كريتر نت – متابعات
أجهض الفيتو الأمريكي محاولة مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار بوقف إطلاق النار في القطاع المنكوب والمحاصر من قبل قوات الاحتلال، لوقف المجازر والإبادة الجماعية التي تلاحق الفلسطينيين، الذين تكدسوا في جنوب القطاع هرباً من القصف الإسرائيلي العنيف، المستمر منذ أكثر من شهرين، ممّا أثار موجة انتقادات دولية وعربية واسعة.
فلسطينياً، قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور: إنّه “يوم حزين”، وإنّه يعتقد أنّه في يوم من الأيام “أولئك الذين لا يستطيعون رؤية الواقع سوف يتفاعلون في نهاية المطاف مع الضغوط الهائلة التي تمارسها الإنسانية، من ركن من أركان العالم إلى ركن آخر من العالم، حيث يطالب مليارات الأشخاص بوقف إطلاق النار”.
وتابع أمام مجلس الأمن: “نحن منزعجون مثل شعبنا الغاضب والمستاء من نظام الأمم المتحدة، ومن مجلس الأمن، ومن الجمعية العامة، وهم محقون في الانزعاج والغضب والإحباط لأنّهم يرون آلة الحرب الإسرائيلية الضخمة هذه تقتلهم بالآلاف، ومع ذلك أصيب مجلس الأمن بالشلل”، وفق ما نقلت وكالة (وفا) الرسمية.
كما أدان رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية الفيتو الأمريكي، وقال، في بيان أوردته وكالة (معاً): إنّ “فشل مجلس الأمن في وقف العدوان وصمة عار ورخصة جديدة لاستمرار القتل والدمار والتهجير، واستخدام حق النقض يفضح نفاق الادعاء بالاهتمام بحياة المدنيين”.
وشكر الدول التي صوتت لصالح القرار، وحثها على “مواصلة جهودها في مجال المساعدات الإنسانية ومحاولات وقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة”.
وكذلك أدانت حماس الفيتو الأمريكي، ووصفت موقف واشنطن بأنّه “غير أخلاقي وغير إنساني”.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق في بيان نقلته قناة (الأقصى): إنّ “عرقلة أمريكا لإصدار قرار وقف إطلاق النار هو مشاركة مباشرة مع الاحتلال (الإسرائيلي) في قتل شعبنا”.
وعلى الصعيد العربي، عبّر أعضاء اللجنة الوزارية العربية في بيان اليوم عن “امتعاضهم” من استخدام الفيتو الأمريكي، مشددين على موقفهم الرافض لكافة عمليات التهجير القسري، ومؤكدين التصدي لها على كافة المستويات، وفق (العربية).
من جهته، قال المتحدث باسم جامعة الدول العربية جمال رشدي: إنّ الجامعة ستواصل مساعديها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف رشدي في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي أنّه “لا مجال لفتح الممرات الإنسانية أو المعابر، كل هذه جهود مقدرة ومفهومة من الناحية الإنسانية، لكنّها لن تسهم في تغيير الوضع بشكل جذري، بدون هدنة”.
وفي السياق نفسه، انتقدت منظمة أطباء بلا حدود استخدام الولايات المتحدة لحق النقض، ووصفته بأنّه “تصويت ضد الإنسانية”، ويجعل أمريكا “متواطئة في المذبحة” الجارية في القطاع.
وذكرت في بيان أنّ الفيتو الأمريكي يتعارض مع القيم التي تقول الولايات المتحدة إنّها تتبناها، ويبعث رسالة فحواها أنّ القانون الدولي الإنساني يمكن تطبيقه بشكل انتقائي، وأنّ حياة بعض الأشخاص أقلّ أهمية من حياة آخرين.
وفي الإطار، اعتبر مدير (هيومن رايتس ووتش) لويس شاربونو أنّ الموقف الأمريكي أشبه بمشاركة في جرائم الحرب.
وقال في بيان نشرته المنظمة عبر موقعها الإلكتروني: إنّ واشنطن تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية عبر استمرارها في تزويد إسرائيل بالأسلحة وإعطائها الغطاء الدبلوماسي أثناء ارتكابها الفظائع، بما في ذلك العقاب الجماعي المطبق على المدنيين الفلسطينيين في غزة.
إلى ذلك، انتقدت منظمة العفو الدولية أيضاً الفيتو الأمريكي، ووصفته بأنّه يعكس “عدم اكتراث بمعاناة المدنيين والدمار واسع النطاق والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة”.
وأضافت المنظمة بموقعها الإلكتروني: “لا مبرر للاستمرار في إعاقة اتخاذ مجلس الأمن قرارات هدفها إنهاء سفك دماء المدنيين”.
بدوره، انتقد الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة (أوكسفام أمريكا) آبي ماكسمان، القرار أيضاً، قائلاً، في بيان نقلته (سي إن إن) إنّ حق النقض “يضع مسماراً آخر في نعش مصداقية الولايات المتحدة في مسائل حقوق الإنسان”.
وأضاف: “اليوم، أتيحت لإدارة بايدن فرصة أخرى للارتقاء إلى مستوى خطابها النبيل الداعم لحقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد، إنّ العالم مستعد لإنهاء المذبحة المروعة في غزة والتركيز على إطلاق سراح الرهائن ومساعدة الفلسطينيين”.
هذا، ودعت نسخة مسودة مشروع القرار، التي قدمتها الإمارات، إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”، وكذلك “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن” و”ضمان وصول المساعدات الإنسانية”.
وانضمت ما لا يقلّ عن (97) دولة أخرى إلى هذا الجهد، وشاركت في رعاية مشروع القرار الذي صاغته الإمارات.
ومنذ انهيار الهدنة قبل أكثر من أسبوع بين إسرائيل وحماس، أطلقت القوات الإسرائيلية عملية توغل بري في جنوب القطاع المكتظ بالسكان، ونفذت غارات جوية وحملات قصف عنيف على مدينة غزة، فضلاً عن خان يونس حيث تعتقد أنّ عناصر الحركة يختبئون.
وارتفع عدد القتلى جراء القصف الإسرائيلي إلى (17490)، بينهم (7870) طفلاً و(6121) امرأة، وفق آخر إحصاء صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس الجمعة.