كريتر نت – متابعات
يرى رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” ديفيد هيرست أنه ينبغي إقامة دعوى قضائية ضد المواطنين البريطانيين الذين يشكلون جزءا من الآلة العسكرية الإسرائيلية التي ترتكب جرائم حرب في غزة لدى عودتهم للمملكة المتحدة، مع اعتقاده أن هذا الأمر “لن يحدث أبدا”.
ولفت هيرست إلى ابتهاج أرييه إسحاق كينغ نائب رئيس بلدية القدس لصور الرجال الفلسطينيين من بيت لاهيا في شمال غزة وهم حفاة عراة إلا من ملابسهم الداخلية، ويجبرون على الجلوس في الشارع، وهي صور أذهلت وأثارت حفيظة العالم.
حتى إن كينغ، كتب في منشور على منصة إكس “لو كان الأمر بيدي لكنت أرسلت جرافات دي-9 وأصدرت الأمر بدفن هذه المئات من النمل أحياء”.
وذكر هيرست أن كينغ مواطن بريطاني هاجر والداه من بريطانيا إلى إسرائيل. ورقي إلى ملازم في لواء غفعاتي بالجيش الإسرائيلي، ومن وقتها جعل مهمة حياته تهويد القدس الشرقية المحتلة، ولا يزال يحمل الجنسية البريطانية.
وعلق هيرست أن هذا الشخص بوصفه مواطنا بريطانيا، سيكون موضع اهتمام فريق جرائم الحرب التابع لشرطة العاصمة لندن، والذي يتحمل مسؤولية دعم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في أي جرائم حرب ترتكبها إسرائيل أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ذكرى العماليق
وقال هيرست إنه إذا عاد كينغ للظهور في بريطانيا، فقد يضطر إلى الرد على التعليقات التي أدلى بها حول الشعب الفلسطيني.
ومن هذه التصريحات قوله إن الفلسطينيين “ليسوا بشرا، وليسوا حيوانات بشرية، وإنهم دون البشر وهذه هي الطريقة التي يجب معاملتهم بها”، و”أبيدوا ذكرى العماليق ولا تنسوا أبدا”، وذلك في إشارة إلى آية توراتية تدعو لإبادة كل رجل وامرأة وطفل وماشيتهم ممن ينتسبون لعدو قديم للشعب اليهودي.
وذكر هيرست بعض المواطنين البريطانيين العاملين مع الجيش الإسرائيلي، وكيف أنهم يبررون جرائم الحرب في غزة.
وأشار إلى أن العدد الفعلي لليهود البريطانيين والمزدوجي الجنسية الذي يقاتلون في الجيش الإسرائيلي هو سر تخفيه إسرائيل والحكومة البريطانية.
ومع ذلك نقل عن سام سانك، جندي احتياط بالجيش الإسرائيلي من ستانمور في شمال لندن، قوله لصحيفة صنداي تايمز إنه بناء على عدد أصدقائه في الجيش، كان هناك “مئات إن لم يكن آلاف” البريطانيين الآخرين يقاتلون في إسرائيل.
وقال هيرست إن الأعداد المشاركة ليست السؤال الوحيد الذي رفضت الحكومة البريطانية الإجابة عنه، فقد سبق وسألت البارونة سيدة وارسي، بعد استقالتها من مجلس الوزراء، عن دعم بريطانيا للعملية الإسرائيلية السابقة في غزة عام 2014.
تبرير للجرائم
وهذا السؤال نفسه يطرحه اليوم محامون يمثلون المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين وهو “هل يعتبر سفر المواطنين البريطانيين إلى إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة للقتال مع الجيش الإسرائيلي أو أي دولة أخرى أو جهة غير حكومية جريمة جنائية؟”.
وعلق الكاتب بأنه سؤال لا تريد وزارة الخارجية ولا وزارة الداخلية الإجابة عنه.
