كريتر نت – متابعات
خلافا للمحكمة الجنائية الدولية، فإن اتخاذ محكمة العدل الدولية إجراء مستندا إلى الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية سيكون له تأثير فوري، ويجبر إسرائيل على وقف هجومها الوحشي على المدنيين في غزة.
بهذه المقدمة قالت جويدة سياسي -وهي محامية مختصة في النزاعات عبر الحدود والتحقيقات الجنائية الدولية- إن الصراعات المسلحة هي صراعات سيئة وقاسية، وغالبا ما تكون طويلة ومستعصية على الحل. وينطبق هذا بشكل خاص عندما يكون أحد الطرفين أقوى بكثير من الآخر، مما يتيح القمع الوحشي أو الخضوع العبودي أو الطرد أو الإبادة للطرف الأضعف.
ولفتت جويدة في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني إلى ما حدث مع قبيلة التوتسي في رواندا أو مسلمي البوسنة في سربرنيتسا أو أقلية الروهينغا العرقية في ميانمار، أو الفلسطينيين في غزة هذه الأيام.
وقالت إن حكومة إسرائيل تسعى إلى محو الشعب الفلسطيني بهذه القوة التدميرية الهائلة التي استهدفت بلا رحمة المدنيين الفارين في غزة والبنية التحتية المدنية على نطاق لم يسبق له مثيل من قبل.
وأشارت إلى أن عدد الشهداء تجاوز 15000 شخص، مؤكدة أن من بينهم 6000 طفل، ودفن عدد لا يحصى من الأشخاص تحت أنقاض المباني المهدمة، خلال 7 أسابيع فقط من الصراع.
وترى جويدة أنه بغض النظر عن مبرراتها للشروع في الهجوم بلا هوادة على غزة، هناك أدلة متزايدة على أن تصرفات إسرائيل في القطاع “تشكل حجة مقنعة” بأن المادتين الثانية والثالثة من “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” لعام 1948 قد انتهكت.
إجراءات تحفظية
وبينما يمكن متابعة المسؤولية الجنائية الفردية للمسؤولين شخصيا في أماكن أخرى، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، هناك توقعات كبيرة يثيرها احتمال قيام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة العالمية، بتحميل دولة إسرائيل المسؤولية عن خرق التزاماتها التعاهدية الناشئة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية
واعتبرت المحامية مسألة أي طعن يقدم النتيجة الأجدى في محاسبة المسؤولين عن الإبادة الجماعية المرتكبة ضد الفلسطينيين مسألة مهمة. وأوضحت أن لدى دول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية مصلحة مشتركة في التماس المساءلة القانونية على مستوى الدولة.
وأي دولة طرف في الاتفاقية، تتصرف فقط بدافع المصلحة العامة الدولية لدعم ركيزة من ركائز النظام الدولي القائم على قواعد ما بعد الحرب العالمية الثانية، يجوز لها الاحتجاج بها برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية بزعم ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة جماعية.
وبعد ذلك، يمكنها أن تطلب اتخاذ إجراءات تحفظية، تطالب إسرائيل بوقف أعمال الإبادة الجماعية والكف عنها، لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية وحفظ الأدلة على ذلك.
وبموجب الاتفاقية، يتطلب الهيكل الأساسي لجريمة الإبادة الجماعية النظر في ما إذا كانت هناك مجموعة محمية، وما إذا كانت الأفعال الواردة في واحدة أو أكثر من الفئات المحددة في المادة الثانية من الاتفاقية قد ارتكبت، وما إذا كانت الأفعال قد ارتكبت مع نية الإبادة الجماعية. ويمكن الاستدلال على نية الإبادة الجماعية، “في غياب أدلة صريحة مباشرة”، من الأدلة الظرفية.
مجموعة قومية
وتابعت المحامية أن الشعب الفلسطيني، في مفهوم الإبادة الجماعية، يشكل مجموعة قومية، ويشكل الفلسطينيون في غزة جزءا كبيرا من السكان الفلسطينيين. وتسرد المادة الثانية من الاتفاقية -كما أعيد طبعها في المادة 6 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية- 5 أعمال إبادة جماعية أساسية.
وبحسب راز سيغال -أستاذ دراسات المحرقة والإبادة الجماعية- فإن إسرائيل ترتكب حاليا 3 من هذه الأعمال في غزة: “الأولى: قتل أفراد المجموعة، الثانية: إلحاق ضرر جسدي أو نفسي خطير بأفراد المجموعة، الثالثة: إخضاع المجموعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا”.
وترى جويدة أن تفعيل المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، مع احتدام الصراع في غزة، سيكون خطوة معقولة للعديد من الدول الأطراف فيها، بما في ذلك البرازيل وبوليفيا وجنوب أفريقيا وغيرها، للعمل معا ورفع قضية ضد إسرائيل.
وقالت إن هذا ينبع من فكرة أن الإبادة الجماعية هي مسألة تهم المجتمع الدولي ككل وهي قاعدة قطعية (أي الصفة القانونية لبعض الجرائم الدولية). وعند الشروع في إجراءات محكمة العدل الدولية، يجب على مقدم الطلب اتخاذ خطوات لإرساء ركيزة واقعية متينة لتكون القاعدة لوجود “نزاع” مع دولة إسرائيل عندما تنشأ مسألة الاختصاص القضائي.
ومن شأن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أن يوفر أيضا منتدى يمكن من خلاله استدعاء إسرائيل للرد على تهم الإبادة الجماعية في إطار قضائي رسمي وتخاصمي.
وختمت المحامية بأنه من المرجح أن تقرر إسرائيل عدم المثول أمام المحكمة، لكن الإجراءات ستقدم وصفا واقعيا قيما للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة تجاه الفلسطينيين.
المصدر : ميدل إيست آي