كتب : باسم فضل الشعبي
أي قيادة جديدة للبلد تنبع من وسط الناس أو تأتي عبر مسار التسوية الشاملة، عليها أن تضع في نصب أعينها أمرين مهمين، هما تصحيح مسار الإدارة ومسار السياسة اللذين سار عليهما البلد منذ عقود، لاسيما منذ 2012 مروراً 2015 وحتى اليوم.
في الادارة لا شيء ثابت كما هو في السياسة، فالدول والأمم حينما تصل إلى طريق مسدود وتداهمها مخاطر الفشل والتفتت والتمزق تهرع إلى التصحيح والتغيير من منطلق وطني، ومن الغباء أن تستمر بنفس الوضع والأداء في نوع من الغرور والمكابرة أو الاستسلام للخارج الذي لا يرى وسط هذا الحطام والفوضى إلا مصالحه على حساب مصالح الأوطان والشعوب.
الإدارة فاشلة بامتياز، وهي التي أنتجت كل هذا الخراب والركام والفقر والجوع، وتنامت في ظلها المخاوف من المستقبل المجهول، لأن فشل الإدارة يعني فشل التنمية والاقتصاد، وتوقف مستوى النمو، واتساع رقعة الفقر والبطالة والإرهاب، وضعف أجهزة الدولة الرقابية، وبروز جماعات النفوذ والمصالح السياسية والأسرية والقبلية المستفيدة من نهب المال العام ومن مقدرات الدولة، وفي هذه الحالة يبدأ الصراع وتندلع الحروب التي تقود البلد إلى الانقسام والتفتت والتمزق الذي سيغرق الجميع في ضياع وفوضى لا نهاية لهما.
بدون إدارة وطنية كفؤة ومؤهلة لن يستطيع البلد تجاوز عقبة المخاطر وشبح التفكك الذي يراد لنا أن نقع فيه بفعل فاعل خارجي وداخلي، لم يحسب حساب أن هذا التفكك والتشرذم الذي تم هندسته منذ سنوات، سوف يكون وبالاً على الجميع، ولن ينجو منه أحد، بمن فيهم أصحاب الحصون والبروج المشيدة.
في السياسة البلد بحاجة إلى تغيير سياساته في التعامل مع الخارج وفق المصالح الوطنية للبلد والشعب، وليس وفق المصالح الذاتية للنخب السياسية والحاكمة. سياسة الانبطاح أغرقت البلد في الحروب والصراعات والأزمات، وعطلت مقدرات البلد وإمكاناته الاقتصادية الهائلة، التي لو تمسكنها بها واعتمدنا عليها، لما لحق بالنخب كل هذا الذل والهوان، والذي لم تشهد اليمن له مثيلاً في التاريخ منذ غابر القرون.
ما الفائدة إذن من تسوية سياسية شاملة سوف تنتج نفس الوجوه والنخب والأدوات التي هي السبب فيما يعانيه البلد والشعب جنوبا وشمالا؟! ما هو الجديد الذي يبعث على الأمل في التصحيح والإصلاح والبناء إن كنا نواصل عملية الانبطاح، وغير قادرين على تغيير التوجهات السياسية الخارجية السلبية في التعامل مع البلد بكل ما فيه؟!
إلى الذين يستلمون مرتباتهم وامتيازاتهم المالية من الخارج، وفوقها يستلمون المشاريع والتوجيهات، نقول لهم إن حركة التصحيح في الدولة والمجتمع لا تأتي من الخارج، لأن من يخرب ويفسد لا يمكن أن يصلح، ومن يهدم لا يمكن أن يبني، ومن يصنع ويزرع الباطل لا يمكن أن يكون مع الحق.. لذا إذا لم تكن حركة التصحيح لمسار الإدارة والسياسة نابعة من الداخل ومن حاجة البلد والشعب، فلا يمكن أن تنجح أو يكون لها تأثير بين الناس، كما أن البناء للمؤسسات والوطن المحطم إن لم يكن حاجة وطنية وإنسانية قبل كل شيء فلن يكون هذا البناء مثمراً وإيجابياً، ولن تستطع الأجيال القادمة الاستفادة منه كما ينبغي.
إدارة الأوطان والشعوب بالأزمات كمثل الذي يلعب مع السلاح أو يراقص الثعبان، فإما أن يُقتل بسلاحه أو يلدغه الثعبان، لأن التاريخ يكشف لنا أن الشعوب والأوطان لا تستسلم مهما حدث لها من مكر وكيد ومؤامرات، وهي على مر التاريخ وتقلباته بين الخير والشر تبقى حية تقاوم بكل الوسائل، فلا تستهينوا بالأوطان والشعوب، ولا تمعنوا أكثر في التدمير والخراب، فالعودة إلى جادة الصوب وإلى الحق فعل حميد يباركه الله من فوق سبع سماوات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.