ويرى الكاتب أن هناك سببا بسيطا لصمتهم هذا، وهو أنهم إذا قالوا إنها ليست جريمة جنائية أن يقاتل مواطن مزدوج الجنسية من بريطانيا وإسرائيل في الجيش الإسرائيلي، على أساس أن إسرائيل دولة ذات سيادة، فكيف يفسرون حظرهم الصريح للبريطانيين القتال في أوكرانيا؟.
وأشار إلى نصيحة وزارة الخارجية الواضحة بشأن أوكرانيا التي قالت فيها “إذا سافرت إلى أوكرانيا للقتال، أو لمساعدة الآخرين المشاركين في الحرب، فقد ترقى أنشطتك إلى جرائم بموجب تشريعات المملكة المتحدة، ويمكن مقاضاتك عند عودتك”. ومع ذلك لم يُعبر عن مثل هذه المخاوف بشأن إسرائيل.
وألمح هيرست إلى أنه عندما طرح السؤال نفسه في البرلمان أشار وزير الأمن في وزارة الداخلية، توم توجندهات، إلى أن بريطانيا تعترف بحق مزدوجي الجنسية في التسجيل في الخدمة العسكرية في بلد جنسيتهم الأخرى.
وتساءل الكاتب، هل تعترف بريطانيا بحق السوريين البريطانيين في القتال مع الرئيس بشار الأسد؟.
لكن توجندهات تابع قائلا إن “أي شخص يسافر إلى مناطق النزاع للانخراط في نشاط غير قانوني يجب أن يتوقع استجوابه عند عودته”.
مقبرة للقانون
وبناء على ذلك، اعتبر هيرست كل ما يفعله الجيش الإسرائيلي بسكان غزة المدنيين، من تشريد وقصف شامل وتحويل المستشفيات لساحات قتال واستهداف المرضى المصابين الذي يحاولون الإخلاء وقصف ملاجئ الأمم المتحدة وتعرية المدنيين وإجبار الواحد منهم على حمل كلاشينكوف، غير قانوني ويشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي القديم.
وقال إن كون الشخص المزدوج الجنسية جزءا من الآلة العسكرية التي ترتكب هذه الجرائم الشنيعة، سواء كمقاتل أو متحدث رسمي، من شأنه أن يجعل الشخص بحكم الأمر الواقع عرضة للمحاكمة عند عودته للمملكة المتحدة.
ومع ذلك يرى هيرست أن الحكومة البريطانية تحت أي رئيس وزراء ستبذل وسعها لمنع حدوث مثل هذا الأمر.
وتساءل “هل من الصواب حقا أن يقاتل يهودي بريطاني مع إسرائيل، فيما يفترض هو أو هي أنها ساعة الحاجة إليه، وليس صوابا أن ينضم الفلسطينيون البريطانيون إلى الجماعات غير المحظورة مثل حركة فتح ويدافعون عن قريتهم أو بلدتهم في الضفة الغربية المحتلة؟”.
وهل من الصواب عدم اتخاذ أي إجراء ضد البريطانيين الذين يبررون جرائم الحرب، في وقت يقاضى المؤيدون الفلسطينيون الذين يتظاهرون في شوارع لندن بتهمة خطاب الكراهية؟.
وما الذي يمكن أن يكون أشد حضا على الكراهية من الرغبة في رؤية المدنيين الأبرياء يدفنون أحياء؟ وكيف يمكن تطبيق هذا المعيار المزدوج دون التأثير على العلاقات المجتمعية في بريطانيا؟.
وخلص المقال إلى أن الإجابة العادلة الوحيدة لكل هذه الأسئلة هي منع جميع المواطنين البريطانيين من القتال في الخارج، بغض النظر عن البلد أو السبب، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تصبح مقبرة للجهود الرامية لإنفاذ القانون الدولي وإنشاء نظام عالمي قائم على القواعد فحسب، بل مقبرة أيضا لسيادة القانون في بريطانيا.