانتهازية والإجرامية”.
بصفة عامة يعتقد أن الحوثيين الذين تعود معاقلهم لشمال اليمن قوة برية بالأساس وليس لديهم قدرات بحرية عالية مثل القراصنة الصوماليين.
ولكن هذا يعطيهم نقاط قوة أيضاً، قد لا يكون الحوثيون قوة بحرية كبيرة تستطيع تنفيذ هجمات بزوارق بحرية بشكل واسع النطاق، ولكن عبر الدعم الإيراني قد يطورون هذه القدرات، وقد يكتفون بهجمات صاروخية على السفن الإسرائيلية أو ذات العلاقة بتل أبيب المارة عبر جنوب البحر الأحمر”.
حتى الآن أسقطت البحرية الأمريكية معظم الصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحوثيون، ولكن لن تستطيع البحرية حماية كل سفينة مارة بالمنطقة، أو كل سفينة مرتبطة بإسرائيل تمر بالمنطقة.
لماذا لا يرد الأمريكيون عليهم؟
في المقابل، فإن من الأمور اللافتة امتناع الأمريكيين عن استهداف الحوثيين رداً على هذه الهجمات، بينما ردوا على الهجمات التي نفذتها الميليشيات العراقية ضدهم بقصف أهداف لها.
يظهر ذلك حقيقة قلق الأمريكيين من الحوثيين وعلاقتهم الشائكة بهم، فرغم أن الولايات المتحدة زودت التحالف العربي بالذخائر والوقود طوال سنوات حرب اليمن، لكن الجيش الأمريكي لم يتورط إطلاقاً في الحرب ضد الحوثيين، بل على العكس إدارة الرئيس بايدن رفعتهم من قائمة المنظمات الإرهابية فور توليها السلطة، وبدت حريصة على تضخيم دورهم في اليمن.
ينبع ذلك من محاولة أمريكا النأي بنفسها عن التحالف العربي باليمن خاصة في ظل الانتقادات الموجهة للحرب هناك، ولكن أيضاً لأسباب أخرى.
إذ لا تريد واشنطن ضم الحوثيين لقائمة أعدائها، لأنها تعلم أهمية الموقع الجغرافي في اليمن، وفي الوقت ذاته صعوبة استهداف الحوثيين عسكرياً في معاقلهم الجبلية التي تقع في أكثر المناطق وعورة في واحدة من أكبر بلدان العالم جبلية، حيث نجا الحوثيون من حملة قصف إماراتية سعودية استمرت لسنوات بنفس أنواع الطائرات التي تمتلكها واشنطن، وبدعم وتوجيه منها.
فالطبيعة الجغرافية الوعرة لليمن، والتنظيم الديني الصارم والمعزول عن العالم للحوثيين، وتركيبة المجتمع اليمني المسلح، كل ذلك يجعل استهداف الحوثيين عملية صعبة والضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية عليهم بلا تأثير يذكر.
في المقابل، توفر هذه الهجمات البحرية شرعية للحوثيين الذين ينظر لهم في اليمن والعالم العربي كواحد من أكثر التنظيمات الشيعية طائفية وتبعية لإيران، ولكن مثل هذه المعارك تقوي موقفهم أمام أنصارهم ومنافسيهم الداخلين من القوى السنية في اليمن وحتى المملكة العربية السعودية، لأنها تظهرهم كتنظيم مقاوم كما كانوا يقولون دوماً، وبالتالي فمن يحاربهم يمكن اتهامه بأنه يدعم إسرائيل.
وتلقى الحوثيين إشادات شعبية من مناطق مختلفة بالعالم العربي لأول مرة في تاريخهم تقريباً، عندما استولوا على السفينة “Galaxy Leader” المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي.
ما هو تأثير هجمات الحوثيين البحرية على التجارة الدولية؟
ما زال يعتقد أن تأثيرات هجمات الحوثيين البحرية محدودة على التجارة العالمية، إذ يقول جون ستاوبرت من مركز أبحاث البحرية الأمريكية: “إن الاستيلاء على سفينة غالاكسي ليدر كانت له دوافع سياسية. وعلى هذا النحو فإن التهديد الذي يواجه الشحن التجاري ككل منخفض، ومن المرجح أن يظل هذا هو الحال بسبب الطبيعة المحددة للغاية لاستهداف هذه السفن”، حسب قوله.
