كريتر نت – متابعات
جمع معلومات عن مسارات وهوية السفن المارة بالبحر الأحمر يتطلب قدرات استخباراتية لا يمتلكها الحوثي، فكيف إذن تصطاد المليشيات أهدافها؟
سؤال يطرح نفسه في ظل هجمات تشنها المليشيات الانقلابية على سفن بالبحر الأحمر، ما يفاقم المخاوف بشأن سلامة طرق الملاحة البحرية بالمنطقة.
واليوم الأربعاء، قالت وكالة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة تجارية تعرضت لحادث يتعلق بطائرة بدون طيار غرب ميناء الحديدة غربي اليمن.
والأحد الماضي، نفذت مليشيات الحوثي 4 هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد 3 سفن في البحر الأحمر وهي “نمبر 9″، “أم في سوفي”، “يونيتي إكسبلور”، وهذه الأخيرة مملوكة للمملكة المتحدة وتتبع شركة إسرائيلية.
وتشكل هجمات الحوثي واحدة من عدة تهديدات وهجمات شنها الحوثيون ضد سفن الشحن المدنية في باب المندب، أحد أكثر المضايق اكتظاظا بالسفن والذي يمر عبره أكثر من 4 ملايين برميل من النفط يومياً.
ويرى خبراء أمنيون يمنيون، في أحاديث منفصلة لـ”العين الإخبارية”، أن المليشيات لا تزال تفتقر للإمكانيات التقنية والمعلومات الاستخباراتية التي تمكنها من معرفة مسارات وهوية السفن التي تمر عبر الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي.
5 طرق
ثمة 5 طرق أجمع عليها الخبراء والمسؤولون في إمكانية حصول الحوثيين على المعلومات الاستخباراتية بشأن السفن المارة بخطوط الملاحة لا سيما في البحر الأحمر.
أول هذه الطرق تتمثل بتلقي الحوثيين معلومات مباشرة من الحرس الثوري الإيراني عن كل سفينة وذلك قبل نحو 17 يوما تقريبا من وصولها للبحر الأحمر أو قبالة سواحل حجة والحديدة التي يسيطر عليها الانقلابيون، وخاصة المبحرة منها عبر مضيق هرمز أو المحيط الهندي باتجاه بحر العرب وباب المندب.
الطريقة الثانية، تتلخص بتلقي غرفة عمليات الحوثي في محافظة الحديدة (غرب) معلومات استخباراتية من السفينة الإيرانية “بهشاد” الراسية بالقرب من جزر دهلك، ويشمل ذلك هوية ونوع واسم وحمولة كل سفينة تمر في البحر الأحمر وباب المندب.
أما الطريقة الثالثة والرابعة، فتستغل من خلالها مليشيات الحوثي سيطرتها على مؤسسات الدولة في استلام، عبر الفاكس، برنامج يومي موضح عليه جدول حركة السفن وبياناتها من إدارة الشركات والخطوط الملاحية، كما تملك المليشيات وسائل استطلاع رادارية وبصرية بحرية على مسافات طويلة لمراقبة السفن.
والطريقة الخامسة تتمثل بالاستخدام العسكري للرادار ضد سفن مدنية راسية، حيث تشير المعلومات إلى أن الحوثيين يرغمون متعهدي النقل البحري التجاري في المراسي بموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى على السماح لهم باستخدام الرادارات البحرية على متن السفن لمراقبة البحر الأحمر وإصدار بيانات مستهدفة.
وقال مسؤول رفيع في خفر السواحل اليمنية لـ”العين الإخبارية”، إن هجمات الحوثي ضد السفن كشفت عن “تلقي المليشيات معلومات استخباراتية دقيقة تفوق قدراتها بكثير وتشير إلى وقوف دولة إقليمية نافذة خلف تزويدها بذلك”.
وبحسب المسؤول اليمني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن ” إمكانيات مليشيات الحوثي من تقنيات ورادارات لا تمكنها من رصد معلومات السفن بما فيها المبحرة بالبحر الأحمر”.
وأكد أن “ما نعرفه أن دولا إقليمية نافذة قدمت لمليشيات الحوثي هذه المعلومات الاستخباراتية وأهمها إيران، والأرجح أن ذلك يتم عبر السفينة الإيرانية بهشاد (MV BEHSHAD) المتواجدة بالقرب من جزر دهلك قبالة ميدي” تقريبا.
