كريتر نت – متابعات
أعلنت مصادر أمنية وقضائية اعتقال المشتبه بارتكاب هجوم بسكين ومطرقة أدى إلى مقتل ألماني وإصابة شخصين آخرين مساء السبت قرب برج إيفل بباريس، وهو فرنسي من أصول إيرانية معروف بتطرفه وبأنه يعاني اضطرابات نفسية، بينما أحيا الهجوم مخاوف قائمة اصلا من موجة هجمات على خلفية الدعم الفرنسي لإسرائيل في حربها على غزة.
وفي الفترة الأخيرة لم تخف مصادر أمنية وسياسية أوروبية توجسها من احتمال أن يكون للحرب الإسرائيلية على غزة ارتدادات أمنية خطيرة في دول الاتحاد الأوروبي الذي أبدى تاييده لما يسميه “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس” في ردها على هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي، بينما تشهد عواصم أوروبية مسيرات حاشدة رافضة لهذا الدعم وللحرب الإسرائيلية على غزة التي تخططت كل الحدود.
وهزت صور مئات القتلى من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء، شوارع عواصم غربية اتهمت إسرائيل بارتكاب ابادة جماعية واتهمت الدول المؤيدة لها بأنها شريكة في تلك الجرائم.
وقالت السلطات الفرنسية الأحد إنها فتحت تحقيقا بتهم اغتيال ومحاولة اغتيال على صلة بمشروع إرهابي وارتباط بجماعة إرهابية إجرامية، يبدو على علاقة بحرب غزة، بالتزامن مع تزايد التهديدات بوقوع هجمات ينفذها إسلاميون أصبحوا متشددين بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث رجح مسؤولو أمن أوروبيون أن تمثل “الذئاب المنفردة” الذين يصعب رصدهم الخطر الأكبر.
وصرح قبل حوالي أسبوع أكثر من عشرة مسؤولين في المخابرات والشرطة في خمس دول أوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا لرويترز إنهم يعززون مراقبة المتشددين الإسلاميين.
وطعن المهاجم ويدعى أرمان راجابور مياندواب وهو فرنسي وُلد عام 1997 لأبوَين إيرانيَين، حتى الموت رجلا ألمانيا من مواليد عام 1999 وأصاب اثنين آخرين بمطرقة على بُعد بضع مئات الأمتار من برج إيفل.
وذكر مكتب المدعي العام في العاصمة الفرنسية أن المشتبه به اعتُقل ووُضع رهن التحقيق في القضيّة وهو معروف بإسلامه المتطرف ومعاناته اضطرابات نفسية، وقد صاح “الله أكبر” في وقت حصول الوقائع، وفقا لمصدر في الشرطة.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان خلال مؤتمر صحافي في موقع الهجوم، إن المشتبه به كان قد حُكم عليه بالسجن أربع سنوات عام 2016 لرغبته في تنفيذ هجوم آخر. وأضاف أن المديرية العامة للأمن الداخلي كانت قد اعتقلته في ذلك الوقت قبل أن يُقدم على تنفيذ ذلك الهجوم.
وذكر وزير الداخلية أن المهاجم قال لعناصر الشرطة الذين اعتقلوه إنه “لم يعد يمكنه تحمل موت المسلمين في أفغانستان وفلسطين”، وإن فرنسا “متواطئة في ما تفعله إسرائيل” في غزة.
وذكر دارمانان أن القتيل سائح ألماني، مضيفا أن المصابَين هما فرنسي في الستين من عمره وسائح أجنبي لم تُحدّد جنسيّته وقد أصيب بمطرقة.
وأفاد مصدر أمني لفرانس برس إن المحققين سيبحثون في السجل الطبي لمنفّذ الهجوم. وكان أرمان راجابور مياندواب يعيش مع والديه في منطقة إيسون وفقا لوزير الداخلية، وقد نشر شريط فيديو على الشبكات الاجتماعية أعلن فيه مسؤوليته عن هجومه، حسبما أكدت مصادر شرطية وأمنية. وفي الفيديو يتحدث المهاجم عن “الأحداث الجارية، وعن الحكومة ومقتل مسلمين أبرياء”، حسب مصدر أمني.
وفي هذه المرحلة، لا يعرف المحققون متى تم تصوير الفيديو، لكنه نُشر على الإنترنت “بالتزامن مع” الانتقال إلى تنفيذ الهجوم وفقا للمصدر.
وقال وزير الداخلية “وقع الهجوم بعيد الساعة 21,00 بين منطقتَي كيه دي غرينيل وبير حكيم، وتعرض المهاجم لاثنين من السياح”.
وأضاف “توفي الرجُل متأثرا بطعنات” السكين فيما هاجم المنفّذ “زوجة هذا السائح الألماني” لكنها نجت “بفضل سائق سيارة أجرة رأى ما حدث”.
ثمّ عبَرَ المعتدي الجسر بينما كانت الشرطة تطارده واعتدى على شخصين آخرين حياتهما ليست في خطر، أصيب الأول بضربة مطرقة في عينه بينما يعاني الآخَر “صدمة” وفقا لدارمانان.
من جهتها قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن الأحد بعد الهجوم “لن نستسلم في وجه الإرهاب”. وكتبت على منصة إكس (تويتر سابقا) “أفكاري مع الضحية والمصابَين وأحبائهم. أحيي شجاعة قواتنا الأمنية وعناصر الطوارئ ومهنيّتهم”.
لاحقا وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “تعازيه” إلى أقارب الألماني الذي قُتل في الهجوم. وكتب على إكس “تعازيّ لعائلة وأقارب المواطن الألماني الذي توفي هذا المساء خلال الهجوم الإرهابي الذي وقع في باريس”، معبّرا عن تعاطفه مع المصابين.
وقال شاهد العيان جوزف إس. (37 عاما) إنه سمع صراخا ورأى أشخاصا يصرخون “النجدة” ويركضون يمينا ويسارا. وذكر أن رجلا “يحمل مطرقة” هاجم رجلا آخَر وأسقطه أرضا، مضيفا أن الشرطة وصلت خلال “ما بين خمس إلى عشر دقائق”.
وكتب وزير النقل الفرنسي كليمان بون على إكس “باريس في حداد بعد هذا الهجوم المروع”، مضيفا “أفكاري وتضامني مع عائلات الضحايا وأقاربهم. شكرا لقواتنا الأمنية وعناصر الطوارئ على تدخلهم السريع والحاسم”.
يأتي ذلك بعد أقل من شهرين على هجوم وقع في أراس شمالي فرنسا وأودى بحياة مُدرّس في منتصف تشرين الأول/أكتوبر.
ووُضعت فرنسا في حال تأهّب لـ”هجوم طارئ” وقررت الحكومة نشر 7 آلاف جندي في الداخل بعد هجوم أراس وفي مواجهة خطر انتقال أصداء الحرب بين إسرائيل وحماس إلى أراضيها.
ويذكّر هجوم السبت بهجمات سابقة في العاصمة الفرنسية. ففي أيار/مايو 2018، قتل رجل فرنسي من أصل روسي وُلد في الشيشان أحد المارة بسكين وأصاب أربعة قبل أن تقتله الشرطة. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم.
وفي شباط/فبراير 2017 هاجم رجل مصري جنودا قرب متحف اللوفر في باريس وهو يصيح “الله أكبر”. وحكم عليه في حزيران/يونيو 2021 في باريس بالسجن 30 عاما.