واستناداً إلى الحالة الأخيرة لناقلة النفط Heroic Idun، المملوكة أيضاً لأبراهام أونغار والتي خطفت في غينيا الاستوائية ونيجيريا قبل أن تُطلق، قال المتخصصون إن مبلغاً يتراوح بين 1 إلى 1.5 مليون دولار (950 ألف يورو – 1.35 مليون يورو) قد يكون السعر المطلوب للعودة الآمنة للسفينة.
لكن افتراض أن الحوثيين سوف يكتفون بفدية لإطلاق هذه السفينة أو غيرها من السفن، قد لا يكون دقيقاً بالنظر إلى أن العملية لها أهداف سياسية بالأساس وليست مالية.
كما أن التوقعات ليست سوى لعبة حمقاء، حسب موقع دويتش فيله، نظراً لأن نحو ثلث إجمالي الشحن اليومي في العالم يمر بالركن الشمالي الشرقي لأفريقيا، حيث يضيق البحر إلى نقطة بين اليمن وجيبوتي في طريقه إلى قناة السويس والبحر الأحمر.
ويقول ناتاراجان إن خطر الهجوم من المرجح أن يتوقف على التطورات في غزة، إذ قد يؤدي تصعيد العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين إلى زيادة خطر الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية وربما تمتد إلى الأصول الأمريكية والغربية.
ويقول مانياتيس: “لا نتوقع أي انكماش في التجارة البحرية، بل نتوقع فقط زيادة الأمن، وبالتالي زيادة التكاليف”. “فمعظم السفن، في نهاية المطاف، ليس لها أي صلة بإسرائيل”.
وقد تشجع هجمات الحوثيين على عودة هجمات القراصنة الصوماليين مثلما حدث مؤخراً، وبين عامي 2009 و2011 عانت التجارة العالمية من هجمات واسعة النطاق من قبل القراصنة الصوماليين أدت إلى خطف عدد كبير من السفن (237 سفينة في 2011) منها سفن عملاقة، واحتجاز أعداد هائلة من البحارة.
لن تعني السيناريوهات السابقة أن تجارة الشحن العالمية ستصل إلى حالة من الشلل، ولكن قد نشهد زيادة ملحوظة في أسعار التأمين وبالتالي زيادة تكلفة الشحن.
يقول ناتاراجان: “بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ارتفعت تكلفة التأمين على السفينة في البحر الأسود وحمولتها إلى 10% من قيمتها الإجمالية”.
خبير يحذر من خطر كبير على اقتصاد إسرائيل بسبب هجمات الحوثيين
ولكن الأثر الأكبر قد يقع على الاقتصاد الإسرائيلي وليس على تجارة الشحن البحرية الدولية.
فهناك خبراء إسرائيليون قلقون بشكل كبير من سيناريو تصاعد الهجمات على السفن المرتبطة بالدولة العبرية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن،
فلقد انتقل مركز الثقل الاقتصادي بشكل واضح للغاية إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا، وبالتالي فإن تجارة إسرائيل مع تلك الدول آخذة في الازدياد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
وأوضح البروفيسور شاؤول تشوريف، الأميرال المتقاعد وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة حيفا الإسرائيلية، في مقابلة عام 2021 مع TheMarker، أن “جزءاً حاسماً من تجارة إسرائيل يمر عبر قناة السويس ومضيق باب المندب، فبالنسبة لإسرائيل، أصبح البحر الأحمر ذا أهمية متزايدة”.
البيانات تثبت ذلك. ففي عام 2006، وصلت حوالي 191 ألف حاوية بضائع إلى الشواطئ الإسرائيلية من شرق آسيا بينما جاءت 268 ألف حاوية من أوروبا الغربية. ولكن بحلول عام 2019، تم تفريغ ما يقرب من 278 ألف حاوية قادمة من آسيا في موانئ أشدود وحيفا، بينما انخفض العدد من أوروبا الغربية إلى حوالي 260 ألف حاوية.
وبعد الاستيلاء على السفينة حاملة السيارات، قال تشوريف إن “الوضع أصبح أسوأ لأن الحوثيين حذروا صراحة هذه المرة من أن جميع السفن المملوكة لإسرائيليين والسفن التي لها صلة بإسرائيل هي أهداف مشروعة”.
وقال: “اختلف مع المحللين الإسرائيليين الذين قللوا من أهمية الحادث. هناك من يدعي أن هذه مجرد قرصنة لا علاقة لها بإسرائيل. لكن هذه ليست قرصنة، بل هي جزء من الشبكة الإيرانية التي تعمل ضد إسرائيل”.