وحول إمكانية تفريخ مليشيات الحوثي كيانات مسلحة لقرصنة السفن ومضايقتها، أكد المسؤول اليمني أن قوات خفر السواحل المعترف بها دوليا “موجودة وتراقب أي تحرك من السواحل الذي تحت سيطرة الانقلابيين”، مشيرا إلى أن المليشيات ستستعمل زوارق مفخخة أو طائرات مسيرة وصواريخ كالمعتاد في مهاجمة السفن.
اتهامات لإيران
وفي وقت سابق قالت واشنطن إن هجمات الحوثي نفذت “بتمكين كامل من قبل إيران”، وهو ما أكدته الحكومة البريطانية في وقت لاحق.
ووفقا للخبير في الشؤون العسكرية والأمنية اليمنية، محسن ناجي، فإن “مليشيات الحوثي لا تستطيع أن تقدم على أي عملية قرصنة مثل قرصنة “جلاكسي ليدر”، إلا بعد حصولها على معلومات وافية من الجانب الإيراني”.
وقال ناجي لـ”العين الإخبارية”، إن “طهران تزود المليشيات بكافة التفاصيل المتعلقة بجدول الرحلات البحرية للسفن التجارية المتجهة من البحر العربي والبحر الأحمر نحو البحر الأبيض المتوسط وكذلك السفن التجارية القادمة من البحر المتوسط عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر والبحر العربي”.
وأضاف أن “إمكانيات مليشيات الحوثي التقنية والمعلوماتية تكاد تكون معدومة ولا يتوفر لدى تلك المليشيات المعلومات الاستخبارية الكافية التي تمكنها من معرفة مسارات وهوية السفن التي تمر عبر الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي”.
وأوضح أنه “من دون الدعم اللوجستي والمعلوماتي والتقني الذي تقدمه إيران للحوثيين لا يمكن لهذا المليشيات أن تقدم على أي عملية قرصنة بحرية معقدة”.
وبشأن استغلال المليشيات للرادارات التي على متن السفن المدنية الراسية في ميناء الحديدة، قال الخبير اليمني إن تلك “الرادارات لا تستطيع رصد حركة كافة السفن التي تمر عبر الممر الملاحي الدولي، سواء كان في البحر الأحمر أو البحر العربي، فضلا عن عدم قدرتها على تحديد هوية وجنسيات السفن التجارية”.
قدرات غير متطورة
وعن وسائل الاستطلاع الراداري والبصري الذي يملكها الحوثيون لتحديد هوية أي سفينة، قال ناجي إنها “ليست بالمستوى المتطور الذي يمكنهم من رصد حركات السفن التجارية في الممرات الملاحية الدولية وتحديد هويتها وجنسياتها، ما لم تحصل على كافة المعلومات الدقيقة من الجانب الإيراني الذي يزود مليشيات الحوثي بكافة المعلومات التفصيلية”.
وأشار إلى أن “عمليات الحوثي البحرية تجري بتمكين كامل من إيران بالفعل والتي تقدم المعلومات الاستخباراتية وتعطي الضوء الأخضر للمليشيات والتي تستهدف تعطيل حركة التجارة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي”.
ولفت الخبير العسكري إلى أن السفن العسكرية الإيرانية الجوالة في البحار ابتداء من مضيق هرمز وخليج عمان وفي البحر العربي وحتى البحر الأحمر، توفر رصدا دقيقا لحركة الملاحة الدولية جنبا إلى جنب مع جمع المعلومات الاستخباراتية عبر الأقمار الصناعية وعبر أجهزتها الرادارية”.
كما أن “شركة الملاحة الدولية تصدر نشرة دورية عن حركة الملاحة الدولية في كافة أنحاء العالم، وهذه النشرة توزع على كل دول العالم ومنها إيران التي تستفيد منها إضافة لما تجمعه من معلومات استخباراتية تعينها على معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بحركة السفن التجارية “، طبقا للخبير.
وأكد أن “الحوثيين بمفردهم لا يستطيعون تنفيذ أي عملية قرصنة بحرية ما لم تدعمهم إيران بكافة المعلومات الكافية والوافية عن السفينة التجارية المستهدفة”.
وبالفترة الفاصلة بين عامي 2016 و2023، وقف الحوثيون خلف أكثر من 37 هجوما مباشرا ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وبحر العرب باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والقرصنة المسلحة خلافا عن إطلاقهم عشرات الزوارق المفخخة.