طارق العليان
عندما تعرضت السفينة “يو إس إس كارني” وغيرها من السفن المدنية مؤخراً لهجمات في البحر الأحمر، ورد أن كارني فتحت النيران لحماية نفسها. وبعد فترة وجيزة، أصدر الحوثيون اليمنيون بياناً زعموا فيه شن هجمات بمسيرات وصواريخ على سفينتين إسرائيليتين، هما “يونيتي إكسبلورر” و”نامبر 9″. وكانت السفينتان في مهمتين سلميتين، إحداهما إلى سنغافورة والثانية إلى مصر.
ويأتي هذا العدوان عقب سلسلة من الهجمات غير المبررة من جماعات مدعومة من إيران على السفن المدنية، بما في ذلك استيلاء الحوثيين على سفينة الشحن “غالاكسي ليدر” في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي الوقت عينه، أدى 78 هجوماً على عسكريين أمريكيين منتشرين في العراق وسوريا منذ أكتوبر (تشرين الأول) إلى وقوع إصابات عديدة. وإذا استمرت الأوضاع على حالها، فسيتعرض جنود أمريكيون للقتل. ويشكل هذا الخطر، فضلاً عن هجمات حزب الله على شمال إسرائيل، تطورات جسيمة. وإذا استمرت هذه التوترات، فمن المؤكد أن حرباً إقليمية أخرى ستندلع في الشرق الأوسط، حسب ما أفاد د. ديفيد ميرفي زميل هيئة التدريس في معهد سينتينيال وعميد العلوم السلوكية والاجتماعية في كلية الدراسات العليا للبالغين، بجامعة كولورادو المسيحية، في مقاله بموقع “ذا ما سينغر”.
الوضع قد يخرج عن السيطرة
وأكد الكاتب، الذي عملَ على مدار 25 عامًا طياراً مقاتلاً وقائداً لمجموعة في القوات الجوية الأمريكية قبل أن يتقاعد في 2014، أن الوضع كاد يخرج عن السيطرة. ورغم ذلك، فإن القادة السياسيين الأمريكيين شغلوا أنفسهم بإدارة المجهود الحربي الإسرائيلي. وعليهم بدلاً من ذلك وضع استراتيجية وطنية شاملة تدمج جميع عناصر القوة الأمريكية.
وأضاف: يجب منح توجيهات وسلطات خاصة للقيادة المركزية الأمريكية للتصرف بشكلٍ استباقي الآن لتهدئة حالة التوتر وتجنب حرب إقليمية. ولا سبيل لذلك سوى باستعراض القوة الإقليمية والتصميم المطلق على دعم إسرائيل وإبعاد إيران عن الحرب.
وبدلاً من ذلك، صرَّحت نائبة الرئيس كمالا هاريس ووزير الدفاع لويد أوستن مؤخراً بأن الإدارة تركز أكثر على انتقاد المجهود الحربي الإسرائيلي. فقد حذَّر أوستن إسرائيل من أنها يجب أن تتخذ تدابير أكثر لحماية المدنيين في غزة. وانتقدت هاريس إسرائيل لقلتها كثيراً من المدنيين الفلسطينيين.
أمريكا وإسرائيل
ورغم أن الإدارة سارعت إلى تعزيز القوات الأمريكية في المنطقة بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر، فإن تصرفاتها وتصريحاتها منذ ذاك الحين تُظهر أن الولايات المتحدة تُراوغ في دعمها لإسرائيل. وبتراخيها في الرد على الهجمات التي تعرضت لها القوات الأمريكية في المنطقة، تسمح بزيادة احتمالات خطر التصعيد الإقليمي.
وقال الكاتب إن ثلاث سنوات من السياسة الخارجية الأمريكية المعيبة للغاية أنجزت ما لم يتخيله أحد منذ سنوات. وأرسى دعائم الصراع الجاري حاليّاً الدفء السريع في العلاقات بين روسيا والصين وإيران واسترضاء طهران. وإذا لم يكن أمام أمريكا سوى الرد القتالي على هجوم كذاك الذي نال من السفينة “يو إس إس كارني”، فستندلع حرب إقليمية لا محالة، وستزداد احتمالات نشوب صراع عالمي بشكلٍ كبير.
نقطة الضعف الأمريكية
وقال الكاتب إن جزءاً كبيراً من اللوم عن نقطة الضعف الأمريكية الحالية يقع على تصور مفاده أن الولايات المتحدة أمست واهنة. فقد شاهدَ العالم الجيش الأمريكي المحاصر وهو يخرج من أفغانستان خروجاً كارثيّاً عام 2021، تلاه فشله الذريع في ردع الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
ويراقب الحلفاء والأعداء على حد سواء الولايات المتحدة وهي تستمر في تجاهل عدوان الصين في بحر الصين الجنوبي وطموحاتها في تايوان. وحتى كوريا الشمالية عادت لسياستها الخارجية القديمة وراحت تطلق الصواريخ بشكلٍ مُزعزع للاستقرار.
وبدلاً من انتقاد إسرائيل، يقول الكاتب، على الولايات المتحدة التركيز على الضغط على إيران كي تبقى خارج إطار الحرب، والاشتباك الكامل مع وكلاء إيران الذين يتجاهلون اتفاقيات جنيف بتوجيه ضربات إلى السفن المدنية.
وأضاف الكاتب في الوقت الحالي، على الزعماء الأمريكيين أن يتخلوا عن الفعاليات الخطابية وينكبوا على وضع إستراتيجية وطنية للشرق الأوسط تلمس خطورة اللحظة الراهنة، على أن تشمل تلك الإستراتيجية الاستخدام القوي للأسلحة الأمريكية لحماية سفن الشحن في البحر الأحمر.
وأضاف: يجب أن يكون أمن القوات الأمريكية المتمركزة حول الشرق الأوسط ذا أهمية قصوى. ولا بد من إطلاق العنان للقيادة المركزية للتصدي لهذه التهديدات قبل أن يفضي التوتر المتزايد إلى تشجيع روسيا والصين على المشاركة في الصراع.
المصدر : موقع “24”