ولأن إسرائيل لا تعتمد على أي تجارة عن طريق البر، كما تفعل أوروبا على سبيل المثال، فإنها تعتمد بشكل كبير على موانئها البحرية. ويمر عبرهما أكثر من 98% من تجارة البضائع الإسرائيلية.
شيئان يقلقان تشوريف، الأول هو التهديد الذي يواجه الملاحة في البحر الأحمر؛ على سبيل المثال، ماذا سيحدث إذا بدأ الحوثيون في مهاجمة ليس فقط السفن المملوكة للإسرائيليين ولكن أيضاً تلك التي تتجه من وإلى إسرائيل.
ويقول: “إن العالم البحري حساس والبيئة الأمنية غير المستقرة لها تأثير فوري. خلال الأيام الأولى من الحرب على غزة، كانت هناك سفن أعلنت أنها لن ترسو في ميناء عسقلان النفطي”، التي تقع شمال قطاع غزة وتعرضت لقصف كبير من المقاومة الفلسطينية.
“في بداية الحرب، كان هناك انخفاض بنسبة 40% في حركة المرور في أشدود (القريبة من غزة أيضاً)، في ظل المخاوف من عدم قدرة القبة الحديدية الإسرائيلية على حماية هذا الميناء”، وقال تشوريف: “إذا تطورت جبهة ثانية في الشمال وتعرض ميناء حيفا للخطر، فإن المشكلة ستكون أكثر خطورة”.
وهناك بعد مالي كبير لهذا الأمر، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع أقساط التأمين على السفن التي تحمل البضائع إلى إسرائيل. وتضررت أسهم شركة الشحن الإسرائيلية “زيم” من ذلك منذ اندلاع الحرب، ويتم تداولها اليوم بسعر منخفض مقارنة بنظيراتها العالمية، على الرغم من أن حصة صغيرة فقط من أسطولها تمر عبر قناة السويس.
وقد تتحول إلى أداة ضغط
وقال تقرير بحثي لعام 2021 أعده آري هيستين وإليشا ستوين، الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إنه”في السنوات الأخيرة، أصبح هناك مصدر قلق دولياً أن الحوثيين لديهم القدرة على تنفيذ حملة كبيرة ضد حركة المرور البحرية في المنطقة لتعطيل تدفق البضائع عبر قناة السويس. وقطع إمدادات النفط العالمية، ورفع أقساط التأمين البحري”.
يمكن لجماعة الحوثي أن تفعل ذلك الآن وسوف يكون مبررها بأن هذا رد على الحرب الإسرائيلية على غزة، ويمكنها أن تسعى إلى جعل التجارة البحرية الإقليمية رهينة لديها لكي يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل بشأن قضايا سياسية محددة”، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
لكن الباحثين قالا في نفس الورقة إن خطر مثل هذا التهديد لا يزال منخفضاً لأن “تعزيز حرية الملاحة حول نقطة الاختناق البحرية الحرجة في جنوب البحر الأحمر هذه أصبح هدفاً رئيسياً لعدد متزايد من فرق العمل البحرية العاملة هناك”.
وتوجد في المنطقة، القوة المعروفة باسم “القوات البحرية المشتركة”، وتضم 38 دولة تعمل بناء على طلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع القرصنة وحراسة الممرات البحرية. لكن تشوريف ليس واثقاً من أن فرقة العمل البحرية هذه سوف تحل المشكلة.
وأضاف: “سوف يتعاملون مع أشياء مثل القرصنة، لكنهم سيخشون التدخل في حالات مثل هجوم الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل”.
ويقول: “لهذا السبب تحتاج إسرائيل إلى التعاون بشكل مباشر وبشكل أوثق مع الأطراف المعنية، وخاصة الأسطول الأمريكي الخامس”.
ولكن الأمريكيين رغم تصديهم لهجمات الحوثيين يبدو أنه ليس لديهم نية للدخول في حرب معهم، وهذا بدا واضحاً في أنهم لم يردوا على قيام الحوثيين بالاستيلاء على السفينة “Galaxy Leader” المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي.
في المقابل، يبدو أن هجمات الحوثيين ما زالت ضعيفة ومحدودة وهم يسيرون على النهج الإيراني الذي يجعل الهجمات رسائل أكثر منها ذات تأثير كبير أو مدمر.
ولكن بالتأكيد فإن الخطر الذي يهدد الملاحة في البحر الأحمر واحتمالات تضرر الاقتصاد الإسرائيلي سوف تكون عاملاً ستضعه إدارة بايدن في الاعتبار وهي تقيم مدى استمرار أو عدم استمرار دعمها للعدوان الإسرائيلي على غزة.